الفصول في الأصول
الناشر
وزارة الأوقاف الكويتية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٤هـ - ١٩٩٤م
تصانيف
أصول الفقه
وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا (فِيمَنْ قَالَ): غَصَبْت مِنْ فُلَانٍ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ إنَّهُ إقْرَارٌ بِالْمِنْدِيلِ أَيْضًا لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ ظَرْفًا لَهُ فِي حَالِ الْغَصْبِ وَصَارَ مَغْصُوبًا مَعَهُ.
وَقَدْ تَجِيءُ " فِي " بِمَعْنَى " مِنْ ". قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا﴾ [النساء: ٥] يَعْنِي مِنْهَا.
وَتَجِيءُ أَيْضًا بِمَعْنَى مَعَ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ ﴿فَادْخُلِي فِي عِبَادِي﴾ [الفجر: ٢٩] ﴿وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ [الفجر: ٣٠] مَعْنَاهُ مَعَ عِبَادِي. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ فِي جُمْلَةِ عِبَادِي وَفِي جَمَاعَتِهِمْ. وَالنَّحْوِيُّونَ يَقُولُونَ إنَّ أَكْثَرَ حُرُوفِ الصِّفَاتِ يَقُومُ بَعْضُهَا مَقَامَ بَعْضٍ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُتُبِهِمْ.
وَأَمَّا " كُلُّ " فَإِنَّهَا تَدْخُلُ لِجَمْعِ الْأَسْمَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [آل عمران: ١٨٥] وَقَوْلِ (الْقَائِلِ) كُلُّ عَبْدٍ لِي حُرٌّ وَكُلُّ امْرَأَةٍ تَدْخُلُ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ وَيَكُونُ فِيهَا بِمَعْنَى الشَّرْطِ إذَا عُلِّقَتْ بِالْجَوَابِ، وَلَا تَتَنَاوَلُ الْأَفْعَالَ لِأَنَّهَا لَا يَصِحُّ دُخُولُهَا عَلَيْهَا. أَلَا تَرَى أَنَّك لَا تَقُولُ كُلٌّ يَدْخُلُ الدَّارَ، وَإِنَّمَا تَقُولُ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي تَدْخُلُ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ. وَلِذَلِكَ قَالُوا إنَّهَا إذَا دَخَلَتْ الدَّارَ وَطَلُقَتْ ثُمَّ دَخَلَتْهَا مَرَّةً أُخْرَى لَمْ تَطْلُقْ، لِأَنَّهَا لِمَا لَمْ تَتَنَاوَلْ الْأَفْعَالَ، وَإِنَّمَا تَنَاوَلَتْ الْأَسْمَاءَ عَلَى وَجْهِ الْجَمْعِ وَاسْتَحَالَ أَنْ تَجْمَعَ إلَى نَفْسِهَا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِنْ دَخَلَتْ الدَّارَ امْرَأَةٌ أُخْرَى طَلُقَتْ أَيْضًا لِأَنَّهَا غَيْرُ الْأُولَى. .
1 / 95