غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

محمد بن أحمد السفاريني ت. 1188 هجري
115

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

الناشر

مؤسسة قرطبة

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٤ هجري

مكان النشر

مصر

تصانيف

التصوف
رِوَايَتَيْنِ، وَظَاهِرُ النَّظْمِ الْمَنْعُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ﵁: وَلَعْنُ تَارِكِ الصَّلَاةِ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ جَائِزٌ، وَأَمَّا لَعْنُهُ الْمُعَيَّنُ فَالْأَوْلَى تَرْكُهَا لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَتُوبَ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: قِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ﵁: أَيُؤْخَذُ الْحَدِيثُ عَنْ يَزِيدَ؟ فَقَالَ لَا وَلَا كَرَامَةَ، أَوَ لَيْسَ هُوَ فَعَلَ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا فَعَلَ. وَقِيلَ لَهُ: إنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ إنَّا نُحِبُّ يَزِيدَ، فَقَالَ وَهَلْ يُحِبُّ يَزِيدَ مَنْ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. فَقِيلَ لَهُ أَوَلَا تَلْعَنُهُ؟ فَقَالَ مَا رَأَيْت أَبَاك يَلْعَنُ أَحَدًا وَفِي رِوَايَةٍ مَتَى رَأَيْت أَبَاك لَعَّانًا؟ وَقَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي لَعْنَةِ يَزِيدَ: أَجَازَهَا الْعُلَمَاءُ الْوَرِعُونَ، مِنْهُمْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ﵁، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَبْدُ الْمُغِيثِ الْحَرْبِيُّ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا، ذَكَرَهُ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى قَالَ لَكِنْ مِنْهُمْ مَنْ بَنَى الْأَمْرَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِسْقُهُ، وَكَلَامُ عَبْدِ الْمُغِيثِ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَفِيهِ نَوْعُ انْتِصَارٍ ضَعِيفٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ بَنَى الْأَمْرَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُلْعَنُ الْفَاسِقُ الْمُعَيَّنُ. وَشَنَّعَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ اسْتِجَازَةَ ذَمِّ الْمَذْمُومِ وَلَعْنِ الْمَلْعُونِ كَيَزِيدَ. قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي حَقِّ يَزِيدَ مَا يَزِيدُ عَلَى اللَّعْنَةِ، وَذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُعْتَمَدِ مِنْ رِوَايَةِ صَالِحٍ: وَمَالِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ ﷿ فِي كِتَابِهِ، إنْ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ قَالَ وَصَنَّفَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ كِتَابًا فِي بَيَانِ مَنْ يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ وَذَكَرَ فِيهِمْ يَزِيدَ، قَالَ وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ لَعْنُ مَنْ فَعَلَ مَا لَا يُقَارِبُ مِعْشَارَ عُشْرِ مَا فَعَلَ يَزِيدُ، وَذَكَرَ الْفِعْلَ الْعَامَّ كَالْوَامِصَةِ وَأَمْثَالِهِ، وَذَكَرَ رِوَايَةَ أَبِي طَالِبٍ سَأَلْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَمَّنْ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لَا أَتَكَلَّمُ فِي هَذَا، الْإِمْسَاكُ أَحَبُّ إلَيَّ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَدُلُّ عَلَى اشْتِغَالِ الْإِنْسَانِ بِنَفْسِهِ عَنْ لَعْنِ غَيْرِهِ، وَالْأَوْلَى عَلَى جَوَازِ اللَّعْنَةِ كَمَا قُلْنَا فِي تَقْدِيمِ جَوَازِ التَّسْبِيحِ عَلَى لَعْنَةِ إبْلِيسَ، وَسَلَّمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ تَرْكَ اللَّعْنِ أَوْلَى. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اُدْعُ اللَّهَ ﷿ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: إنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا وَإِنَّمَا بُعِثْت رَحْمَةً» قَالَ فِي رِوَايَةِ الْحَافِظِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ: وَقَدْ لَعَنَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ﵁ مَنْ يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ. وَقَالَ مُسَدَّدٌ: قَالَتْ الْوَاقِفِيَّةُ الْمَلْعُونَةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ الْمَلْعُونَةُ.

1 / 122