ربيعة بن عامر من ذوي العلا والفاخر قد علمت صولته وقد ضممته إليك وأمرتك عليه فاجعله في مقدمتك وشاوره في أمرك ولا تخالفه فقال يزيد حبا وكرامة وأسرعت الفرسان إلى لبس السلاح واجتمع الجند وركب يزيد بن أبي سفيان وربيعة بن عامر وأقبلا بقومهما إلى أبي بكر ﵁ فأقبل يمشي مع القوم فقال يزيد: يا خليفة رسول الله الناجي من غضب الله من رضيت عنه لا نكون على ظهور خيولنا وأنت تمشي فأما أن تركب وأما أن ننزل فقال: ما أنا براكب وما أنتم بنازلين وسار إلى أن وصل إلى ثنية الوداع فوقف هناك فتقدم إليه يزيد فقال: يا خليفة رسول الله أوصنا فقال: إذا سرت فلا تضيق على نفسك ولا على أصحابك في مسيرك ولا تغضب على قومك ولا على أصحابك وشاورهم في الأمر واستعمل العدل وباعد عنك الظلم والجور فإنه لا افلح قوم ظلموا ولا نصروا على عدوهم: ﴿إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [الأنفال: ١٦] وإذا نصرتم على عدوكم فلا تقتلوا ولدا ولا شيخا ولا امرأة ولا طفلا ولا تعقروا بهيمة المأكول ولا تغدروا إذا عاهدتم ولا تنقضوا إذا صالحتم وستمرون على قوم في الصوامع رهبانا يزعمون إنهم ترهبوا في الله فدعوهم ولا تهدموا صوامعهم وستجدون قوما آخرين من حزب الشيطان وعبدة الصلبان قد حلقوا أوساط رؤوسهم حتى كأنها مناحيض العظام فاعلوهم بسيوفكم حتى يرجعوا إلى الإسلام أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وقد استودعتكم الله ثم عانقه وصافحه وصافح ربيعة بن عامر وقال: يا عامر اظهر شجاعتك على بني الأصفر بلغكم الله آمالكم وغفر لنا ولكم قال: وسار القوم ورجع أبو بكر ﵁ بمن معه إلى المدينة قال فجد القوم في السير فقال ربيعة بن عامر ما هذا السير يا يزيد وقد أمرك أبو بكر أن ترفق بالناس في سيرك فقال يزيد: يا عامر أنا أبا بكر ﵁ سيعقد العقود ويرسل الجيوش فأردت أن اسبق الناس إلى الشام فلعلنا أن نفتح فتحا قبل تلاحق الناس بنا فيجتمع بذلك ثلاث خصال رضاء الله ﷿ ورضاء خليفتنا وغنيمة تأخذها فقال ربيعة فسر الآن ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قال فأخذ القوم في السير على وادي القرى ليخرجوا على تبوك ثم على الجابية إلى دمشق قال: واتصل الخبر للملك هرقل من قوم من عرب اليمن المنتصرة كانوا في المدينة فلما صح عند الملك ذلك جمع بطارقته في عسكره وقال لهم: يابني الأصفر أن دولتكم قد عزمت على الانهزام ولقد كنتم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتقيمون الصلاة وتؤثرون الزكاة التي أمركم بها الآباء والأجداد والقسس والرهبان وتقيمون حدود الله التي أمركم بها في الإنجيل لا جرم إنكم ما قصدكم ملك من ملوك الوشاة ونازعكم على الشام إلا وقهرتموه ولقد قصدكم كسرى بجنود فارس فانكسروا على أعقابهم والان قد بدلتم.
1 / 8