غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

محمد بن أحمد السفاريني ت. 1188 هجري
94

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

الناشر

مؤسسة قرطبة

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٤ هجري

مكان النشر

مصر

تصانيف

التصوف
حَالٍ لَا يُبَاحُ إلَّا لِحَقِّهِ، فَلِذَلِكَ عَمَّ الْأَمْرُ بِحِفْظِهِ، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ الْعَيْنَ مِرْآةَ الْقَلْبِ، فَإِذَا غَضَّ الْعَبْدُ بَصَرَهُ غَضَّ الْقَلْبُ شَهْوَتَهُ وَإِرَادَتَهُ، وَإِذَا أَطْلَقَ بَصَرَهُ أَطْلَقَ الْقَلْبُ شَهْوَتَهُ. انْتَهَى. فَاَللَّهَ اللَّهَ فِي غَضِّ بَصَرِك لِيَسْلَمَ لَك دِينُك وَآخِرَتُك، وَأَمَّا مَا يُرَوِّجُهُ الشُّعَرَاءُ الْفُسَّاقُ، وَيَنْسُبُونَهُ لِلْأَئِمَّةِ مِنْ تَزَخْرُفِ الْأَشْعَارِ فَبَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ، كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُحَقِّقِ فِي رَوْضَةِ الْمُحِبِّينَ، وَالدَّاءِ وَالدَّوَاءِ وَغَيْرِهِمَا، فَمِنْ ذَلِكَ مَا يُنْسَبُ لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ ﵁ أَنَّهُ قَالَ: يَقُولُونَ لَا تَنْظُرْ وَتِلْكَ بَلِيَّةٌ ... أَلَا كُلُّ ذِي عَيْنَيْنِ لَا شَكَّ نَاظِرُ وَلَيْسَ اكْتِحَالُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ رِيبَةً ... إذَا عَفَّ فِيمَا بَيْنَ ذَاكَ الضَّمَائِرِ وَأَنَّهُ كَتَبَ إلَيْهِ رِجَالٌ فِي رُقْعَةٍ: سَلْ الْمُفْتِيَ الْمَكِّيَّ هَلْ فِي تَزَاوُرٍ ... بِنَظْرَةِ مُشْتَاقِ الْفُؤَادِ جُنَاحٌ فَأَجَابَهُ الشَّافِعِيُّ: مَعَاذَ إلَهِ الْعَرْشِ أَنْ يُذْهِبَ التُّقَى ... تَلَاصُقُ أَكْبَادٍ بِهِنَّ جِرَاحٌ وَأَنَّهُ سُئِلَ أَيْضًا بِمَا لَفْظُهُ: أَقُولُ لِمُفْتِي خَيْفِ مَكَّةَ وَالصَّفَا ... لَك الْخَيْرُ هَلْ فِي وَصْلِهِنَّ حَرَامُ وَهَلْ فِي صُمُوتِ الْحَجْلِ مَهْضُومَةَ الْحَشَا ... عَذَابُ الثَّنَايَا أَنْ لَثَمْتَ حَرَامُ فَوَقَعَ الشَّافِعِيُّ مِنْهَا مَا لَفْظُهُ: فَقَالَ لِي الْمُفْتِي وَفَاضَتْ دُمُوعُهُ ... عَلَى الْخَدِّ مِنْ عَيْنٍ وَهُنَّ تَوَامٌّ أَلَا لَيْتَنِي قَبَّلْت تِلْكَ عَشِيَّةً ... بِبَطْنِ مِنًى وَالْمُحْرِمُونَ قِيَامُ وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا مَا زَوَّرُوهُ عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِ كُلِّ أَحَدٍ بِجُمُودِهِ مَعَ النَّصِّ فَقَالُوا: سَأَلْت إمَامَ النَّاسِ نَجْلَ بْنَ حَنْبَلٍ ... عَنْ الضَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ هَلْ فِيهِ مِنْ بَاسِ فَقَالَ إذَا حَلَّ الْغَرَامُ فَوَاجِبٌ ... لِأَنَّك قَدْ أَحْيَيْت عَبْدًا مِنْ النَّاسِ وَمَا زَوَّرُوهُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ: كَتَبْنَا إلَى النُّعْمَانِ يَوْمًا رِسَالَةً ... نُسَائِلُهُ عَنْ لَثْمِ حِبٍّ مُمَنَّعٍ فَقَالَ لَنَا لَا إثْمَ فِيهِ وَإِنَّهُ ... شَهِيٌّ إذَا كَانَتْ لِعَشْرٍ وَأَرْبَعٍ

1 / 101