رجل في ملابس النساء
نُشرت في مصر سنة ١٩٤٧
قرأت في (أخبار اليوم) آن الشرطة عثرت على (فلان) قتيلًا في داره. وقالت عن هذا القتيل أنه كان يلبس ملابس النساء، ويفضلها على ملابس الرجال، لأن أمه لما ولدته كانت ترجو أن يكون بنتًا لذلك دعته (فلانة) وألبسته ملابس البنات ونشأته على ذلك، وقالت الجريدة أنه كان غنيًا واسع الثروة فأراد يومًا أن يؤلف لجنة في (حزب سياسي) للسيدات يكون هو رئيسها فأوفدت إليه الشرطة من يهدده بالاعتقال والنفي إلى الطور إن هو فعل.
...
قرأت هذا فوقفت عنده وفكرت فيه، فوجدت الجريدة قد ساقت هذا الخبر لتعجّب الناس من أمرين هما: لبس الرجل لباس المرأة، ودخوله في لجنة السيدات - وما في واحد منهما عجب، ولا أدري ماذا وجدت فيه الجريدة حتى عجّبت منه الناس! وما دمنا لا ننكر على المرأة أن تلبس لباس الرجل وتستعير سراويلاته (بنطالونه)، وتجزّ شعرها تشبهًا به، وتتخذ مثل قميصه وردائه؛ فلماذا ننكر على الرجل أن يلبس ثيابها مرة واحدة؟.
ولماذا ننكر عليه دخوله مرة واحدة في لجنة السيدات، ولا ننكر على السيدات دخولهن في لجان الرجال ومشاركتهم في أعمالهم، من سوق السيارة إلى تدريس الجامعة؟ وأيهما أعجب وأغرب، وأبعد عن سنن الله ومألوف الناس أأن يرأس رجل لجنة السيدات في حزب من الأحزاب، أم أن تقعد آنسة جميلة على منبر التدريس مثلًا؛ تعلم شبابًا كبارًا، علمًا لم تختص هي به، ولم تنفرد بحمله، ولم ينقرض الرجال حتى لم يبق لتدريسه إلا هي، وليست أصلح له ولا أقدر عليه من رجال هم مستعدون للقيام به، راغبون في أدائه؟.
1 / 39