الفصول في الأصول
الناشر
وزارة الأوقاف الكويتية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٤ هجري
مكان النشر
الكويت
تصانيف
أصول الفقه
وَأَيْضًا: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ مُتَشَابِهًا أَيْ مُتَمَاثِلًا غَيْرَ مُخْتَلِفِ الْمَعْنَى اخْتِلَافَ تَضَادٍّ وَإِنْ اخْتَلَفَ اللَّفْظُ كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢] يَعْنِي اخْتِلَافَ التَّضَادِّ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي الْقُرْآنِ بَلْ كُلُّهُ مُتَّفِقُ الْمَعْنَى فِي الْإِتْقَانِ.
وَالْحِكْمَةُ وُجْهَةُ الدَّلَالَةِ وَيَكُونُ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ [آل عمران: ٧] (مَعْنَاهُ) مُتَشَابِهَاتٌ فِي الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُحْكَمَ مِنْ وَجْهٍ وَيُشْبِهُ غَيْرَهُ مِنْ وَجْهٍ (فَيَجِبُ) حِينَئِذٍ حَمْلُهُ عَلَى مَا يُوَافِقُ الْمَعْنَى وَيُشْبِهُهُ دُونَ مَا يُخَالِفُهُ وَكَذَلِكَ يَجِبُ هَذَا الِاعْتِبَارُ فِي كُلِّ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ الْمُتَشَابِهِ فِي ذِكْرِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَفْعَالِهِ مِمَّا يَحْتَمِلُ فِي اللُّغَةِ مَعْنَيَيْنِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُحْكَمِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ إلَّا مَعْنًى وَاحِدًا وَكَذَلِكَ مَا احْتَمَلَ مِنْ ذَلِكَ مَعْنَيَيْنِ وَأَحَدُهُمَا يُجَوِّزُهُ الْعَقْلُ، وَالثَّانِي لَا يُجَوِّزُهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَجُوزُ فِي الْعَقْلِ (دُونَ مَا لَا يَجُوزُ) لِأَنَّ الْعَقْلَ أَصْلٌ، وَهُوَ حُجَّةُ اللَّهِ تَعَالَى يَجِبُ بِهِ اعْتِبَارُ مَا يَجُوزُ مِمَّا لَا يَجُوزُ.
1 / 377