فصول في الثقافة والأدب

علي بن مصطفى الطنطاوي ت. 1420 هجري
139

فصول في الثقافة والأدب

الناشر

دار المنارة للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

مكان النشر

جدة - المملكة العربية السعودية

تصانيف

ولا أعرف عنها وعن الفيزياء (١) إلا أن الكيمياء تبحث في التبدّلات الجوهرية في المواد وتلك تبحث في التبدلات العارضة. ودرست الجغرافية (٢) الطبيعية والسياسية والاقتصادية، ومع ذلك فقد سمعت في الرادّ من أيام اسم بلد فلم أدرِ أين يقع حتى بحثت عنه على المصوَّر. وكل من عرفت من الطلاب هذه حالهم؛ ينسى أكثرهم كل شيء إلا شيئًا انقطع له واختص به، ويحفظ الأقلُّ منهم خلاصات موجَزة. أفما كان خيرًا لو أقرأناهم هذه الخلاصات وحدها من الأصل؟ ولست أقول: دعوا هذه العلوم لا تُقرئوها التلاميذ، ولكن أقول إن هذا الخلط بين العلوم الكثيرة يؤدي إلى إضاعتها كلها، وهذا سرّ ما نشكوه من ضعف الطلاب في مصر والشام والعراق في اللغة، وهي أداة العلم كله، وما نلمسه من عقم القرائح وفَقْد المخترع والباحث. ولو أنّا رجعنا إلى طريقة أجدادنا الذين كانوا يتعلمون علمين اثنين أو ثلاثة، فإذا أحسنوها أخذوا في غيرها، لكان أجدى علينا. * * *

(١) وكانت تسمى في أيامنا «حكمت طبعية». (٢) وقد كان الأب أنستاس الكرملي يسمّيها علم «التفريع»، من قولهم فَرَع الأرض (أي جَوّل فيها).

1 / 143