فإن محتالًا من شبان اليهود نشأ بسواد الموصل، يقال له: "مناحيم بن
سليمان.
ويعرف "بابن الروجى"، وكان ذا جمالٍ في صورته، وقد تفقه في دينهم،
بالإضافة إلى الخمر من اليهود الساكنين بالناحية المعروفة بالعمادية من بلد الموصل.
وكان المتولي للقلعة هناك ذا ميل إلى ذلك المحتال وحب له، لحسن اعتقاد فيه، ولما توهم فيه من ديانة تظاهر بها، بحيث كان الوالى يسعى إلى زيارته، فطمع ذلك المحتال في جانب الوالى، واستضعف عقله، فتوهم أنه يتمكن من الوثوب على القلعة وأخذها، وأنها تضحى له معقلًا حصينًا، فكتب إلى اليهود المستقرين بنواحى بلاد أذربيجان، وما والاها، لأنه علم أن يهود الأعاجم أقوى جهالة من سائر اليهود. وذكر في كتبه أنه قائم قد غار لليهود من يد المسلمين، وخاطبهم بأنواع من المكر والخديعة. فمن بعض فصول كتبه التي رأيتها تحوى ما هذا معناه.
" ولعلكم تقولون هذا لأىِّ شىء قد استفزَّنا لحرب أم لقتال؟، لسنا
نريدكم لحرب ولا لقتال، بل لتكونوا واقفين بين يدى هذا القائم، ليراكم هناك من يغشاه من رسل الملوك الذين ببابه ".
وفى أواخر الكتب: "ينبغى أن يكون مع كل واحدٍ منكم سيف أو غيره من
آلات الحرب، ويخفيه تحت أثوابه ".
1 / 91