غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )

أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد مكي الحسيني الحموي الحنفي ت. 1098 هجري
6

غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٥هـ - ١٩٨٥م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ [غمز عيون البصائر] الْعَالَمِينَ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ وَهُوَ اخْتِصَاصُهُ تَعَالَى بِهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ مَعْنَاهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُتَصَرِّفُ فِي أُمُورِ غَيْرِهِ وَهَذَا لَا يَلِيقُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ الْقَائِلُ بِالتَّفْصِيلِ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ الْأَغْلَبِيِّ وَالْمُعَرَّفُ بِاللَّامِ هُوَ الْمَعْرُوفُ الْمَعْهُودُ بِالْعَظَمَةِ وَكَوْنُهُ مَلْجَأً أَوْ هُوَ أَيْضًا لَا يَلِيقُ بِغَيْرِهِ وَضَعْفُهُ ظَاهِرٌ لِمَا مَرَّ. ١ - وَمُحَمَّدٌ عَلَمٌ شَخْصِيٌّ لِنَبِيِّنَا ﷺ فِيهِ مَعْنَى اللَّقَبِ مِنْ حَيْثُ إشْعَارِهِ بِالْمَدْحِ ذَكَرَهُ مُلَّا شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَهُوَ أَشْهَرُ أَسْمَائِهِ الشَّرِيفَةِ وَهِيَ أَلْفٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَقِيلَ ثَلَثُمِائَةٍ وَقِيلَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَهُوَ مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ مَفْعُولِ الْفِعْلِ الْمُضَعَّفِ أَيْ الْمُكَرَّرِ الْعَيْنِ وَهُوَ حُمِّدَ بِالتَّشْدِيدِ سَمَّاهُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِمَوْتِ أَبِيهِ فِي سَابِعِ وِلَادَتِهِ بِإِلْهَامٍ تَفَاؤُلًا بِأَنْ يَكْثُرَ حَمْدُ الْخَلْقِ لَهُ. وَفِي السِّيَرِ قِيلَ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِمَ سَمَّيْت ابْنَك مُحَمَّدًا وَلَيْسَ مِنْ أَسْمَاءِ آبَائِكَ وَلَا قَوْمِك قَالَ رَجَوْت أَنْ يُحْمَدَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ رَجَاءَهُ لِمَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ. وَقِيلَ لَمْ يُسَمَّ بِهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ إلَّا خَمْسَةُ عَشَرَ كَمَا بَيَّنَهُ بَعْضُهُمْ وَأَمَّا اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمْ يُسَمَّ بِهِ أَحَدٌ قَبْل وِلَادَتِهِ وَقِيلَ إنَّ اللَّهَ سَمَّاهُ قَبْلَ خَلْقِ الْخَلْقِ بِأَلْفَيْ عَامٍ وَاشْتُقَّ لَهُ مِنْ الْحَمْدِ اسْمَانِ أَحَدُهُمَا يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ فِي الْمَحْمُودِيَّةِ وَهُوَ مُحَمَّدٌ وَالْآخَرُ يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ فِي الْحَامِدِيَّةِ وَهُوَ أَحْمَدُ، وَاشْتَهَرَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا وَهُوَ الْأَفْضَلُ عَلَى الْأَصَحِّ اشْتِهَارًا أَكْثَرَ وَخَصَّ بِهِ. كَلِمَةَ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِمَا لَهُ مِنْ مَقَامِ الْمَحْمُودِيَّةِ وَهَذَا كُلُّهُ مَشْهُورٌ إلَّا التَّصْرِيحُ بِالْأَفْضَلِيَّةِ فَنَقَلَهُ بَعْضُ مَشَايِخِ شُيُوخِنَا. هَذَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ أَحْمَدَ يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ فِي الْحَامِدِيَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَنْقُولٌ مِنْ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَنْقُولٌ مِنْ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ كَمَا قِيلَ بِهِ، فَلَا. وَقَدْ ادَّعَى السَّخَاوِيُّ فِي سَفَرِ السَّعَادَةِ وَسَفِيرِ الْإِفَادَةِ أَنَّ أَحْمَدَ أَبْلَغُ مِنْ مُحَمَّدٍ كَمَا أَنَّ أَحْمَرَ أَبْلَغُ مِنْ مُحَمَّرٍ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَيْسَ مَنْقُولًا مِنْ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ وَلَا هُوَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ إنَّمَا مِثَالُ هَذَا أَنْ يُقَالَ لَك أَيْنَ مِنْ كَرَمَ أَفْعَلُ فَتَقُولُ أَكْرَمَ وَمِنْ هَذَا " اللَّهُ أَكْبَرُ ". وَذَكَرَ الْكَافِيجِيُّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهُ بِأَحْمَدَ قَبْلَ أَنْ سَمَّاهُ بِمُحَمَّدٍ لِلْآيَةِ أَعْنِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ [الصف: ٦] (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَمَا اشْتَهَرَ مِنْ أَنَّ مُحَمَّدًا مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ مَفْعُولِ الْفِعْلِ الْمُضَعَّفِ كَمَا سَبَقَ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وَقِيلَ مَنْقُولٌ مِنْ الْمَصْدَرِ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ كَمَا تَكُونُ اسْمَ مَفْعُولٍ كَمَا هُوَ الْكَثِيرُ تَكُونُ مَصْدَرًا كَمَا فِي

1 / 14