غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )

أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد مكي الحسيني الحموي الحنفي ت. 1098 هجري
158

غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٥هـ - ١٩٨٥م

وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْكَنْزِ مَذْكُورٌ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. وَفِي الْكَنْزِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ، عَتَقَ عَبْدُهُ الْقِنُّ وَأُمَّهَاتُ، أَوْلَادِهِ وَمُدَبِّرُوهُ، وَفِي شَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ: وَلَوْ قَالَ: أَرَدْت بِهِ الرِّجَالَ دُونَ النِّسَاءِ دِينَ، وَكَذَا لَوْ نَوَى غَيْرَ الْمُدَبِّرِ، وَلَوْ قَالَ: نَوَيْت السُّودَ دُونَ الْبِيضِ، أَوْ عَكْسَهُ لَا يَدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ تَخْصِيصُ الْعَامِّ ــ [غمز عيون البصائر] مُطَابِقًا لَهُ وَلِأَنَّهُ قَصَدَ إرْضَاءَهَا، وَذَلِكَ بِطَلَاقِ غَيْرِهَا فَيَتَقَيَّدُ بِهِ. وَقَالَا: تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْعُمُومِ وَاجِبٌ؛ وَقَدْ أَمْكَنَ هَاهُنَا فَلْيُعْمَلْ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ غَرَضُهُ إيحَاشَهَا حَيْثُ اعْتَرَضَتْ عَلَيْهِ فِيمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ، وَلَوْ نَوَى غَيْرَهَا صَدَقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَ الْعَامِّ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ إلَّا أَنَّ أَصْحَابَ الْمُتُونِ مَشَوْا عَلَى قَوْلِهِمَا فَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَى مَا فِي الْمُتُونِ إذَا عَارَضَهُ مَا فِي الْفَتَاوَى. (٣٥٥) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْكَنْزِ مَذْكُورٌ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ عِبَارَتُهَا، وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ قَوْلَ الزَّوْجِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ مَا يَحْتَمِلُ الدُّخُولَ تَحْتَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، فَقَوْلُهَا: إنَّك قَدْ تَزَوَّجْت عَلَيَّ امْرَأَةً، اسْمُ الْمَرْأَةِ يَتَنَاوَلُهَا كَمَا لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهَا فَتَدْخُلُ، وَأَمَّا هُنَا قَوْلُهُ: غَيْرُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ لَا يَحْتَمِلُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلَ الزَّوْجِ (انْتَهَى) . وَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ قَائِلًا: لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ نَصٌّ فِي الْعُمُومِ وَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ السَّائِلِ أَلَكَ امْرَأَةٌ غَيْرُ هَذِهِ؟ اشْتَمَلَ عَلَى الصَّارِفِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: غَيْرُ هَذِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَهَا عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ دُخُولِ الزَّوْجَةِ الْمُخَاطَبَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْكَنْزِ غَيْرَ بَعِيدٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَتَقَيَّدُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ كَمَا فِي يَمِينِ الْفَوْرِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ يُقَالُ: تَغَدَّ مَعِي؛ فَقَالَ: إنْ تَغَدَّيْت فَعَبْدِي حُرٌّ مَثَلًا حَيْثُ يَتَقَيَّدُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ، أَوْ جَعَلَ الْمُرَادَ مِنْهُ إنْ تَغَدَّيْت مَعَك لِيَحْصُلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي جَوَابِ قَوْلِهَا: تَزَوَّجْت عَلَيَّ امْرَأَةً، فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ، فَلَا تَطْلُقُ الْمُخَاطَبَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْفَرْقِ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ.

1 / 166