الفصول في الأصول
الناشر
وزارة الأوقاف الكويتية
الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٤ هجري
مكان النشر
الكويت
الشَّاعِرُ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ وَهِيَ مَجَازٌ وَهِيَ مِنْ فَصِيحِ الْكَلَامِ وَجَيِّدِهِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ الْحَقِيقَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَمِنْهُ أَنْ يُسَمَّى الشَّيْءُ بِاسْمِ غَيْرِهِ عَلَى جِهَةِ الْمُقَابَلَةِ وَالْمُجَازَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ اسْمَهُ وَلَا يَجُوزُ إطْلَاقُهُ إذَا وَقَعَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى ﴿قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ [البقرة: ١٤] ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ [البقرة: ١٥] . وَلَيْسَ (ذَلِكَ مِنْ اللَّهِ اسْتِهْزَاءً) فِي الْحَقِيقَةِ وَلَكِنَّهُ حِينَ أَخْبَرَ عَنْ جَزَاءِ الِاسْتِهْزَاءِ سَمَّاهُ بِاسْمِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠] وَالْجَزَاءُ لَيْسَ تَشْبِيهًا وَإِنَّمَا سَمَّاهُ بِهَا مِنْ حَيْثُ كَانَتْ فِي مُقَابَلَتِهَا وَمُسْتَحَقَّةً مِنْ أَجَلِهَا.
وَتَقُولُ الْعَرَبُ الْجَزَاءُ بِالْجَزَاءِ وَالْأَوَّلُ لَيْسَ بِجَزَاءٍ فَسَمَّاهُ بِاسْمِ مَا يُقَابِلُهُ. وَمِمَّا يُسَمَّى بِاسْمِ غَيْرِهِ لِلْمُجَاوَرَةِ أَوْ لِأَنَّهُ (مِنْهُ) بِسَبَبِ قَوْلِهِمْ لِلْمَزَادَةِ (وَ) السِّقَاءِ رَاوِيَةٌ وَالرَّاوِيَةُ اسْمٌ لِلْجَمَلِ الَّذِي يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو النَّجْمِ:
تَمْشِي مِنْ الرِّدَّةِ مَشْيَ الْجَفْلِ ... مَشْيَ الرَّوَايَا بِالْمَزَادِ الْأَثْقَلِ
1 / 365