الفصول في الأصول
الناشر
وزارة الأوقاف الكويتية
الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٤ هجري
مكان النشر
الكويت
تصانيف
أصول الفقه
وَأَنْكَرَتْ عَائِشَةُ ﵂ حَدِيثَ " ابْنِ عُمَرَ وَعُمَرَ ﵄ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ «إنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» فَقَالَتْ: قَالَ اللَّهُ ﷿ ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤] . وَإِنَّمَا أَنْكَرَتْ اعْتِقَادَ ظَاهِرِهِ أَنَّهُ يُعَذَّبُ لِأَجْلِ فِعْلِ غَيْرِهِ.
وَاَلَّذِي عِنْدَنَا فِيهِ أَنَّ عُمَرَ وَابْنَ عُمَرَ إنَّمَا جَوَّزَا ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقْبُحُ مِثْلُهُ، وَلَا تَكُونُ عَائِشَةُ مُخَالِفَةً لَهُمَا فِي مَعْنَاهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْبُكَاءَ عِنْدَ الْعَرَبِ هُوَ التَّعْدِيدُ، وَكَانُوا يُعَدِّدُونَ عَلَى مَوْتَاهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِمَا كَانُوا يَتَبَارَوْنَ بِهِ مِنْ الْغَارَاتِ وَالسِّبَاءِ وَالْقَتْلِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِبَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ يُعَدِّدُ بِمِثْلِهِ إنَّهُ يُعَذَّبُ لِهَذِهِ الْأَفْعَالِ، وَكَانَ قَبُولُ عُمَرَ وَابْنِهِ لَهُ عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ، وَرَدُّ عَائِشَةُ لَهُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ صَحِيحٍ أَيْضًا.
1 / 160