222

الفصول المفيدة في الواو المزيدة

محقق

حسن موسى الشاعر

الناشر

دار البشير

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٠هـ ١٩٩٠م

مكان النشر

عمان

ثمَّ أجَاب عَن ذَلِك كُله بِأَن رب فِي هَذِه الْمَوَاضِع وأمثالها للمباهاة والافتخار وَذَلِكَ إِنَّمَا يتَصَوَّر فِيمَا يقل نَظِيره من غير المفتخر إِذْ مَا يكثر نَظِيره من المفتخر وَغَيره لَا يتَصَوَّر الافتخار بِهِ فَتكون رب فِي هَذِه الْأَمَاكِن كلهَا لتقليل النظير يَعْنِي فَلَا تنفك عَن التقليل وَتَبعهُ على ذَلِك أَبُو بكر الْخفاف وَغَيره وَإِلَى هَذَا أَشَارَ ابْن أبي الرّبيع بقوله إِن رب لتقليل ذَات الشَّيْء أَو تقليل نَظِيره
وسلك البطليوسي فِي هَذَا الْمَعْنى مسلكا آخر وَهُوَ أَن الشَّاعِر بافتحاره يَدعِي أَن الشَّيْء الَّذِي يكثر وجوده مِنْهُ يقل من غَيره فَوضع لَهَا التقليل فِي مَوضِع التكثير لذَلِك كَمَا استعير لفظ الذَّم فِي مَوضِع الْمَدْح فَيُقَال أَخْزَاهُ الله مَا أشعره إشعارا بِأَن الممدوح قد جعل فِي رُتْبَة من يشْتم حسدا لَهُ على فَضله لِأَن الْفَاضِل هُوَ الَّذِي يحْسد وَذكر جَوَابا آخر وَهُوَ أَن قَول الرجل لصَاحبه لَا تعادني فَرُبمَا نَدِمت تَأْوِيله أَن الندامة لَو كَانَت قَليلَة لوَجَبَ أَن يتَجَنَّب مَا يُؤَدِّي إِلَيْهَا فَكيف وَهِي كَثِيرَة
قَالَ وعَلى هَذَا تَأَول النحويون قَوْله تَعَالَى ﴿رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين﴾ وَقَول امْرِئ الْقَيْس
(أَلا رب يَوْم لَك مِنْهُنَّ صَالح ...)
اسْتِعَارَة لفظ التقليل هُنَا إِشَارَة إِلَى أَن قَلِيل هَذَا فَخر لفَاعِله فَكيف بكثيره

1 / 258