140

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

الناشر

مؤسسة قرطبة

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٤ هجري

مكان النشر

مصر

تصانيف

التصوف
ابْنُ عُمَرَ: أَنْتُمْ أَكْثَرُ مِنَّا طَوَافًا وَصِيَامًا وَنَحْنُ خَيْرٌ مِنْكُمْ، نَحْنُ نَلْتَزِمُ صِدْقَ الْحَدِيثِ وَأَدَاءَ الْأَمَانَةِ وَإِنْجَازَ الْوَعْدِ. وَأَنْشَدَ مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ: أَصْدِقْ حَدِيثَك إنَّ فِي الصِّدْقِ ... الْخَلَاصَ مِنْ الْكَذِبِ وَقَالَ آخَرُ: وَدَعْ الْكَذُوبَ لِسَانُهُ ... خَيْرٌ مِنْ الْكَذِبِ الْخَرَسُ وَقَالَ آخَرُ: مَا أَقْبَحَ الْكَذِبَ الْمَذْمُومَ صَاحِبُهُ ... وَأَحْسَنَ الصِّدْقَ عِنْدَ اللَّهِ وَالنَّاسِ وَقَالَ آخَرُ: الصِّدْقُ أَوْلَى مَا بِهِ ... دَانَ الْفَتَى فَاجْعَلْهُ دَيْنًا وَدَعْ النِّفَاقَ فَمَا ... رَأَيْت مُنَافِقًا إلَّا مُهِينًا وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: لَا تَسْتَقِيمُ أَمَانَةُ رَجُلٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ، وَلَا يَسْتَقِيمُ لِسَانُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ عُرِفَ بِالصِّدْقِ جَازَ كَذِبُهُ، وَمَنْ عُرِفَ بِالْكَذِبِ لَمْ يَجُزْ صِدْقُهُ. وَقَالُوا: الصِّدْقُ عِزٌّ، وَالْكَذِبُ خُضُوعٌ. وَقَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ احْذَرْ الْكَذِبَ فَإِنَّهُ شَهِيٌّ كَلَحْمِ الْعُصْفُورِ، مَنْ أَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا لَمْ يَصْبِرْ عَنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (خَاتِمَةٌ) الْكَذِبُ مِنْ حَيْثُ هُوَ حَرَامٌ إلَّا فِيمَا تَقَدَّمَ، وَلَكِنَّهُ مِنْ الصَّغَائِرِ فِي الْمُعْتَمَدِ، مَا لَمْ يَكُنْ كَذِبًا عَلَى اللَّهِ أَوْ رَسُولِهِ ﷺ أَوْ رَمَى بِفِتْنَةٍ فَكَبِيرَةٍ. وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي كِتَابِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ الْكَبَائِرِ إيضَاحًا تَامًّا. وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. [مَطْلَبُ: الزَّمَّارِ مُؤَذِّنُ الشَّيْطَانِ] وَيَحْرُمُ مِزْمَارٌ وَشَبَّابَةٌ وَمَا ... يُضَاهِيهِمَا مِنْ آلَةِ اللَّهْوِ وَالرَّدِي (وَيَحْرُمُ) لِثُبُوتِ النَّهْيِ الصَّرِيحِ بِالنَّقْلِ الصَّحِيحِ (مِزْمَارٌ) وَهُوَ مَا يُزَمَّرُ بِهِ، يُقَالُ زَمَرَ يَزْمِرُ وَيُزَمِّرُ زَمْرًا وَزَمِيرًا وَزَمَّرَ تَزْمِيرًا غَنَّى فِي الْقَصَبِ، وَهِيَ زَامِرَةٌ وَهُوَ زَمَّارٌ وَزَامِرٌ قَلِيلٌ، وَفِعْلُهُمَا الزَّمَّارَةُ كَالْكِتَابَةِ، وَمَزَامِيرُ دَاوُد مَا كَانَ يَتَغَنَّى بِهِ مِنْ الزَّبُورِ وَضُرُوبِ الدُّعَاءِ، وَجَمْعُ مِزْمَارٍ

1 / 147