الفصول في الأصول
الناشر
وزارة الأوقاف الكويتية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٤هـ - ١٩٩٤م
تصانيف
أصول الفقه
﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] هُوَ عُمُومٌ يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ إبَاحَةَ جَمِيعِ النِّسَاءِ فَلَمَّا قَالَ ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهَا دَلَّ عَلَى (أَنَّ) الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ﴾ [النساء: ٣] مَنْ عَدَا الْمَذْكُورَاتِ بِالتَّحْرِيمِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَنَحْوُهُ قَوْله تَعَالَى ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: ٢] فَلَوْ خَلَّيْنَا وَالْعُمُومَ كَانَتْ الْأَمَةُ وَالْحُرَّةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءً، فَلَمَّا قَالَ فِي الْإِمَاءِ ﴿فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ﴾ [النساء: ٢٥] خَصَّهُنَّ مِنْ الْآيَةِ الْأُولَى، وَبَيَّنَ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُولَى الْحَرَائِرُ، وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ.
وَقَالَ قَوْمٌ: لَا يَكُونُ تَخْصِيصُ الْقُرْآنِ بِقُرْآنٍ مِثْلِهِ. لِأَنَّ التَّخْصِيصَ لَمَّا كَانَ بَيَانًا لِلْمُرَادِ بِاللَّفْظِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ بَيَانُهُ إلَّا مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤] وَيُقَالُ لَهُمْ: إنَّ هَذَا فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الرَّسُولِ ﷺ. فَأَمَّا مَا بَيَّنَهُ تَعَالَى فَلَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ.
1 / 141