الفصول في الأصول
الناشر
وزارة الأوقاف الكويتية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٤ هجري
مكان النشر
الكويت
تصانيف
أصول الفقه
ذَلِكَ الْمَعْنَى يَسْتَوِي فِيهِ أَهْلُ سَائِرِ اللُّغَاتِ فِي لُغَاتِهِمْ عَلَى اخْتِلَافِهَا وَبِيئَتِهَا وَلَا يَخْتَصُّ بِلُغَةِ الْعَرَبِ دُونَ غَيْرِهَا كَسَائِرِ ضُرُوبِ الْكَلَامِ إذَا نُظِمَتْ ضَرْبًا مِنْ النَّظْمِ وَرُتِّبَتْ ضَرْبًا مِنْ التَّرْتِيبِ ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى لُغَةٍ أُخْرَى عَلَى نِظَامِهَا وَتَرْتِيبِهَا؛ لَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُ أَهْلِ اللُّغَةِ الْمَنْقُولَةِ إلَيْهَا وَالْمَنْقُولَةِ عَنْهَا فِي مَعْرِفَةِ دَلَالَاتِهَا عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ اللُّغَةِ الْأُولَى فَإِذًا لَا اخْتِصَاصَ لِأَهْلِ اللُّغَةِ بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فَقَوْلُهُمْ قَالَ ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ سَاقِطٌ لَا اعْتِبَارَ بِهِ. وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ أَعْلَمَ الْأُمَّةِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ هُمْ الصَّحَابَةُ وَلَمْ يَعْقِلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ حُكْمِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى حَسَبِ مَا بَيَّنَّاهُ أَيْضًا.
وَأَمَّا مَا حَكَاهُ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ «فِي قَوْله تَعَالَى ﴿إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٨٠] وَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَأَزِيدَنَّ عَلَى السَّبْعِينَ» رِوَايَةٌ بَاطِلَةٌ لَا يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَفِي تَجْوِيزِهِ انْسِلَاخٌ مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ دِينِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ أَوَّلِ مَا بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى (أَنْ) تَوَفَّاهُ ﷺ أَنَّهُ دَعَا النَّاسَ إلَى اعْتِقَادِ تَخْلِيدِ الْكَافِرِ فِي النَّارِ وَأَنَّهُ لَمْ يُجَوِّزْ قَطُّ غُفْرَانَ الْكُفْرِ فَمَنْ جَوَّزَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ جَوَازَ الِاسْتِغْفَارِ لِلْكَافِرِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْمِلَّةِ. وَقَدْ أَخْبَرَ (اللَّهُ تَعَالَى) عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ مَا قَالَ أَنَّهُمْ مَاتُوا (كُفَّارًا) بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاَللَّهِ
1 / 308