فكر ومباحث
الناشر
مكتبة المنارة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م
مكان النشر
مكة المكرمة
تصانيف
ومن هذا الباب قصة الشيخ علي كزبر، وقد كان خياطًا في سوق المسكية على باب الجامع الأموي، فكان إذا فرغ من عمله ذهب فجلس في الحلقة التي تحت القبة فاستمع إلى الشيخ حتى يقوم فيلحق به فيخدمه، وكان الشيخ يعطف عليه لما يرى من خدمته إياه، فيشجعه ويحثه على القراءة فقرأ ودأب على المطالعة، حتى صار يقرأ بين يدي الشيخ في الحلقة، ولبث على ذلك أمدًا وهو لا يفارق دكَّانه ولا يدع عمله، حتى صار مقدمًا في كافة العلوم.
فلما مات الشيخ حضر في الحلقة الوالي والأعيان والكبراء ليحضروا أول درس للمدرِّس الجديد، فافتقدوا المعيد فلم يجدوه. ففتشوا عليه فإذا هو في دكانه يخيط، فجاؤوا به، فقرأ الدرس وشرحه شرحًا أعجب به الحاضرون وطربوا له. فعينِّ مدرسًا ولبث خمسة عشر عامًا يدرس تحت قبة النسر، وبقيت الخطبة في أحفاده إلى اليوم (١).
على أن للتشجيع عيبًا واحدًا هو الغرور، فأنا أعوذ بالله أن أغتر فأصدِّق أني أهل لكل ما تفضل به عليَّ الأستاذ من النعوت، وأرجو أن أوفق إلى الجد والتقدم بتشجيع الأستاذ وفضله، وأشكر للأستاذ الزيات باسمي واسم إخواني هنا، أياديه علينا وعلى الأدب العربي، الذي سمت وتسمو به «الرسالة»!
...
_________
(١) ومدرِّس القبة الرسمي اليوم شاب أوروبي الزي، أوروبي اللسان، أوروبي الزوجة. لا يدخل المسجد مرة في العام، ولكنه مدرس القبة!
1 / 134