غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٥هـ - ١٩٨٥م
نَظَرِ كُلِّ خَاطِبٍ؛ فَنَاسَبَ التَّيَسُّرُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَلَهُ الْخِيَارُ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ
٤٨ -، وَمِنْ ثَمَّ قُلْنَا: إنَّ الْأَمْرَ إيجَابٌ فِي النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَمِنْ هُنَا وَسَّعَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ ﵀ فَجَوَّزَهُ بِلَا وَلِيٍّ وَمِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ عَدَالَةِ الشُّهُودِ، وَلَمْ يُفْسِدْهُ بِالشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ، وَلَمْ يَخُصَّهُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ، بَلْ قَالَ ٤٩ -: يَنْعَقِدُ بِمَا يُفِيدُ مِلْكَ الْعَيْنِ لِلْحَالِ، وَصَحَّحَهُ بِحُضُورِ ابْنَيْ الْعَاقِدَيْنِ وَنَاعِسِينَ وَسُكَارَى يَذْكُرُونَهُ بَعْدَ الصَّحْوِ، وَبِعِبَارَةِ النِّسَاءِ وَجَوَّزَ شَهَادَتَهُنَّ فِيهِ، فَانْعَقَدَ بِحَضْرَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، كُلُّ ذَلِكَ دَفْعًا لِمَشَقَّةِ الزِّنَا وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ.
وَمِنْ هُنَا قِيلَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ قُلْنَا أَيْ مِنْ هَاهُنَا، أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فِي النِّكَاحِ دُونَ الْبَيْعِ. قُلْنَا: الْأَمْرُ إيجَابٌ فِي النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ قَوْلَهُ: زَوِّجْنِي تَوْكِيلٌ، وَقَوْلَهُ: زَوَّجْتُك قَائِمٌ مَقَامَ الطَّرَفَيْنِ، بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ لِمَا عُرِفَ أَنَّ الْوَاحِدَ فِي النِّكَاحِ يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَلَمْ يَطَّلِعْ صَاحِبُ الدُّرَرِ، وَالْغُرَرِ عَلَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ فَاعْتَرَضَ عَلَى الْكَنْزِ بِأَنَّهُ خَالَفَ الْقَوْمَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هُنَا ثَمَانِيَةَ مَوَاطِنَ يَكُونُ الْأَمْرُ إيجَابًا فِي بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ: مِنْهَا الْبَيْعُ، وَالْإِقَالَةُ لَا يَكُونُ الْأَمْرُ فِيهِمَا إيجَابًا، وَالنِّكَاحُ، وَالْخُلْعُ هُوَ فِيهِمَا إيجَابٌ هَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَالْخَامِسُ لَوْ قَالَ لِعَبْدٍ: اشْتَرِ نَفْسَك مِنِّي بِكَذَا فَقَالَ: فَعَلْتُ عَتَقَ وَالسَّادِسُ لَوْ قَالَ: هَبْ لِي هَذَا الْعَبْدَ فَقَالَ: وَهَبْت مِنْك تَمَّ. وَالسَّابِعُ قَالَ لِصَاحِبِ دَيْنٍ: أَبْرِئْنِي فَقَالَ: أَبْرَأْتُك يَتِمُّ. وَالثَّامِنُ قَالَ: اُكْفُلْ نَفْسَ فُلَانٍ لِفُلَانٍ فَقَالَ: كَفَلْت يَتِمُّ. فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَقَدِمَ وَأَجَازَ جَازَ.
(٤٩) قَوْلُهُ: يَنْعَقِدُ بِمَا يُفِيدُ مِلْكَ الْعَيْنِ لِلْحَالِ، فَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ، وَالْعَطِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ وَالتَّمْلِيكِ، وَالْجُعْلِ، وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَأَمَّا بِلَفْظِ السَّلَمِ فَإِنْ جَعَلَ الْمَرْأَةَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ إجْمَاعًا، وَإِنْ جَعَلَهَا مُسَلَّمًا فِيهَا فَفِيهِ اخْتِلَافٌ. بَقِيَ الْكَلَامُ فِي
1 / 260