الفروق
محقق
د. محمد طموم
الناشر
وزارة الأوقاف الكويتية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٢هـ - ١٩٨٢م
إذَا افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ حَالَةَ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ وَالِانْتِصَافِ ثُمَّ أَفْسَدَهَا لَزِمَهُ الْقَضَاءُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَلَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا وَرَدَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، وَالصَّلَاةُ إنَّمَا هِيَ أَرْكَانٌ مِثْلُ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَابْتِدَاءُ الِافْتِتَاحِ لَيْسَ بِصَلَاةٍ، فَلَمْ يُوجَدْ مَا هُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، فَجَازَ أَنْ يَلْزَمَهُ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ الصَّوْمُ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ وَرَدَ فِي صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَابْتِدَاءُ الصَّوْمِ صَوْمٌ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ هُوَ إلَّا الْإِمْسَاكُ فَوُجِدَ الْفِعْلُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، فَجَازَ أَنْ لَا يَثْبُتَ حُكْمُهُ وَلَا يُؤْمَرُ بِإِتْمَامِهِ.
وَفَرْقٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّهُ إنَّمَا وُجِدَ التَّكْبِيرُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، وَالتَّكْبِيرُ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ، فَانْعَقَدَتْ التَّحْرِيمَةُ مِنْ غَيْرِ نَهْيٍ، فَجَازَ أَنْ يُؤْمَرَ بِقَضَائِهِ عِنْدَ الْإِفْسَادِ. وَأَمَّا الصَّوْمُ فَابْتِدَاءُ الْإِمْسَاكِ مِنْ الصَّوْمِ وَجُزْءٌ مِنْهُ، فَوُجِدَ جُزْءٌ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الْفَسَادِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِقَطْعِهِ، فَإِذَا قَطَعَ لَا يُؤْمَرُ بِقَضَائِهِ. وَلِأَنَّ التَّكْبِيرَ قَوْلٌ، فَقَدْ أَوْجَبَ الصَّلَاةَ بِقَوْلِهِ، فَصَارَ كَإِيجَابِهِ بِالنُّذُورِ. وَالشُّرُوعُ فِي الصَّوْمِ فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِهِ، فَجَازَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ حُكْمُهُ عَلَى وَجْهِ الْفَسَادِ إذَا كَانَ مَأْمُورًا بِإِبْطَالِهِ، كَمَا لَوْ دَفَعَ دَرَاهِمَ إلَى إنْسَانٍ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ بَانَ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَارْتَجَعَ لَمْ يَضْمَنْ كَذَلِكَ هَذَا.
1 / 44