الفصول في الأصول
الناشر
وزارة الأوقاف الكويتية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٤هـ - ١٩٩٤م
تصانيف
أصول الفقه
هَذَا الْوَجْهِ، وَيَلْزَمُ أَنْ لَا نَجْعَلَ فَرْضَ الصَّلَاةِ (وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ) عَامًّا عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ. (فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَمْ أَحْكُمْ بِلُزُومِ هَذِهِ الْفُرُوضِ كَافَّةَ النَّاسِ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ) بَلْ قِيلَ لَهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الَّذِي لَزِمَ بِالْأَمْرِ مِنْ الْفَرْضِ بَعْضَ النَّاسِ وَمَا زَادَ لَمْ يَلْزَمْ بِالْأَمْرِ وَإِنَّمَا لَزِمَ بِالْإِجْمَاعِ، (وَيَلْزَمُهُ مَعَ ذَلِكَ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ لُزُومُهُ لِذَلِكَ الْبَعْضِ مِنْ جِهَةِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ وَإِنَّمَا لَزِمَ بِالْإِجْمَاعِ) لِأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا لَفْظَ الْأَمْرِ يَرِدُ وَيُرَادُ بِهِ الْإِبَاحَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ [المائدة: ٢] فَلَا يَكُونُ حَمْلُهُ (عَلَى) هَذَا الْوَجْهِ مُبْطِلًا لِفَائِدَتِهِ. فَإِنْ ارْتَكَبَ هَذَا فَقَدْ نَقَضَ مَا أَعْطَى بَدْءًا مِنْ إيجَابِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالْخَبَرِ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي ذُكِرَ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ حُكْمٌ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِاللَّفْظِ دُونَ دَلَالَةٍ مِنْ غَيْرِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُخْبِرَنَا بِخَبَرٍ مُخْبِرُهُ مَجْهُولٌ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ﴾ [القصص: ٥٨] وَقَوْلِهِ: ﴿وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا﴾ [الفرقان: ٣٨] ثُمَّ لَا يُبَيِّنُهُ أَبَدًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ بِأَمْرٍ مَجْهُولٍ لَمْ يَرِدْ بَيَانُهُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَنَا أَنْ يَرِدَ الْأَمْرُ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ مَوْقُوفٍ عَلَى الْبَيَانِ ثُمَّ لَا يَرِدُ بَيَانُهُ.
1 / 133