الفصول في الأصول
الناشر
وزارة الأوقاف الكويتية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٤ هجري
مكان النشر
الكويت
تصانيف
أصول الفقه
لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ: رَأَيْت زَيْدًا إلَّا زَيْدًا. قِيلَ لَهُ: هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَدْفَعُ أَنْ تَكُونَ الْعَشَرَةُ اسْمًا لِهَذَا الْعَدَدِ يَقْتَضِي إطْلَاقُهُ اسْتِيعَابَ جَمِيعِهِ ثُمَّ لَمْ يَمْتَنِعْ جَوَازُ وُرُودِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهَا، وَلَمْ يُبْطِلْ ذَلِكَ شُمُولَ اللَّفْظِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِجَمِيعِهِ. وَكَذَلِكَ مَا وَصَفْنَا فِي الْعُمُومِ وَجَوَازُ وُرُودِ الْخُصُوصِ وَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَيْهِ غَيْرُ مَانِعٍ كَوْنَ اللَّفْظِ عِبَارَةً عَنْ جَمِيعِهِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا أَنْكَرْت أَنْ تَكُونَ صِفَةَ الْعُمُومِ الْمُوجِبِ لِلشُّمُولِ وَالِاسْتِيعَابِ هِيَ مَا يَصْحَبُهُ حَرْفُ التَّأْكِيدِ، وَهُوَ الْكُلُّ وَالْجَمِيعُ، وَيَقْبُحُ مَعَهُ اسْتِفْهَامُ الْمُرَادِ وَمَا خَلَا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِلْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، وَلَيْسَ أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ بِأَوْلَى بِحُكْمِ اللَّفْظِ مِنْ الْآخَرِ، وَلَوْلَا أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَا كَانَ لِلتَّأْكِيدِ وَالِاسْتِفْهَامِ مَعْنًى وَلَا فَائِدَةٌ. قِيلَ لَهُ: لَفْظُ الْكُلِّ وَالْجَمِيعِ إذَا دَخَلَا عَلَى الْعُمُومِ، فَإِنَّمَا يُؤَكِّدَانِ بِهِ مَا قَدْ حَصَلَ وَاسْتَقَرَّ مِنْ الْمَعْنَى وَلَا يُوجِبَانِ زِيَادَةَ حُكْمٍ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ الْعُمُومُ (الْعَارِي) مِنْ التَّأْكِيدِ، وَإِنَّمَا يُؤَكَّدُ بِلَفْظِ الْكُلِّ وَالْجَمِيعِ كَمَا يُؤَكَّدُ بِالتَّكْرَارِ، وَلَيْسَ يُفِيدُ التَّكْرَارُ زِيَادَةَ حُكْمٍ عَلَى مَا حَصَلَ بِالْعُمُومِ. كَقَوْلِ اللَّهِ ﴿أَوْلَى لَك فَأَوْلَى﴾ [القيامة: ٣٤] (ثُمَّ ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ [القيامة: ٣٥] وَالثَّانِي) تَأْكِيدٌ فِي تَقْرِيرِ الْمَعْنَى الْحَاصِلِ بَدْءًا. وَكَقَوْلِ النَّبِيِّ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ»، وَكَقَوْلِهِ
1 / 121