فتوح مصر والمغرب

ابن عبد الحكم ت. 257 هجري
77

فتوح مصر والمغرب

الناشر

مكتبة الثقافة الدينية

رأيتم أمرنا؟ قالوا: لم نر إلّا حسنا، فقال الرجل الذي قال فى المرّة الأولى ما قال لهم: إنكم لن تزالوا تظهرون على كلّ من لقيتم حتى تقتلوا خيركم رجلا، فغضب عمرو وأمر به فطلب إليه أصحابه وأخبروه أنه لا يدرى ما يقول حتى خلّصوه، فلما بلغ عمرا قتل عمر بن الخطّاب أرسل فى طلب ذلك القبطىّ فوجده «١» قد هلك، فعجب عمرو من قوله. قال غير ابن وهب، قال عمرو بن العاص: فلما طعن عمر بن الخطاب قلت هو ما قال القبطىّ، فلما حدّثت أنه إنما قتله أبو لؤلؤة رجل نصرانىّ، قلت: لم يعن هذا، إنما عنى من قتله المسلمون، فلما قتل عثمان عرفت أنّ ما قال الرجل حقّ. قال أبى فى حديثه: فلما فرغوا من صنيعهم أمر عمرو بن العاص بطعام فصنع لهم وأمرهم أن يحضروا لذلك، فصنع لهم الثريد والعراق وأمر أصحابه بلباس الأكسية واشتمال الصمّاء والقعود على الركب، فلما حضرت الروم وضعوا كراسىّ الديباجّ «٢» فجلسوا عليها، وجلست العرب إلى جوانبهم، فجعل الرجل من العرب يلتقم اللقمة العظيمة من الثريد وينهش من ذلك اللحم فيتطاير على من إلى جنبه من الروم، فبشعت الروم بذلك، وقالوا: أين أولئك الذين كانوا أتونا قبل؟ فقيل لهم: أولئك أصحاب المشورة، وهؤلاء أصحاب الحرب. قال: وقد سمعت فى فتح القصر وجها غير هذا. حدثنا عثمان بن صالح، أخبرنا ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبى جعفر، وعياش ابن عبّاس وغيرهما «٣»، يزيد بعضهم على بعض، أن عمرو بن العاص حصرهم بالقصر الذي يقال له بابليون «٤» حيّنا، وقاتلهم قتالا شديدا يصبّحهم ويمسّيهم، فلما أبطأ الفتح عليه، كتب إلى عمر بن الخطّاب يستمدّه «٥» ويعلمه ذلك «٦»، فأمدّه عمر بأربعة آلاف

1 / 82