288

الفصول في الأصول

الناشر

وزارة الأوقاف الكويتية

الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٤ هجري

مكان النشر

الكويت

مناطق
إيران
الامبراطوريات
البويهيون
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ الَّذِينَ يَضْرِبُونَ اللَّهَ وَيَقْتُلُونَ اللَّهَ وَيُرِيدُ (بِهِ) يَضْرِبُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ أَوْلِيَاءَهُ لِأَنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ﴾ [الأحزاب: ٥٧] وَمُرَادُهُ يُؤْذُونَ أَوْلِيَاءَ (اللَّهِ) فَلَا يُسْتَعْمَلُ الْمَجَازُ إلَّا فِي مَوْضِعٍ يَقُومُ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَحُكْمُ اللَّفْظِ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى الْحَقِيقَةِ أَبَدًا حَتَّى تَقُومَ دَلَالَةُ الْمَجَازِ.
وَالْأَسْمَاءُ الشَّرْعِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ أَسْمَاءِ الْمَجَازِ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُهَا إلَّا مِنْ جِهَةِ التَّوْقِيفِ أَوْ الِاتِّفَاقِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إذَا كَانَتْ الْعَرَبُ قَدْ تَكَلَّمَتْ بِمَا سَمَّيْته مَجَازًا وَبِالْحَقِيقَةِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهَا فَمَا أَنْكَرْت أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ مَا سَمَّيْته حَقِيقَةً إنَّمَا صَارَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَكَلَّمَتْ بِهِ.
قِيلَ لَهُ: لَمْ يَكُنْ الْحَقِيقَةُ حَقِيقَةً لِأَنَّ الْعَرَبَ إنْ تَكَلَّمَتْ بِهِ دُونَ أَنْ يَكُونَ تَكَلَّمَتْ بِهِ عَلَى مَوْضُوعَاتِهَا فِي أَصْلِ اللُّغَةِ ثُمَّ تَجَاوَزَتْ ذَلِكَ فَسَمَّتْ بِهِ مَا لَيْسَ الِاسْمُ لَهُ فِي الْأَصْلِ تَشْبِيهًا بِهِ وَاتِّسَاعًا فِي لُغَتِهَا (وَ) اكْتِفَاءً بِعِلْمِ الْمُخَاطَبِ بِالْمُرَادِ فَلَمْ تُسَمِّ ذَلِكَ حَقِيقَةً. فَأَفَدْنَا بِقَوْلِنَا حَقِيقَةً أَنَّهُ اسْمٌ لَهُ فِي مَوْضُوعِ اللُّغَةِ فَسُمِّيَ بِهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ وَيُفِيدُ بِقَوْلِنَا مَجَازًا أَنَّهُ مُسَمًّى بِاسْمِ غَيْرِهِ فِي مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةٍ لَا (نَتَعَدَّى بِهَا) مَوَاضِعَهَا وَلَا يَجْرِي عَلَى غَيْرِهَا وَإِنْ شَارَكَتْ الْأَوَّلَ فِي مَعَانِيهِ فَإِنْ كُنْت إنَّمَا أَنْكَرْت اللَّفْظَ دُونَ الْمَعْنَى فَإِنَّا لَا نُضَايِقُك فِي اللَّفْظِ سَمِّهِ أَنْتَ بِمَا شِئْت بَعْدَ أَنْ تُوَافِقَ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ كُنْت

1 / 368