179

الفصول في الأصول

الناشر

وزارة الأوقاف الكويتية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٤هـ - ١٩٩٤م

كَانَ) هَذَا وَصْفَهُ إلَّا مِنْ طَرِيقِ النَّسْخِ، وَرَقَبَةُ الظِّهَارِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ «أَوْسَ بْنَ الصَّامِتِ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ شَهْرَ رَمَضَانَ فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ تَسْأَلُ النَّبِيَّ ﷺ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ الظِّهَارِ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً قَالَتْ لَا يَجِدُ. . . إلَى أَنْ ذَكَرَ الصِّيَامَ وَالْإِطْعَامَ فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِعِتْقِ رَقَبَةٍ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْإِيمَانِ، وَأَمَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِهَا كَذَلِكَ» . وَلَوْ كَانَ مِنْ شَرْطِهَا الْإِيمَانُ (لَبَيَّنَهُ) النَّبِيُّ ﷺ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِيهِ مَوْكُولًا إلَى اسْتِدْلَالِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَنَظَرُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ أَلْزَمَهُ تَنْفِيذَ الْحُكْمِ فِي الْحَالِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ السَّائِلَ كَانَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالنَّظَرِ فَيَكُونُ حُكْمُ الرَّقَبَةِ مَوْقُوفًا عَلَى اعْتِبَارِهِ بِالْأُصُولِ.
وَرُوِيَ أَيْضًا «أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ» وَكَانَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، فَلَوْ قَيَّدْنَاهَا بِشَرْطِ الْإِيمَانِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إلَّا نَسْخًا عَلَى مَا بَيَّنَّا فَدَلَّ مَا وَصَفْنَا عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الْآيَةِ مِنْ الرَّقَبَةِ هُوَ رَقَبَةٌ مُطْلَقَةٌ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِشَرْطِ الْإِيمَانِ وَأَنَّا مَتَى قَيَّدْنَاهَا بِشَرْطِ الْإِيمَانِ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ نَسْخِ مُوجَبِ الْآيَةِ

1 / 232