الفصول في الأصول
الناشر
وزارة الأوقاف الكويتية
الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٤ هجري
مكان النشر
الكويت
تصانيف
أصول الفقه
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الشَّافِعِيَّ جَعَلَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ [الأعراف: ١٤٢] وَقَوْلُهُ ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٦] بَيَانًا وَلَيْسَ فِيهِ إخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنْ حَيِّزِ الْإِشْكَالِ إلَى التَّجَلِّي لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ﴾ [الأعراف: ١٤٢] لَمْ يَكُنْ قَطُّ مُشْكِلًا وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ﴾ [البقرة: ١٩٦] لَمْ يَشْكُلْ عَلَى أَحَدٍ أَنَّهُ عَشَرَةٌ فَلَمْ يُخْرِجْ بِذِكْرِهِ الْأَرْبَعِينَ وَالْعَشَرَةَ شَيْئًا مِنْ حَيِّزِ الْإِشْكَالِ إلَى التَّجَلِّي.
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنَّ مَا كَانَ طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادَ مِنْ الْحَوَادِثِ لَا يَخْرُجُ بِهِ الشَّيْءُ مِنْ حَيِّزِ الْإِشْكَالِ إلَى التَّجَلِّي (لِأَنَّهُ) لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا كَانَ مِنْ بَابِ الِاجْتِهَادِ وَلَكَانَ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ مَا عَلَيْهِ أَدِلَّةٌ قَائِمَةٌ يَكْشِفُ عَنْ حَقِيقَتِهِ كَالتَّوْحِيدِ وَسَائِرِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَنْ خَالَفَ فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادًا (مُخَالِفًا) لِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى مَرْدُودَ الْحُكْمِ إذَا حُكِمَ بِهِ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا (كَانَ طَرِيقُهُ) الِاجْتِهَادَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ حَيِّزِ الْإِشْكَالِ إلَى التَّجَلِّي.
وَقَدْ جَعَلَهُ الشَّافِعِيُّ أَحَدَ (أَقْسَامِ الْبَيَانِ) مَعَ خُرُوجِهِ عَنْ الْحَدِّ الَّذِي حَدَّهُ (أَصْحَابُهُ لِلْبَيَانِ) . وَعَلَى أَنَّ هَذَا التَّحْدِيدَ أَيْضًا (ظَاهِرُ الِانْحِلَالِ)، مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ إنَّمَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ أَقْسَامِ الْبَيَانِ وَهُوَ بَيَانُ الْمُجْمَلِ (الَّذِي لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ) وَالْخِطَابُ
2 / 18