127

خطبة الجمعة ودورها في تربية الأمة

الناشر

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٢هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

المبحث الأول
١ - مراعاة مستواهم من حيث العلم والثقافة، والسن، والعادات معرفة أحوال المخاطبين من ألزم الأمور التي تلزم الداعية والخطيب، ليكون على علم بما يحرك عواطفهم، ويؤثر في نفوسهم.
والخطيب بحكم معايشته للمصلين، ومخالطته لهم أقدر على معرفة مستوياتهم الثقافية، والاجتماعية، ومعرفة عاداتهم وتقاليدهم، وما الذي يوقظ مشاعرهم وأحاسيسهم، ويثير حماستهم وغيرتهم.
فمن المعلوم أن الناس لا يخاطبون جميعا بأسلوب واحد على اختلاف عقولهم وقدراتهم، وتنوع ثقافاتهم وأحوالهم. وقد قال النبي ﷺ لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: «إنك تقدم على قوم أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله. . .» الحديث " (١) .
فقد بين له ﷺ حال المدعوين، فهم أهل كتاب، وليسوا مشركين أو وثنيين، فينبغي أن يفرق في أسلوب خطابهم بينهم وبين عبدة الأوثان الذين لا يتفقون معه في شيء من أصول العقيدة، أو أساسيات الإيمان، ثم أخبره بأهم ما يبدأ به في دعوة هؤلاء.
قال البخاري ﵀: باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا، وقال علي: حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله (٢) وتأمل قول علي ﵁: أتحبون أن يكذب الله ورسوله، فإن من لا يحسن خطاب الناس بما يفهمونه ويعونه، كأنما يدفعهم بأسلوبه إلى تكذيب الله تعالى، وتكذيب رسوله ﷺ، وهو يظن أنه يقيم عليهم الحجة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

(١) متفق عليه، أخرجه البخاري، وهذا لفظه (الزكاة- ١٤٥٨) ومسلم (الإيمان- ٣١) .
(٢) البخاري (كتاب العلم- / ١٢٧٢) .

1 / 145