46

الفصول في الأصول

الناشر

وزارة الأوقاف الكويتية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٤ هجري

مكان النشر

الكويت

وَأَنْشَدَنَا أَيْضًا:
فَلَوْ كَانَ الْبُكَاءُ يَرُدُّ شَيْئًا ... بَكَيْت عَلَى زِيَادٍ أَوْ عَنَاقٍ
عَلَى الْمَرْأَيْنِ إذْ مَضَيَا جَمِيعًا ... لِشَأْنِهِمَا بِحُزْنٍ وَاحْتِرَاقٍ
فَقَالَ زِيَادٌ أَوْ عَنَاقٍ ثُمَّ قَالَ: عَلَى الْمَرْأَيْنِ، فَدَلَّ أَنَّهُ أَرَادَ الْجَمْعَ. .
وَأَمَّا " ثُمَّ " فَهِيَ لِلتَّرْتِيبِ وَالتَّرَاخِي، تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ كَذَا حُكْمُهَا فِي اللُّغَةِ. وَقَدْ تَجِيءُ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ﴾ [البلد: ١٦] ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البلد: ١٧] . مَعْنَاهُ وَكَانَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ﴾ [الأنعام: ١٥٤]، يَعْنِي وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْمَعْنَى (فِيهِ) أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى خِطَابِ الْمُتَكَلِّمِ صِلَةً لِكَلَامِهِ لَا عَلَى حُكْمِ (الْكَلَامِ) الْمُتَقَدِّمِ، كَأَنَّ تَقْدِيرَهُ ثُمَّ بَعْدَمَا وَصَفْنَا أَذْكُرُ لَكُمْ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ إنَّمَا (هُوَ لِمَنْ) كَانَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَبَعْدَمَا ذَكَرْت (لَكُمْ) أَعْلَمْتُكُمْ أَنَّا آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ. وَنَحْوُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ﴾ [يونس: ٤٦] وَمَعْنَاهُ

1 / 91