ضير إذ كان هذا، أعطني ما أقضي ديني، وعجل سراحي لأرحل عنك.» فقال علي: «فكم دينك؟» فقال: «أربع مائة ألف درهم.» فقال علي: «فما هي عندي، ولا أملكها، ولكن تصبر حتى يخرج عطائي فأقاسمك.» فقال عقيل: «بيت المال في يدك، وأنت تسوفني؟» قال: «والله يا أخي ما أنا وأنت في هذا المال إلا بمنزلة رجل من المسلمين.» وجعلا يتكالمان في هذا وهما فوق قصر الإمارة مشرفين على صناديق أهل السوق. فقال علي: «إذا أبيت ما أقول، فانزل إلى بعض هذه الصناديق، فاكسرها وخذ ما فيها.» قال عقيل: «أتأمرني أن أكسر صناديق قوم قد توكلوا على الله وجعلوا أموالهم فيها واتكلوا عليها؟» قال: «أفتأمرني أن أفتح بيت مال المسلمين وقد توكلوا على الله، وهم يرجون قبضها، وأنا متقلد أحدها من وجوهها ووضعها في حقوقها؟ فإن أبيت ما أقول أخذت سيفًا، ثم أخذت سيفًا، ثم انطلقنا إلى الجير، فإن فيها تجارًا مياسير، فدخلنا على بعضهم وأخذنا أموالهم.» قال عقيل: «أسارقًا جئت؟» قال علي: «فلئن تسرق من واحد خير من أن تسرق من كافة المسلمين.» قال عقيل: «فائذن لي أن آتي هذا الرجل؟ - يعني معاوية- غير متهم لي أني إليه هجرت، ولا عنك صدرت، ولا به انتصرت.» قال: «قد أذنت لك.» قال: «فاعني على سفري إليه.» قال: «يا حسن! أعط عمك أربع مائة درهم.» فأعطاه إياها. فخرج من عنده، وهو يقول:
سيغنيني الذي أغنى عليًاّ ... فيدركه إلى الرحم الطلوب
1 / 49