فتوح الشام
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى ١٤١٧هـ
سنة النشر
١٩٩٧م
كنيسة مريم وامامه القسس والرهبان ومعهم كتاب الصلح وأن صهر الملك توما واخر يقال له هربيس: خرجا من المدينة بمال عظيم واحمال جسيمة فسرت خلفها في عساكر الزحف وانتزعت الغنيمة من ايديهما وقتلت الملعونين واسرت ابنة الملك هرقل ثم اهديتها إليه ورجعت سالما وأنا منتظر امرك والسلام عليك وصلى الله على سيدنا محمد وعلى إله وصحبه وسلم وطوى الكتاب وختمه بخاتمه ودعا برجل من العرب يقال له عبد الله بن قرط: فدفع إليه الكتاب وسار إلى مدينة رسول الله ﷺ فوردها والخليفة عمر بن الخطاب ﵁ فقرأ عنوان الكتاب وإذا هو من خالد إلى خليفة رسول الله ﷺ فقال عمر: أما عرف المسلمون وفاة ابي بكر ﵁ فقال: لا يا أمير المؤمنين فقال قد وجهت بذلك كتابا إلى ابي عبيدة وأمرته على المسلمين وعزلت خالدا وما اظن أبا عبيدة يريد الخلافة لنفسه فسكت وقرأ الكتاب قال أصحاب السير في حديثهم ممن تقدم ذكرهم واسنادهم في أول الكتاب ممن روى فتوح الشام ونقلوها عن الثقاب منهم محمد بن اسحق وسيف بن عمرو وابو عبد الله بن عمر الواقدي ﵁ كل حدث بما رواه وسمعه ثقة عن ثقة قالوا: جميعا في اخبارهم إنه لما قبض أبو بكر الصديق ﵁ وولى الأمر بعده عمر بن الخطاب ﵁ وله من العمر اثنتان وخمسون سنة بايعه الناس في مسجد رسول الله ﷺ بيعة تامة ولم يتخلف عن مبايعته أحد لا صغير ولا كبير وانقطع في امارته الشقاق والنفاق وانحسم الباطل وقام الحق وقوي السلطان في امارته وضعف كيد الشيطان وظهر أمر الله وهم كارهون ومن أمره إنه كان يجلس مع الفقير ويتلطف بالناس والمسلمين ويرحم الصغير ويوقر الكبير ويعطف على اليتيم وينصف المظلوم من الظالم حتى يرد الحق إلى اهله ولا تأخذه في الله لومة لائم وكان في امارته يدور في اسواق المدينة وعليه مرقعة وبيده درته وكانت درته أهيب من سيف الملوك وسيوفكم هذه وكان قوته في كل يوم خبز الشعير وادمه الملح الجريش وربما اكل خبزه بغير ملح تزهدا واحتباطا وترفقا على المسلمين ورأفة ورحمة لا يريد ذلك إلا الثواب من الله ﷾ ولا يشغله شاغل عن اداء الفريضة وما اوجب الله عليه من حقوقه وسنة نبيه محمد ﵊ قالت عائشة ﵂: ولقد تولى والله عمر بن الخطاب ﵁ الخلافة فجد في التشمر وترك عن نفسه التكبر ولقد كان أحرقه خبز الشعير والملح واراد أكل الزيت واليابس من التمر وربما أخذ شيئا من السمن ويقول: أكلت الزيت وخبز الشعير والملح والجون اهون غدا من نار جهنم من حل بها لم يمت ولم يجد فيها راحة ابدا قرارها بعيد وعذابها شديد وشرابها الصديد لا يؤذن لهم فيعتذرون جند الجنود في امارته وبعث العساكر وفتح الفتوحات ومصر الأمصار وكان يخاف عذاب النار ﵁.
1 / 84