الفصول المفيدة في الواو المزيدة

صلاح الدين العلائي ت. 761 هجري
108

الفصول المفيدة في الواو المزيدة

محقق

حسن موسى الشاعر

الناشر

دار البشير

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٠هـ ١٩٩٠م

مكان النشر

عمان

تعطف أَيْضا كَمَا فِي الْبَيْت الْمُتَقَدّم (إِلَى الْملك القرم وَابْن الْهمام ...) فَإِن الْعَطف جَاءَ هُنَا رفعا لاستبعاد من يستبعد اجْتِمَاع هَذِه الصِّفَات فِيهِ فَقَوله تَعَالَى ﴿هُوَ الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن﴾ إِنَّمَا عطفت لِأَنَّهَا أَسمَاء متضادة الْمعَانِي فِي أصل الْوَضع فَرفع الْوَهم بالْعَطْف عَن من يستبعد ذَلِك فِي ذَات وَاحِدَة فَإِن الشَّيْء الْوَاحِد لَا يكون بَاطِنا ظَاهرا من وَجه وَاحِد فَكَانَ الْعَطف هَا هُنَا أحسن وَأما قَوْله تَعَالَى ﴿ثيبات وأبكارا﴾ فَإِن الْمَقْصُود بِالصِّفَاتِ الأول ذكرهَا مجتمعة وَالْوَاو توهم التنويع لاقتضائها الْمُغَايرَة فَترك الْعَطف بَينهَا لبيانا اجتماعها فِي وَقت وَاحِد بِخِلَاف الثيوبة والبكورة فَإِنَّهُمَا متضادان لَا يَجْتَمِعَانِ على مَحل وَاحِد فِي آن وَاحِد فَأتى بِالْوَاو لتضاد النَّوْعَيْنِ وَقَوله تَعَالَى ﴿غَافِر الذَّنب وقابل التوب﴾ قد يظنّ أَنَّهُمَا يجريان مجْرى الْوَصْف الْوَاحِد لتلازمهما فَمن غفر الذَّنب قبل التوب فَبين الله سُبْحَانَهُ بعطف أَحدهمَا على الآخر أَنَّهُمَا مفهومان متغايران ووصفان مُخْتَلِفَانِ يجب أَن يعْطى لكل وَاحِد حكمه وَذَلِكَ مَعَ الْعَطف أبين وأوضح وَأما ﴿شَدِيد الْعقَاب﴾ و﴿ذِي الطول﴾ فهما كالمتضادين فَإِن شدَّة الْعقَاب تَقْتَضِي أَيْضا الضَّرَر والا تُضَاف بالطول يَقْتَضِي اتِّصَال النَّفْع فحرف الْعَطف لبَيَان أَنَّهُمَا مجتمعان فِي ذَاته وَهِي مَوْصُوفَة بهما على الِاجْتِمَاع ليتعبد العَبْد على الرَّجَاء وَالْخَوْف دَائِما فَحسن ترك الْعَطف لهَذَا الْمَعْنى وَأما قَوْله ﴿الآمرون بِالْمَعْرُوفِ والناهون عَن الْمُنكر﴾ فَكل صفة تقدّمت غير مسبوقة بِالْوَاو مُغَايرَة لِلْأُخْرَى وَالْغَرَض أَنَّهَا فِي اجتماعها كالوصف

1 / 143