غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )

أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد مكي الحسيني الحموي الحنفي ت. 1098 هجري
16

غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٥هـ - ١٩٨٥م

لَا يَفْنَى بِكَثْرَةِ الْإِنْفَاقِ كَنْزُهُ، ٢٤ - وَلَا يَبْلَى عَلَى طُولِ الزَّمَانِ عِزُّهُ، ٢٥ - وَإِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ كُنْهَ صِفَاتِهِ ... وَلَوْ أَنَّ أَعْضَائِي جَمِيعًا تَكَلَّمُ ــ [غمز عيون البصائر] فَرْعٍ ضِدُّ الْأَصْلِ وَفِي الْعُرْفِ مَا يُبْتَنَى عَلَى غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْأَشْيَاءُ الثَّابِتَةُ أَحْكَامُهَا بِالْأُصُولِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ وَالْمَسْنُونِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ كَرَاهَةً تَحْرِيمِيَّةً وَتَنْزِيهِيَّةً. وَالنَّابِتُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ نَبَتَ الزَّرْعُ إذَا ظَهَرَ مِنْ الْأَرْضِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا ظُهُورُ أَحْكَامِ تِلْكَ الْفُرُوعِ. (٢٣) لَا يَفْنَى بِكَثْرَةِ الْإِنْفَاقِ كَنْزُهُ: شَبَّهَ مَسَائِلَ الْفِقْهِ بِالشَّيْءِ النَّفِيسِ الْمُكْنَزِ تَحْتَ الْأَرْضِ تَشْبِيهًا مُضْمَرًا فِي النَّفْسِ وَأَثْبَتَ لَهُ شَيْئًا مِنْ رَوَادِفِ الْمُشَبَّهِ بِهِ تَخْيِيلًا وَهُوَ الْكَنْزُ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ الْمَكِنِيَّةِ الْمُسْتَتْبَعَةِ لِلتَّخَيُّلِيَّةِ وَشَبَّهَ تَعَاطِيَ الْمَسَائِلَ الْفِقْهِيَّةَ بِالْإِفَادَةِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ الْمَكْنِيَّةِ الْمُسْتَتْبَعَةِ لِلتَّخَيُّلِيَّةِ وَشَبَّهَ تَعَاطِيَ الْمَسَائِلَ الْفِقْهِيَّةَ بِالْإِفَادَةِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ الْأَصْلِيَّةِ التَّصْرِيحِيَّةِ وَقَوْلُهُ بِكَثْرَةِ الْإِنْفَاقِ أَيْ بِالْإِنْفَاقِ الْكَثِيرِ مِنْ قَبِيلِ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى مَوْصُوفِهَا. (٢٤) وَلَا يَبْلَى عَلَى طُولِ الزَّمَانِ عِزُّهُ: يَبْلَى مِنْ بَلِيَ الثَّوْبُ يَبْلَى بَلَاءً فَنِيَ وَقَوْلُهُ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ الزَّمَانُ الطَّوِيلُ. وَعَلَى بِمَعْنَى لَامَ التَّعْلِيلِ أَوْ بِمَعْنَى مِنْ وَالتَّقْدِيرُ لَا يَفْنَى عِزُّ الْعِلْمِ لِأَجْلِ مُضِيِّ الزَّمَانِ الطَّوِيلِ عَلَيْهِ أَوْ لَا يَبْلَى بَلَاءً نَاشِئًا مِنْ طُولِ الزَّمَانِ وَالْمُرَادُ بِعِزِّ الْعِلْمِ الْجَاهُ وَالشَّرَفُ الْحَاصِلُ بِهِ وَفِي مَنْشُورِ الْحِكَمِ: كُلُّ عِزٍّ فَإِلَى ذُلٍّ مَصِيرُهُ، إلَّا عَنْ الْعِلْمِ. (٢٥) وَإِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ كُنْهَ صِفَاتِهِ ... وَلَوْ أَنَّ أَعْضَائِي جَمِيعًا تَكَلَّمُ بَيْتَ شَعْرٍ لَا أَعْلَمُ قَائِلَهُ وَالِاسْتِطَاعَةُ الْقُدْرَةُ عَلَى الشَّيْءِ. وَالْكُنْهُ بِالضَّمِّ جَوْهَرُ الشَّيْءِ وَقَدْرُهُ وَغَايَتُهُ. وَالصِّفَاتُ جَمْعُ صِفَةٍ وَهِيَ مَا قَامَ بِالشَّيْءِ كَالْعِلْمِ وَالسِّيَادَةِ وَالْأَعْضَاءُ جَمْعُ عُضْوٍ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ كُلُّ لَحْمٍ وَافِرٍ بِعَظْمِهِ وَتَكَلَّمُ أَصْلِهِ تَتَكَلَّمُ فَحُذِفَتْ إحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا وَالْمَعْنَى أَنِّي لَا أَقْدِرُ عَلَى إدْرَاكِ ذِكْرِ غَايَةِ صِفَاتِهِ أَوْ قَدْرِ صِفَاتِهِ لَوْ فُرِضَ أَنَّ جَمِيعَ أَعْضَائِي تَتَكَلَّمُ بِصِفَاتِهِ فَمَا بَالُك وَلَيْسَ مِنْ أَعْضَائِي يَتَكَلَّمُ إلَّا عُضْوٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللِّسَانُ.

1 / 24