غرائب الاغتراب ونزهة الألباب في الذهاب والإقامة والإياب

شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي (المتوفى: 1270هـ) ت. 1270 هجري
99

غرائب الاغتراب ونزهة الألباب في الذهاب والإقامة والإياب

تصانيف

الجغرافيا
) ومنهم ذو الحظ الذي هو لفسطاط دنياه عماد. حضرة عبد القادر باشا الذي كان كمركجي بغداد (. وزيادة شهرته. تغني عن ترجمته. وقد جذبني بسلاسل حب شيخ الإسلام إياه وأزمة أوهامي إليه. فكنت لإشارة المشار إليه لا زال اللطف منهلًا عليه في معظم الأيام والليالي ثاويًا بين يديه. وكان يؤنسني بطيب كلامه ومزيد تواضعه. وقد نلت بتوسطه عند شيخ الإسلام معظم ما حصل لي من منافعه. ورأيت له قبولًا عظيمًا عند الرجال. وكانوا يحلونه أعلى محل ويجلونه غاية الإجلال. وكان بصدد أن يتسور وزارة بغداد. وقد أرادها له معظم الوكلاء إلا أن الله تعالى ما أراد. وكان في معيته حضرة ذي الخلق العطر الندي. أبو المحاسن معتمده البغدادي أحمد أفندي. وقد شاهدت من غيرته على البغاددة العجب العجاب. وكان لي هناك من أحب الأحباب وأصدق الأخلاء والأصحاب. وقد جعلني من حسن أخلاقه ممنونًا. وسرني بحسن معاملته وكنت محزونًا. جزاه الله تعالى عني خيرًا. ووقاه في الدارين ضيرًا. وكان معه أيضًا ذو الجد العلي. أحمد جلبي كاكه الموصلي. لكنه فارقه إذ صار كتخدا. للشريف عبد المطلب لما أخذ بيده الحظ إلى إمارة الحجاز وحدا. وحال كلا الرجلين مشهور في العراق. فلا حاجة إلى ترجمتيهما في هذه الأوراق. وإن كانت حلوة المذاق. ) ومنهم مرشدي إلى طريق السوي في مذاهبي. حضرة من لا يساوي معظم التجار شسع نعله الحاج بكر أغا القباقبي (. أصله من أهل دمشق الشام. وفي أجداده الميامين علماء أعلام. وأبوه الحاج أمين أغا كان تاجرًا ميسورًا. وبفعل الخير في دمشق الشام ونواحيها مشهورًا. وللشيخ عمر البربير. أو الشيخ أمين الجندي الحمصي قصيدة في رثائه. تدل على سمو قدره وعلائه. أولها: ألا أن عيني لا يشح معينها ... فهل في البكا والنوح خل معينها إذا لم أبح سحب الدموع تأسفًا ... على فقد أحبابي لمن ذا أصونها ومنها: وفي الشام هل ترجى الإقامة بعدما ... ترحل عن وادي دمشق أمينها ومنها وقد أجاد فيه: إذا جاد لم تعلم يسار يساره ... بما أنفقته أو حبته يمينها وفي البيت الأول ما لا يخفى. وقد جاء هذا المترجم مع أخيه إلى دار الخلافة. فتوفي ذلك الأخ وأقام هو خلافه. واتخذ هناك عشًا فرخ فيه وبيض. واكتفى عن الوطن بما جعل له من الأحباب وتعوض. وقد رأيته محبوبًا عند الوكلاء العظام. وله في قلب شيخ الإسلام أعلى مقام. ولهم معه مزاح ممزوج بتعظيم. وفكاهة ألطف من التسنيم. وهو للخل أحلى من الشهد. ويجهد في مصلحته غاية الجهد. وقد اتحدت معه غاية الاتحاد. واتخذت فكاهته فاكهة الفؤاد. وكان يمشي معي في الأسواق. لشراء ما يلزمني في العود إلى العراق. وحسن فعله. يشهد بطيب أصله. وهو اليوم شاهبندر تجار الدولة العلية الباهرة. وقد ربط خيول إقامته هناك في رتبة إسطبل عامرة. ويتخيل المشيرية. وربما يدعيها أناء المزح مع وطلاء الدولة العلية. وكنت أقول له أنت المشير الخيالي. فينشرح حضرة الصدر العالي. مما يخيل من وراء حجاب مقالي. والذي شجعه على تخيل هذه الرتبة القعساء. أنه قد امتطاها كثير ممن النسبة بينهم وبينه كالنسبة بين الأرض والسماء. بل فاز بها في هذه الأثناء. من لو عد شيئًا خاصمت العاد يوم الحساب سائر الأشياء. وبالجملة أن الرجل نجيب. وقد أوتي من قداح الوفاء المعلى والرقيب. لا يصر على غضب. ولا يضر نفسه إذا خلا بخواص أحبابه بتحمل ثقيل أدب. وعينه ليست بضيقة في الطعام. على خلاف بعض من شاهدناهم ممن له نسبة ما إلى بلاد الشام. ولقد رأيت عينه على سعة ذات يده بين قومه. أضيق بكثير من أسته ولكن يوم سقط من فرج أمه. وهذا أعني المترجم على ضيق ذات يده في هاتيك المعالم. أوسع إذا مدت الموائد من جفنة جده هاشم. أسأل الله تعالى أن يزيد ثروته. ويحفظ من الأكدار عيشته.

1 / 99