الفصول في الأصول
الناشر
وزارة الأوقاف الكويتية
الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٤ هجري
مكان النشر
الكويت
بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] وَهَذَا خَاصٌّ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَالْأَوَّلُ عَامٌّ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا، وَنَظَائِرُ ذَلِكَ عَنْ السَّلَفِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَحْتَمِلَ ذِكْرَهَا هَذَا الْكِتَابُ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا يُوَضِّحُ عَنْ مَذْهَبِ السَّلَفِ فِيهِ.
وَأَمَّا إذَا وَرَدَ لَفْظُ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ فِي (خِطَابٍ) وَاحِدٍ فَإِنَّهُمَا يُسْتَعْمَلَانِ جَمِيعًا لِأَنَّ لَفْظَ التَّخْصِيصِ إذَا وَرَدَ مَعَ الْعَامِّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مَعَ الْجُمْلَةِ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ﴾ [المائدة: ٣] ثُمَّ قَالَ فِي سِيَاقِ (خِطَابِ الْآيَةِ) ﴿فَمَنْ اُضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ﴾ [المائدة: ٣] فَخَصَّ حَالَ الِاضْطِرَارِ مِنْ الْجُمْلَةِ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ حُكْمِهَا فَصَارَ عُمُومُ اللَّفْظِ مَبْنِيًّا عَلَى الْخُصُوصِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَ(ذَلِكَ) نَحْوُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥] فَخَصَّ الرِّبَا بِالتَّحْرِيمِ مِنْ جُمْلَةِ مَا أَحَلَّهُ مِنْ الْبَيْعِ فِي خِطَابٍ وَاحِدٍ وَلَوْ لَمْ يَخُصَّهُ لَكَانَتْ الْإِبَاحَةُ عَامَّةً فِي سَائِرِ الْبِيَاعَاتِ رِبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ. وَنَحْوُهُ فِي الْإِخْبَارِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾ [التوبة: ٩٧] (فَلَوْلَا التَّخْصِيصُ) لَعَمَّ سَائِرَهُمْ فَلَمَّا قَالَ فِي سِيَاقِ (الْخِطَابِ) ﴿وَمِنْ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ﴾ [التوبة: ٩٩] صَارَ أَوَّلُ الْخِطَابِ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ.
1 / 406