الفصول في الأصول
الناشر
وزارة الأوقاف الكويتية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٤ هجري
مكان النشر
الكويت
تصانيف
أصول الفقه
قِيلَ لَهُ: (أَوْ) قَدْ صَارَ قَوْلُهُمْ حُجَّةً فِي ذَلِكَ وَمَنْ بَرَاهُمْ مِنْ الْخَطَأِ فِي اسْتِفْهَامِهِمْ مَعَ مَا لَحِقَهُمْ مِنْ اللَّائِمَةِ فِي مُرَاجَعَتِهِمْ؟ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ " لَوْ ذَبَحُوا أَيَّ بَقَرَةٍ كَانَتْ لَأَجْزَأَتْ عَنْهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ ". وَعَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ اسْتَفْهَمُوا ذَلِكَ هُمْ الَّذِينَ قَالُوا: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ [البقرة: ٦٧]، فَمَنْ خَاطَبَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه بِمِثْلِ ذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ مِنْ الْخَطَأِ فِي الِاسْتِفْهَامِ وَالْمُرَاجَعَةِ، وَعَلَى أَنَّ سُؤَالَهُمْ قَدْ صَارَ سَبَبًا لِلتَّغْلِيظِ عَلَيْهِمْ عُقُوبَةً لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَدَلَالَةُ هَذِهِ الْقِصَّةِ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ بِالْعُمُومِ أَظْهَرُ مِنْهَا عَلَى نَفْيِهِ لِأَنَّهُمْ اسْتَحَقُّوا اللَّوْمَ عِنْدَ الْمُرَاجَعَةِ. وَالِاسْتِفْهَامُ بِاللَّفْظِ الْمُطْلَقِ الَّذِي قَدْ (كَانَ) يُمْكِنُهُمْ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ [البقرة: ٧١] يَعْنِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - لِمَا لَحِقَهُمْ مِنْ تَغْلِيظِ الْمِحْنَةِ لِأَجْلِ مُرَاجَعَتِهِمْ وَسُؤَالِهِمْ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّمَا يَجِبُ اعْتِبَارُ الْعُمُومِ إذَا أُكِّدَ بِضَرْبٍ مِنْ التَّأْكِيدِ يَقَعُ مَعَهُ لِلسَّائِلِ عِلْمُ الضَّرُورَةِ بِمُرَادِ الْمُخَاطَبِ.
1 / 125