الفصول في الأصول

الجصاص ت. 370 هجري
9

الفصول في الأصول

الناشر

وزارة الأوقاف الكويتية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٤هـ - ١٩٩٤م

وَمِنْ نَظَائِرِ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ﴾ [النساء: ٢٢] وَاسْمُ النِّكَاحِ حَقِيقَةٌ لِلْوَطْءِ مَجَازٌ لِلْعَقْدِ. فَالْوَاجِبُ إذَا وَرَدَ مُطْلَقًا حَمْلُهُ عَلَى الْوَطْءِ حَتَّى تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى غَيْرِهِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْتَظِمَهُمَا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ لِمَا وَصَفْنَا. وَكَذَلِكَ كَانَ يَقُولُ فِي اللَّفْظِ إذَا تَنَاوَلَ مَعْنَيَيْنِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَحَدِهِمَا كِنَايَةٌ عَنْ الْآخَرِ إنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ الْمَعْنَيَانِ جَمِيعًا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ هَذَا يُوجِبُ كَوْنَ اللَّفْظِ صَرِيحًا كِنَايَةً فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا مُحَالٌ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مَتَى أَرَادَ أَحَدَهُمَا فَكَأَنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ فَانْتَفَى أَنْ يَكُونَ عِبَارَةً عَنْ الْآخَرِ. وَمَتَى وَرَدَ مُطْلَقًا وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الصَّرِيحِ دُونَ الْكِنَايَةِ حَتَّى تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْكِنَايَةُ، وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى: ﴿أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ﴾ [المائدة: ٦] . فَاللَّمْسُ حَقِيقَةٌ بِالْيَدِ وَنَحْوِهَا فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الْجِمَاعِ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ

1 / 48