الكندي لا أعلم كتابة تحتمل من تجليل حروفها وتدقيقها ما يحتمل الكتابة العربية ويمكن فيها من السرعة ما لا يمكن في غيرها من الكتابات وقال أفلاطون الخط عقال العقل وقال إقليدس الخط هندسة روحانية وإن ظهرت بآلة جسمانية وقال أبو دلف الخط رياض العلوم وقال النظام الخط أصيل في الروح وإن ظهر بحواس البدن.
كلام في قبح الخط.
يقال رداءة الخط إحدى الزمانتين وقيل رداءة الخط زمانة الأدب وقيل الخط الرديء جدب الأدب.
كلام في فضائل الكتب:
قيل لسقراط أما تخاف على عينيك من إدامة النظر في الكتب فقال إذا سلمت البصيرة لم أحفل بسقام البصر مهنود لولا ما عقدته الكتب من تجارب الأولين لا نحل مع النسيان عقود الآخرين وقال بزرجمهر الكتب أصدق الحكم تنشق عن جواهر الشيم وقال آخر هذه العلوم فوارد فاجعلوا الكتب لها نظاما وهذه الأبيات شوارد فاجعلوا الكتب لها زماما.
ولكلثوم بن عمرو العتابي:
لنا ندماء ما نمل حديثهم ... أمينون مأمونون غيبا ومشهدا
يفيدوننا من علمهم علم ما مضى ... ورأيا وتأديبا وأمرا مسددا
بلا علة تخشى ولا خوف ريبة ... ولا نتقى منهم بنانا ولا يدا
فإن قلت هم أحياء لست بكاذب ... وإن قلت هم موتى فلست مفندا
وقال نطاحة واسمه أحمد بن إسماعيل ويكنى أبا علي وسيمر ذكره مستقصى في صفة الكتاب الكتاب هو المسامر الذي لا يبتدئك في حال شغلك ولا يدعوك في وقت نشاطك ولا يحوجك إلى التجمل له والكتاب هو الجليس الذي لا يطريك والصديق الذي لا يغريك والرفيق الذي لا يملك والناصح الذي لا يستزلك.
وأنشدني السري بن أحمد الكندي لنفسه قال كتبت على ظهر جزء أهديته إلى صديق لي وجلدته بجلد أسود.
وأدهم يسفر عن ضده ... كما سفر الليل إذ ودعا
بعثت إليك به أخرسا ... يناجي العيون بما استودعا
1 / 22