غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

محمد بن أحمد السفاريني ت. 1188 هجري
121

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

الناشر

مؤسسة قرطبة

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٤ هجري

مكان النشر

مصر

تصانيف

التصوف
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ «الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ مِنْ الْإِيمَانِ وَهُمَا يُقَرِّبَانِ مِنْ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدَانِ مِنْ النَّارِ، وَالْفُحْشُ وَالْبَذَاءُ مِنْ الشَّيْطَانِ وَهُمَا يُقَرِّبَانِ مِنْ النَّارِ وَيُبَاعِدَانِ مِنْ الْجَنَّةِ» فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ لِأَبِي أُمَامَةَ إنَّا لَنَقُولُ فِي الشِّعْرِ الْعَيُّ مِنْ الْحُمْقِ، فَقَالَ إنِّي أَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «وَتُجِيبُنِي بِشَعْرِك الْمُنْتِنِ» . وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِاخْتِصَارٍ وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الثَّوَابِ وَاللَّفْظُ لَهُ عَنْ قُرَّةَ بْنِ إيَاسٍ ﵁ قَالَ «كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَذُكِرَ عِنْدَهُ الْحَيَاءُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَيَاءُ مِنْ الدِّينِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَلْ هُوَ الدِّينُ كُلُّهُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إنَّ الْحَيَاءَ وَالْعَفَافَ وَالْعَيَّ عَنْ اللِّسَانِ لَا عَنْ الْقَلْبِ وَالْعِفَّةُ مِنْ الْإِيمَانِ وَإِنَّهُنَّ يَزِدْنَ فِي الْآخِرَةِ وَيَنْقُصْنَ مِنْ الدُّنْيَا، وَمَا يَزِدْنَ فِي الْآخِرَةِ أَكْثَرُ مِمَّا يَنْقُصْنَ مِنْ الدُّنْيَا، وَإِنَّ الشُّحَّ وَالْعَجْزَ وَالْبَذَاءَ مِنْ النِّفَاقِ وَإِنَّهُنَّ يَزِدْنَ فِي الدُّنْيَا وَيَنْقُصْنَ مِنْ الْآخِرَةِ وَمَا يَنْقُصْنَ مِنْ الْآخِرَةِ أَكْثَرُ مِمَّا يَزِدْنَ مِنْ الدُّنْيَا» . وَيَحْرُمُ أَيْضًا (خَدِيعَةٌ) أَيْ إرَادَةُ الْمَكْرُوهِ بِالْمُسْلِمِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: خَدَعَهُ كَمَنَعَهُ خَدْعًا وَيُكْسَرُ خَتَلَهُ وَأَرَادَ بِهِ الْمَكْرُوهَ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ كَاخْتَدَعَهُ فَانْخَدَعَ وَالِاسْمُ الْخَدِيعَةُ، وَالْحَرْبُ خُدْعَةٌ مُثَلَّثَةٌ وَكَهُمَزَةٍ. قَالَ فِي الْمَشَارِقِ فِي قَوْلِهِ ﷺ «الْحَرْبُ خُدْعَةٌ» كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَأَكْثَرُ الرِّوَايَات لِلصَّحِيحَيْنِ وَضَبَطَهَا الْأَصِيلِيُّ خُدْعَةٌ بِالضَّمِّ. قَالَ أَبُو ذَرٍّ لُغَةُ النَّبِيِّ ﷺ بِالْفَتْحِ وَبِهِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَحَكَى يُونُسُ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ وَوَجْهًا ثَالِثًا خُدَعَةٌ بِضَمِّ الْخَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ، وَلُغَةً رَابِعَةً بِفَتْحِهِمَا. فَالْخَدْعَةُ يَعْنِي بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بِمَعْنَى أَنَّ أَمْرَهَا يَنْقَضِي بِخُدْعَةٍ وَاحِدَةٍ يَخْدَعُ بِهَا الْمَخْدُوعَ فَتَزَلُّ قَدَمُهُ وَلَا يَجِدُ لَهَا تَلَافِيًا وَلَا إقَالَةً، فَكَأَنَّهُ نَبَّهَ عَلَى أَخْذِ الْحَذَرِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ. وَمَنْ ضَمَّ الْخَاءَ وَسَكَّنَ الدَّالَ فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا تَخْدَعُ يَعْنِي أَهْلَهَا وَمُبَاشِرِيهَا. وَمَنْ ضَمَّ الْخَاءَ وَفَتَحَ الدَّالَ نَسَبَ الْفِعْلَ إلَيْهَا أَيْ تَخْدَعُ هِيَ مَنْ اطْمَأَنَّ إلَيْهَا وَأَنَّ أَهْلَهَا يُخْدَعُونَ فِيهَا. وَمَنْ فَتَحَهُمَا جَمِيعًا كَانَ جَمْعُ خَادِعٍ يَعْنِي أَنَّ أَهْلَهَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا يُطْمَأَنُّ إلَيْهِمْ كَأَنَّهُ قَالَ أَهْلُ الْحَرْبِ خُدْعَةٌ ثُمَّ حَذَفَ الْمُضَافَ. قَالَ وَأَصْلُ الْخُدَعِ إظْهَارُ أَمْرٍ وَإِضْمَارُ

1 / 128