كتاب فى الهيئة للبطروجى
بسم الله الرحمن الرحيم أطال الله تعالى بقاءك يا أخي إن غرضى بعد حمد الله كثيرا والصلاة على نبيه دائما أن أعلمك بامر اخلج فى صدرى وأبث إليك من مكمون سرى معنى جليا سنح لفكري من بعد حيرة افنيت فيها اكثر عمرى وأرغب إليك وإلى من نظر فيما كتبه أن يحسن الظن بى ولا يسبق بالعذل إلي ويقبل باللوم علي فى مخالفتى الأقدمين من العلماء ومناقضتى لأقاويل الجلة الفضلاء فإنى علم الله لم أتعمد ذلك ولا أتمنى فيما هنالك إلا إنى منذ صباى حين نظرت فى الجزء التعليمى فى حركات السماء وتتبعت فيها أقاويل القدماء بحسب ما وضعه رئيس هذا الفن بطلميوس وتابعه عليه من أتى بعده من العلماء ولم يخالفه أحد منهم سوى أبى إسحق إبراهيم بن يحيى المعروف بالزرقالة فى حركة كرة الكواكب الثابتة وأبى محمد جابر بن أفلح الأشبيلى فى ترتيب فلك الشمس وفلكى الزهرة وعطارد وفى مواضع جزئية من كتابه وقع لبطلميوس فيها وهم وأصلحها جابر وتممها على الاصول التي وضعها بطلميوس لم لذلك مستريبا بتلك الأوضاع منافرا لما تنافر منها الطباع وذلك أنه يقول فى الجملة الثامنة من المقالة الأولى ومع ما ذكرنا فقد ينبغى أن يكون من جمل ما يقدم أيضا أن الحركات التى فى السماء إثنتان إحداهما التى تحرك الكل أبدا من المشرق إلى المغرب بحال واحدة وأدوار متساوية وعلى دوائر مواز بعضها لبعض مدارها على فلك الكرة التى تدير الكل باستواء وتسمى أعظم هذه الدوائر معدل النهار ثم قال بعد قليل والحركة الأخرى التى تحرك أكثر النجوم الجارية إلى خلاف الحركة الأولى على قطبين آخرين لا على قطبيها فوضع كما نرى هاتين الحركتين وضعا ثم أنه رام أن يأتى بأسباب وضعه إياهما على هذه الحال فقال وإنما أثبتنا ما وصفنا لأنا إذا نظرنا الى جميع ما فى السماء كل يوم رأيناه بالحس فى اليوم الواحد يطلع ويتوسط السماء ويغرب على مواضع متشابهة فى الصورة موازية لمعدل النهار وهذه خاصة الكرة الأولى فإذا رصدنا فى الأيام المتوالية رأينا جميع الكواكب سوى الشمس والقمر والكواكب المتحيرة ثابتة أبعاد بعضها من بعض لازمة للمواضع الخاصة بالحركة الأولى على ظاهر الأمر ورأينا الشمس والقمر والنجوم المتحيرة تتحرك حركات مختلفة غير مساو بعضها لبعض وأنها كلها بالقياس إلى حركة الكل يتحرك إلى المشرق إلى النواحى التى تخلفها وراءها الكواكب الثابتة أبعاد بعضها من بعض كان الذي يديرها كرة واحدة ولو كانت حركة المتحيرة والشمس والقمر تكون أيضا على دوائر موازية لمعدل النهار على قطبى الحركة الأولى لكان فى إثباتنا أن حركة الكل واحدة وإن هذه الحركة تابعة للأولى كفاية وكان من المقنع أن نقول إن انتقالها على الخلاف إنما هو بالظن لا بأن لها حركة على الخلاف ولكنا قد نرى لها مع حركاتها إلى المشرق حركات إلى الشمال وإلى الجنوب ونرى قدر تباعدها فيهما مختلفا ويكاد يظن بميلها ذلك فيهما لاشياء يقدر يقذف بها الا أن ميلها لو كان على هذا الوجه لكان مختلفا غير منتظم فإذ له ترتيب وقد يجب أن يكون من قبل دائرة مائلة عن معدل النهار ومن هنالك نجد هذه الدائرة واحدة بعينها خاصة للنجوم المتحيرة ونجد حركة الشمس ترسمها على الحقيقة وعن جنبتى هذه الدائرة وعليها القمر والخمسة المتحيرة ومجازها من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال من غير أن يجور واحد منها مقدار البعد المحدود له عن جنبتيها ولا بالقليل فهذا ما قاله فى اختلاف حركات الكواكب السبعة وفى وضعه أيضا الدائرة المائلة يحميعها واحدة بعينها فإذا الذى منع من أن نجعل السماوات أجمع إثنتين إحداهما التى تتحرك على قطبى الكل والأخرى التى تتحرك على القطبين الأخرين وهما قطبا الدائرة التى ترسمها الشمس وكيف تكون سماوات كثيرة ليس لها جميعا سوى قطبين وهى مع ذلك تتحرك حركات مختلفة وأظن أن السبب فى ظنهم أن حركة جميع الأفلاك التى تحت الأعلى المحرك الحركة اليومية واحدة وأنها مع ذلك على قطبى الدائرة التى ترسمها الشمس بحركتها وحدها إنما هو لأن أقطاب الأفلاك السبعة مرتب وضع بعضها من بعض فلا يتفاوت التباعد بين الكواكب الموضوعة عليها ولما قاسوا مواضع الكواكب الثابتة ألفوها ألقوها أيضا تنتقل عن مواضعها فى الطول وفى العرض فظنوا بها أيضا أنها إنما يتنقل فلكها على قطبى تلك الدائرة المائلة بعينها فجعلوا لذلك الحركة الأولى لهذه الأفلاك جميعا أعنى المتحركة الحركة اليومية والذي جميعا حركتين إحداهما حركة الأعلى المحركة للكل الحركة اليومية وقطبا هذه الحركة هما قطبا معدل النهار والثانية الحركة التى زعموا أنها مقابلة لهذه وهى حركة سائر الأفلاك الباقية أعنى المكوكب والسبعة التى دونه وقطبا هذه الحركة قطبا الدائرة التى ترسمها الشمس وهى المسماة بدائرة البروج كأن هذه الحركة عندهم لفلك آخر دون الفلك الأعلى وفوق المكوكب يتحرك خلاف حركة الأعلى ويحرك ما تحته على قطبيه وكان جميع الاملاك التى تحته لا أقطاب لها تتحرك ... عليها وهذا كله إنما هو بالظن وسموا هذا الفلك المظنون بفلك البروجة وليس له وجود بالحقيقة وفى الحقيقة أن لكل فلك منها قطبين وإن أقطابها تخالف بعضها بعضا وليست نقله جميع الكواكب المتحيرة على قطبى الدائرة التى ترسمها فكيف أن يكون عليها نقله المكوكب ومما يدل يدل على أن هذه الدائرة المائلة التى ذكر أنها أصل لحركة الفلك المكوكب وأفلاك الكواكب الاخر ليست بأصل لحركاتها أنها لا يثبت ميلها على حال واحدة ونجد نقطتى تقاطعه مع دائرة معدل النهار تنتقل وكذلك وكذلك نقطتا المنقلين وذلك بحسب نقلة الفلك المكوكب فيظهر أن الفلك المسمى عندهم بفلك البروج تابع بحركته للفلك المكوكب وكيف يصح أن يكون تابعا له ومتبوعا هذا من أعظم الاستحالة وأما الذي أخل بأصولهم وضعهم هذه الدائرة اصلا لجميع تلك الحركات واضطرهم ذلك إلى كثرة التطويل وإلى وضع ما لا يمكن أن يكون وهو الذى أحوجهم أيضا إلى حركة الأنحراف التى أثبتوها لافلاك التداوير فى العلوية وفى الزهرة وعطارد وأقول إنه لما كان مشاهدا بالحسن للجميع من نقلة الكواكب جميعا أنها تتحرك دورة واحدة فى اليوم والليلة من المشرق إلى المغرب على قطبين ثابتين وعلى دوائر متوازية فى الحس التى أعظم هذه الدوائر هى المسماة بمعدل النهار ثم أن من رصد هذه الكواكب شاهد منها بالحس أن لبعضها تأخرا عن البعض كما ذكر بطلميوس وهو تباعد البعض منها عن البعض إلى جهة المشرق وشاهدوا لها مع التأخر خروجا فى العرض وميلا عن تلك الدائرة الوسطى تارة إلى الشمال عنها وتارة إلى الجنوب حكموا لهذا السبب على جملة السماء إنها تتحرك بنوعين من الحركة متقابلتين إحداهما ينسبونها للجرم المحرك للكل على قطبيه الحركة التى من المشرق إلى المغرب ونسبو الحركة الثانيه وهى التى ذكر أنها لسائر الأفلاك تحته أعنى المكوكب والأفلاك السبعة لفلك آخر مائل قطباه خارجان عن قطبى الأعلى و أكد عندهم هذا المعنى خروج هذه الكواكب فى العرض عن الدائرة المسماة معدل النهار إلى الجهتين كلتيهما وقالوا إنه لو كانت هذه الكواكب إنما يتأخر بعضها عن بعض على تلك الدوائر المتوازية خاصة لقد كان من البين أن نقلتها جميعا وحركة أفلاكها على ذنيك القطبين اللذين للجرم المحرك الحركة اليومية وإن ينسب بعضها إلى التقصير عن بعض ويكون ذلك لسرعة أفلاك بعضها وبطء أفلاك البعض وكان فى القول بأنها على تلك الحال كفاية لكن نقلتها فى وجهتين فى الطول العرض فجعلوا هاتين الحركتين لفلك مائل على ذلك الأول وسموه بفلك البروج وجعلوا حركته من المغرب ىلى المشرق ومقابلة لتلك الحركة الأولى فاذا لما كان السبب فى وضعهم فلك البروج هو الميل لا حركة الطول إذ كان لحركة الطول معنى ينسب إليه وهو البعض ولهذا المعنى الذى أتينا به جعلوا فلكين يتحركان حركتين متقابلتين وكل واحدة منهما على قطبين وكل واحد منهما يحرك ما تحته من الأفلاك بحركته فالأفلاك التى فيها الكواكب بأسرها يتحرك عندهم بحركتى هذين الفلكين المتقابلى الحركة ودون شك أن كل حركة فهى لمتحرك وعن محرك كما تبين فى السماع وتصدر الحركة الواحدة عن محرك واحد بالضرورة والمحرك البسيط انما يحرك حركة بسيطة ولا يصدر عن المحرك البسيط حركتان متقابلتان ولا يتحرك المتحرك البسيط حركتين متقابلتين ويلزم أن تحركت السماء هاتين الحركتين إن يكونا لها إما طبيعيتين وإما خارجتين عن الطبع وما هى خارجة عن الطبع هى قسرية وإما أن يكون إحداهما طبيعية لها ويكون الأخرى لها بالقسر ويجب أن يكون المحركان طبيعيين والمتحركان كذلك ولا يصلح أن يكون للسماء حركة بالقسر فهما اذا طبيعيتان ولهما محركان بالطبع لأن كل حركة طبيعية وكل محرك طبيعي وقد تبين فى السماع أن المحرك للسماء واحد فحركة السماء الطبيعية واحدة فإذا ليس للسماء حركتان متقابلتان لكون المحرك الطبيعي لها واحدا فإن للسماء إذا حركة واحدة لا غير وهى عن محرك وأخرى فى جهة واحدة وأقول أيضا قد تبين أن السماء بسيطة وتبين أن العلة لحركتها كذلك بسيطة فلأجل إذا تحرك هذه العلة البسيطة حركات متقابلة أو كبيرة و أيضا فإن صور أجزاء السماء متشابهة وطبيعتها واحدة فلماذا تكون أجزاؤها مختلفة الحركات وقد نجد الأمور التى لدنيا ما كان منها متشابه الأجزاء فإن حركة الجزء الواحد منها شبيهه بحركة الكل وبتحرك الجزء إلى حيث يتحرك الكل فإن كان فى حركات أجزاء السماء اختلاف يوجب تقابلا فليست السماء واحدة ولا أجزاؤها متشابهة وقد بين الحكيم أنها واحدة ومتشابهة الأجزاء ولا إختلاف فيها فحركة أجزائها إذا إلى حيث يكون حركة جملتها ومعظم أجزاء السماء هو الجرم المتحرك الحركة اليومية وهى من اليمين إلى اليسار فحركة أجزائها إذا إلى هنالك ثم أن بطلميوس قال فى النوع الثالث من المقالة الثالثة فى الأصول التى للحركة المستوية التى تجري على الاستدارة ما هذا نصه فقد ينبغى أن نقدم بالجملة أن تنقل الشمس والقمر والكواكب المتحيرة بحركاتها تلقاء حركة السماء وكذلك نقلة الجميع قدما مستوية كلها فى طبيعتها على استدارة أعنى الخطوط المستقيمة التى هى أبعاد الكواكب من مراكز أفلاكها التى تتوهم توهما أنها تدير الكواكب أو تدير مع الكواكب أفلاكها بفصل منها كلها على الإطلاق فى الأزمان المتساوية فيها إنما يكون من قبل وضع الأفلاك التى فى كرتها التى عليها تتحرك ومن قبل نفسها وأنه ليس فيما يخال من اختلاف نظام ما يظهر فيها ما يلزم منه بالحقيقة شيء متباين لا أنها أبدية وإن السبب فيما يخال من الاختلاف فيها يحتمل أن يرجع إلى أصلين خاصة اولين بسيطين وذلك أن حركة الكواكب التى ترى لو كانت على فلك يتصور فى الذهن أن مركزه مركز العالم وأنه فى سطح فلك البروج حتى أنه لا فرق بين ممركزه وبين بصر ما لم يكن يرى لحركتها اختلاف فلذلك قد ينبغى أن يظن أن الكواكب إما أن تحرك حركاتها على الاستواء على أفلاك ليس مراكزها مركز العالم وإما أن تكون تتحرك حركاتها على أفلاك مراكزها مركز العالم الا أنها ليست تتحرك على هذه الأفلاك على الإطلاق بل على أفلاك أخر تحركها تلك الأفلاك ويقال لها أفلاك التداوير فإنه قد يظهر أنه ممكن بحسب كل واحد من هذين الأصلين أن يتبين لأبصارنا أنها في أزمان متساوية تقطع من فلك البروج الذى مركزه مركز العالم قسيا غير متساوية فهذا ما قاله فى وضع الأصلين اللذين جمعهما لحركات هذه الكواكب ولم يكتف بأحد مما لجميع الكواكب السيارة بل إضطر فى جميعها إلى وضع الأصلين جميعا إلا فى الشمس وحدها وربما زاد فى الأكثر منها أشياء أخر معهما حتى يكون حركة الكواكب فى فلك تدوير مركزه دائرة على محيط فلك خارج المركز عن مركز العالم ويعنى بقوله إن تنقل الشمس والقمر والكواكب المتحيرة بحركاتها تلقى حركة السماء وكذلك يعنى بقوله نقلة الجميع قدما مستوية كلها فى طبيعتها اي أن انتقالها جميعا على الاستدارة لا أنها تحركها نحو حركة الكل لأن هذه الكواكب السيارة والثابتة أيضا إنما نقلتها عنوة إلى خلاف حركة الكل وجميع ما قاله فى هذا الأصل إنما هو بالتوهم لا بالحقيقة لأن قوله إن الخطوط المستقيمة التى هى أبعاد الكواكب من مراكز أفلاكها التى تتوهم أنها تدير الكواكب أو تدير مع الكواكب أفلاكها تفصل منها كلها على الأطلاق فى الأزمان المتساوية زوايا متساوية عند مراكزها فإن توهمنا أن هذه الخطوط تحرك الكواكب أو تحرك أفلاكها توهم باطل وإنما يتوهم ذللك إذا تخيلناها كالدوائر المصنوعة كذينك (؟) التى تتحرك على محور مركزها عليه ومنه خطوطا خارجة إلى المحيط محركة له وكذلك وضعه أفلاكا كثيرة فى فلك واحد إنما ذلك بالتوهم والتخيل ولا حقيقة له لأن وضع الأفلاك الكبيرة فى فلك واحد بعضها منفصل عن بعض ومراكزها جميعا مختلفة إنما يتخيل دوائر مجردة فى أكثرهن؟ [# الذهن] لا أجساما ووضع دوائر مجردة محركة أو متحركة لا يصح وجودها ولم يوجد للمتقدمينن من قبل بطلميوس أوضاع وهيئة لحركة هذه الكواكب بل إنما أثبتوا الحركات فى الطول ولاختلاف مجردة إلا أن بعضهم ذكر أن لكل فلك منها افلاكا يتحرك حركات مختلفة لكل كوكب إلا أن تكون على نحوها وضع بطلميوس أو ما يقارب وضعه ولقد كتب أكثر التعجب من عظم ما استنبطه من تلك الأصول وأحمده على ما أفاد به من هذا العلم الجليل وأستغرب ما أتى به من تثقيف حركات الكواكب ونظم اشتاتها وتوفيق معانيها وحسباناتها وتحصيل ازمان نقلتها وعوداتها واستنباط المقدمات اليقينية والمحسوسة لتمثيل هياتها وتتبعه تلك الحركات المختلفة حتى أحكم شردها وسهل لمن شاء وجدانها وجعل حسابها معدا لمن أراد معرفة مواضع الكواكب من أفلاكها فى قربها وبعدها وعرف مقادير عظمها وأقدار أفلاكها بنسبتها إلى الأرض و نسبة بعضها إلى بعض وبأوقات اجتماعها وتقابلها وبأوقات كسوف ما ينكشف منها وبمقدار المنكسف من أجرامها ومدة كسوفاتها فى ماضى الزمان ومستقبله وبعد ذلك من أحوالها الا أنه كان فى نفسى من تلك الأوضاع التى وضعها والأصول التى اخترعها وأبتدعها أمر لا أقدر على احتماله ولا أنشط على وضعه وانزاله أعنى وضع تلك الأفلاك الخارجة المركز عن مركز العالم الدائرة حول مراكزها الخارجة واستدارة مراكزها حول مراكز أخر ووضع أفلاك تداوير تدور حول مراكزها ومراكزها أيضا دائرة فى نفس عرض الفلك إلى خلاف دورانها على أفلاك آخر خارجة المراكز عن مركز العالم حتى تكون جميع هذه الأفلاك موضوعة فى الفلك الواحد منها تحتل مكانا منه وتخلى مكان ويكون الفلك الخارج المركز أعنى الحامل لمركز فلك التدوير يأخذ من عرض الفلك الجزء منه من ناحية واحدة والجزء المقابل لهذا الجز من ناحية أخرى ويبقى منه بعدد ذلك شكل تام الاستدارة إما متحرك وإما متنقل بأجزائه إذا تحركت فيه تلك الأفلاك الخارجة المراكز وأفلاك التدوير حتى يكون الفلك الجامع لهذه الأفلاك كالهواء مثلا وكالماء تتنقل أجزاؤه فيخلى لهذه كل فلك مكانا ويملأ أخر بحسب الحال فيه إلى سائر ما يلزم هذه الأوضاع من المحالاة اللازمة أو الأحوال المخالفة للحق المناقضة وكان الأولى له أن يجعل الحركتين الأوليتين لسماتين ويجعل الكواكب فى الأفلاك الخارجة المراكز وأفلاك التداوير وجوها وهى متحركة تلك الحركات التى ترسمها فى الهواء مثلا أو فيما يشبهه من الأجسام دون أن يجعلها ثماني كرات كل كرة منها تحتمل فيها عشرة كرات مختلفات الحركات حسبما وضع ولقد بقيت زمانا متحيرا متبلدا وتوقفت عن النظر فيما فى الكتاب متفكرا متلددا إلى أن من على فيه بفتح منه وتوفيق لا يصدر إلا من لدنه وأيقظ من سنة التبلد وهدى من حيرة التلدد إلى ما لم أجده سنح إلى خاطر ذى نظر ولا اهتدى إليه فى ظن بالتصور عقل بشر لما شأه عز وجل من إظهار آية وكشف الخفى من سر سماية فظهر لى من حقيقة هيتها وصحيح كيفية حركاتها ما ستأتى بعد هذا به وأعرف بوحيه ما يظهر فى ذلك من الأختلاف وأتى بسببه على أنى أقول إن بطلميوس لم يضع تلك الأوضاع على أن الأمر كذلك فى نفسه ولا أن ما أورد من تلك الأوضاع مطابق بالضرورة لما شاهده برصده وحسبه لكنه وضعها ليطابق منها تلك الحركات وليتمشى له بوضعها تلك الحركات ليكون على نظام واحد وترتيب غير مختلف ولا متباعد وأما هو فلن يخفى عنه أن ذلك وضع يخل بالنظام بعيد عن الإتقان والأحكام أو يلزم عن كل واحد من الأصلين اللذين وضعهما وعن وضعهما جميعا أن يكون هنالك خلا حيث تتحرك تلك الأفلاك الخارجة المراكز وإما أن تكون تلك الأفلاك الجامعه لتلك الأفلاك مملوة جسما آخر غير ما ينتقل بلإدارة بحسب انتقال الأجسام المتحركة فيه فتخلى لها مكانا وتملأ مكانا وهذا كله شنيع وبعيد عن الحق مخالف لحقيقة أمر السماء وقد علمت يا أخى أن أبا بكر ابن الطفيل رحمه الله تعالى كان يذكر لنا أنه عثر على هيئة واصول لتلك الحركات غير ذينك الأصلين اللذين وضعهما بطليموس ودون أن يضع فلكا خارج المركز أصلا ولا فلك تدوير ويصح معه تلك الحركات جميعا ودون أن يلزم عنها شيء من المحال وكان قد وعد أن يكتب فيه ومكانه من العلم بحيث لا يجهل وما زلت منذ سمعت منه ذلك افكر فيه وأبحث عن أقاويل من يقدم فلم أجد فى ذلك شيئا سوى إشارات قليلة كقول الحكيم فى المقالة الثالثة من كتاب السماء ونقول أيضا إن للجسم المستدير هاهنا حركتين إحداهما مستديرة والأخرى إدارة لولبية فإن كانت الكواكب تتحرك فلا محالة أن حركتها على إحدى تينك الحركتين ولو أن حركتها كانت دورية كانت ثابتة فى مواضعها البتة ولم تكن تتبدل مواضعها ونحن نراها تتبدل مواضعها وقد أقر بذلك الأولون عامة وقبلوه ولو كانت حركتها على هذه الصفة لكان ينبغى أن تكون حركة الكواكب كلها مثل هذه الحركة فأما الآن فإن الشمس وحدها ترى كأنها تتحرك هذه الحركة عند طلوعها وغيبوبتها وإنما صارت تظهر على هذه الحال لا من أجلها لا أن لبعدها عن أبصارنا وإنما أراد الحكيم بهذا القول أن الأوليين قالوا إن للكواكب فى أنفسها حركة دون أن تحركها الأفلاك ولكن فى قوله أنها حركتان تنبيه على نوعى حركة الكواكب فى أفلاكها أو حركتها الأولية مشاهدة بالحس أعنى الكواكب المتحيرة والشمس والقمر وقد بين الحكيم أن الكواكب مركوزة موثقة فى مواضعها من أفلاكها ليس لها حركة إلا بحركة أفلاكها وإذا كان هذا هكذا فليس يمكن أن تكون للكواكب تلك الإدارة اللولبية مع الزامها مواضعها من أفلاكها إلا بحركة تعرض لأقطاب أفلاكها التى هى مركوزة فيها مع دوران يكون على الأقطاب على دوائر معلومة كما سنبين بعد بمشيئة الله سبحانه وذكر الحكيم أيضا أن حركة الفلك الأعلى هى بسيطة وأن حركة ما تحته فى البساطة على قدر بعده منه أو قربه فمن هذه الأقاويل وقع النسبة على هذه الحركة والعثور عليها لأنه من الظاهر البين للجميع أن وضع قطبى الفلك الأعلى المحرك للكل مخالف لوضع أقطاب سائر الأفلاك التى تحته ولو كان قطبا سائر الأفلاك واحدا لكانت السماء واحدة ولا اختلاف فى حركتها إذ حركة الأفلاك إنما تكون على أقطابها وبذلك تنفصل إحداهما عن الأخر وأما مركزها جميعا فواحد بالضرورة وأما وضع بطلميوس قطبى فلك البروج لجميع الكواكب السيارة وللكواكب فغلط إذ لو كان قطباهما جميعا هذين القطبين لكانت فلكا واحدا ولكانت الكواكب هى المتحركة دون أفلاكها و إنما تختلف ألأفلاك باختلاف وضع أقطابها وبحركاتها عليها لا غير ذلك لأن حركتها الطبيعية لها إنما هى على الأقطاب لا على المراكز لأنها لا تعتمد على المركز إذ هى أشرف من أن تعتمد عليه بل حركتها بالضرورة إنما تكون باعتمادها على أقطابها وحول المركز وأيضا لو كانت إنما تتحرك على المراكز لم تكن حافظا [sic] بحركات الكواكب التى عليها على نظام واحد ولكانت مواضع الأقطاب أيضا تتحرك كما تتحرك المواضع الأخر غيرها ولكانت تكون أوساط الفلك أولى أن تتحرك على دوائر عظام من الأقطاب ولا مما قرب من الأقطاب فليست إذا حركات هذه الأفلاك على المراكز بل على الأقطاب ولما كان الظاهر من حركات الكواكب السيارة أنها مختلفة وجب لذلك اختلاف أقطاب أفلاكها بالضرورة وأيضا فإنه لما كانت الحركة إنما تصدر عن المحرك الأول وقوتها ومنبعثها من هناك والقوة بالضرورة هناك أشد والدليل على ذلك سرعة الحركة فإن سرعة الحركة إنما يكون عن شدة القوة ودون شك أن الحركة اليومية أسرع الحركات فهى للفلك الذى هو أشد الأفلاك قوة وهو معة ذلك يحركها جميعا الحركة اليومية وما قرب من المحرك كان بالضرورة أشد قوة مما بعد عنه وأسرع حركة أيضا وذلك بحسب النظام الطبيعى وما بعد فدون الأقرب فى القوة والسرعة وهذا هو الأصل الذي نبنى عليه هذا القول وظاهر أن أسرع الحركات وأشدها وأبسطها هى للفلك المحرك للكل الحركة اليومية وسائر الباقية إنما هو تابع له فى الحركة ويستفيدها منه وهى فإنما تقصد قصده وغايتها نحو حركته للتشبه به إذ هو غايتها فما كان منها أقرب إليه شبها فى حركته فهو أسرع وقوته أشد وما كان منها بعيدا عن القرب فى حركته كان أبطأ وكانت قوته أضعف وإذا تبين لنا أن ما قرب من المحرك أسرع مما بعد عنه وأكثر شبها به فى الحركة وما قارب هذا أشبه به وأسرع حركة مما بعد كثيرا مما لم يقارب الشبه به فى السرعة مع انتظام تلك الحركات التى لهذه الكحواكب السيارة على اختلافها فقد انتهينا إلى الأمر المقصود وبلغنا الغرض المطلوب واتينا مع ذلك بالسبب فى ترتيبها الذى لا يمكن أن يكون على خلافه إذ وقع الأختلاف بين أهل هذا العلم قديما وحديثا فى ترتيب صور الأفلاك ولم يقع أحد ممن يقدم على السبب الضرورى الموجب له وكان ترتيبها عندهم إنما وقع بالبحث فاحتالوا له فى اسباب غير ضرورية وأظن هذا الترتيب المشهور كان عندهم إنما هو أمر مقبول فلما بحث المتأخرون عن أسبابه وقع الخلاف بينهم حسب ما هو موجود فى كتبهم وهذا حين نرجع إلى ما كنا فيه فنقول إن من الدليل أيضا على ما قلناه من انبعاث الحركة من الجرم الأعلى على ما نشاهده فى هذا العالم السفلى أعنى عالم الكون والفساد مما هو تحت السماء فإن قوة الحركة المحركة للعالم التى هى للجرم المحرك للكل تظهر فيه على تلك الحال من أن ما قرب منه كان أقوى حركة و أسرع مما بعد وذلك لأن انبعاث الحركة الدورية فيها ما عدا حركاتها الطبيعية إنما هى من هناك وذلك أنا نشاهد لعنصر النار حركة دائرة شبيهة بالحركة السماوية بما يظهر من أشباه الكواكب التى ترى فى بعض الأوقات من الشهاب تكون فى الموضع العالى بالعشايا حتى تخيل للرآي أنها كوكب وترى تتحرك مع حركة الكواكب أو تابعة لها حتى تغرب ويدل ذلك منها أو على ذلك العنصر تتحرك محور الحركة السماء التى فوقه و إما عنصر الهوآ فإن فى حركته بعض الخفاق على أنها وإن كانت مضطربة غير حافظة للنظام لما فى طبيعة الهواء من قبول الاندفاع وسرعة الانخراق والتشذب فإنا نشاهده على الاكثر يتحرك بحركة السماء ولا سيما عند طلوع الشمس وعند ميلها بعد الزوال وعند الغروب بما نراه من تحرك الهوآء واضطرابه وعلى ابار فى مواضع الهوآء محصور فيها فلا نشعر بحركته و ايضا فان الهواء القريب من الأرض هو مماس أجزاء الأرض من الاركام والجبال وفيه غلط من البحارات المرتفعة من الأرض والماء فلا يظهر لذلك حركته وكذلك تكون حركته غير محفوظة النظام ولأنها دون حركته النار فى السرعة واما عنصر الماء فإن جركته تبين من امرها أنها تابعة لحركة السماء بالضرورة وإن لم تكن حركته على استدارة تامة وذلك بما نشاهده من حركة البحر الأعظم من مده وجزره فى الليل والنهار على نظام محفوظ كأنها حركة موازاة وإنما ذلك لثقله وما فى طباعه من الميل إلى الأسفل والرسوب إلى المواضع المنخفضة من الأرض وأكثر ما تبين ذلك ويظهر حركة الماء فى مجتمعه كالبحار التى لا يدرك لها إلا شط واحدة لغلظها وعمقها فحركة الماء التى من جهة المشرق وهى حركته التى تبع بها فوقه وحركته فى الرجوع هى ثقله وميله إلى الأسفل لكثرته وحركة الماء أقل سرعة من حركة الهواء ولذلك يظن به أنه تابع فى الحركة لنقله القمر لتقارب حركتيهما وإنما ظن ذلك لأنها تأتى تابعة ومقصرة عنها فلا تنتهي القوة بها إلى اتمام الدورة حتى تأتى عليها دورة أخرى فتستعجلها عن التمام واستيفاء الدورة فيضطرب الماء لذلك كما ذلك مشاهد فيها وأما الأرض فظاهر من أمرها أنها ساكنة بكليتها وإن كان لبعض أجزائها حركة وتفرق وإنما انتهت القوة المحركة إليها ووقفت واذا كان هذا على ما ذكرناه فما قرب من المحرك كانت حركته اسرع وقعة اشد وما قرب من الحركة السريعة كان اسرع مما بعد عنها وما بعد عن المحرك وعن السريع الحركة كان أضعف وأبطأ وهذا القول فيه إقتاع ليس باليسر وأيضا فأنه لما كانت الحركة المتصلة إنما هى لمتحرك واحد وعن محرك واحد بالضرورة كما تبين فى السماع وكانت هذه الحركة المتصلة للجرم الأعلى المتحرك الحركة اليومية وحده وهى التى لا ينسبونها لغيرها وأما الأجرام التى تتالى بعده فإنما تتحرك عن هذا الجرم المتحرك الحركة المتصلة ولما كان الجرم متناهيا لأن حركته دور وقوة الجرم المتناهى متناهية بالضرورة فالقوة التى ىبثها فيما يتصل به متناهية بالضرورة وهى ساربة في الأجرام المتتالية بالتعاقب لأن هذه الأجرام التى تتالى بعد الجرم الأعلى تتحرك كل واحد منها وتتحرك ما يليه بحركته وقوة الأدنى من المحرك الأعلى لتحريك أشد مما بعد عنه بالضرورة وإذا كان هذا على ما وصفناه فستكون هذه القوى المتعاقبة إلى انقضاء وتمام وتؤول الحركة فى المتحركات المتتالية إلى متحرك لا يحرك ثم إلى جرم لا يتحرك ولا يحرك ليكون مقابلا للجرم الأعلى فإذا استقر هذا الأصل وثبت كان ألأمر فى حركات الأكر السبعة أعنى أكر الكواكب السبعة السيارة والكرة المكوكبة على خلاف ما عمل عليه أصحاب التعاليم النجومى إذ جعلوا ما قرب من المحرك الحركة اليومية أبطأ حركة وما بعد عنه أسرع حركة وسموا الكواكب الثلاثة العلوية الثقال والبطية وسموا التى دون الشمس الخفاف والسريعة وأيضا فإنه من المعلوم عند جميع الناس أن جملة السماء عشرة كرات منفصلة بعضها من بعض وأنها يماس بعضها بعضا مماسة صحيحة ولأنها متحركة بعضها في بعض فهى على غاية من صحة الاستدارة واستواء السطوح وهى [= الكرات العشر] مع ذلك لاصق بعضها ببعض اذ ليس هنالك جسم آخر يكون بينها ومن البين أن السطح المقعر من الأعلى هو مكان الأسفل الذى يليه وليس يرسى منها فراغ لا خلا و لا ملا من جسم غريب بل بعضها يماس بكليته سطح الأخر أعنى ان الادنى يماس سطح الاعلى ومن الظاهر للحس انفصال بعضها عن بعض بانفصال كواكب بعضها عن بعض وذلك لاختلاف حركات تلك الكواكب وقد بين الحكيم أن كل واحد منها مركون فى فلكه وأنه لا حركة لواحد منها إلا بحركة فلكه وأن الحركة اليومية تعمها جميعا كأنها تحملها معا وذلك معلوم بالمشاهدة أيضا وأما عددها الأشهر فثمانى كرات وهى التى أعلاها الكرة المكوكبه وأدناها منا كرة القمر وهذه الثمان هى المدركة بالحس بادراك الكواكب التى عليها وذكر المتأخرون من التعاليمين أنها تسع وهو الصحيح من ما تبين من حركاتها المختلفة وتركيبها وذلك أن الذى يحرك الحركة اليومية البسيطة هى العليا وتليها الكرة المكوكبة ويلزم عن الأصل الذي ذكرناه ان تكون المكوكبة اسرع حركة مما تحتها وكرة زحل اسرع الباقية وكذلك يجري النظام فى المواقى وكذلك تكون الكرة المكوكبة أبسط مما دونها واسرع حركة والتى تليها ابسط مما بعد عنها وتكون كرة القمر على هذا الأصل أبطأها حركة وأكثرها تركيبا لكن الذى ادعاه اصحاب التعاليم وجميع من تقدم ممن له نظر فى هذا العلم إن الأمر فيها على خلاف ذلك وذلك أنهم نظروا إلى ما يشاهدونه بالحس من أحوالها فجعلوه أصلا وعولوا فيها اولا على ما يوجب الحس من نقلة كواكبها ولم يلتفتوا إلى ما يوحيه العقل وما يعطيه طبعها هذا على أنهم مقرون أن أكثر تلك الحركات التى للكواكب يشاهد منها بالحس خلاف لكلية حقيقتها وأن اختلاف تلك الحركات إنما هو مما يظهر لنا وأن جميع حركاتها فى الحقيقة تجري على نظام واحد وترتيب فى الاستدارة محفوظ لا خلل فيه لازيادة ولا نقصان وأن الاحساس منها هو الغالط فيما نحدسه من اختلاف انتقالاتها وإذ قد تقرر عندهم أن الحس قد يخالف حقيقة ما عليه الأمر فى نفسه فكيف يكون الحس أصلا متبعا ومعمولا عليه مع البعد العظيم الذى بين البصر وبينها ولعل ظنهم فى تلك الحركات أنها سريعة أو بطيئة بما ظهر لهم من الحس كان غلطا فى الحس فى أول الأمر ولذلك زعموا أن حركات هذه الأكر السبعة إنما هى إلى خلاف حركة الكل فى نفسه أعنى أن حركاتها من المغرب المشرق وهذا من أعظم المخالفة للحقيقة ولما عليه الامر فى نفسه إذ ليس هناك مضادة ولا مخالفة أصلا إلا فى جزئيات يسيرة يقع بها انفصال بعضها عن بعض وإذ عنصرها واحد فكيف يصح أن تكون حركاتها متقابلة بعضها العكس حركة البعض وقد بين الحكيم أنه ليس هناك مضادة البتة فإن قيل إن الذى بينها ليس بتضاد إذ الحركة الدورية لا تضاد الحركة الدورية فإنا نقول إن الحركة من المشرق إلى المغرب تقابل الحركة من المغرب إلى المشرق وهى عكسها وتعاندها وأيضا فقد أثبت الحكيم للسماء يمينا و يسارا وأن اليمين أفضل من اليسار وأن القوة من جهة اليمين وأن يمين السماء هو من حيث مبتدأ حركتها وهو المشرق وأن يسارها إلى حيث الحركة وهو المغرب وبين مع ذلك أن الحركة بالطبع من اليمين إلى اليسار وحركة الأكر السبعة على زعمهم من جهة المغرب إلى المشرق فهي إذا من جهة اليسار إلى جهة اليمين وهى حركة السماء غير طبيعية فحركتها إذا خارجة عن الطبع فهى لذلك إما بالقسر وهم فإنما وضعوا هذه الحركة لها على أنها طبيعية لها وإن حركتها اليومية إنما هى محمولة عليها وهذا أمر خارج عن معانى السماء فإنه لا خلاف هناك ولا قسر ولو كان هنالك معنى من معانى القهر والغلبة لاختل نظامها وظهر التغير فيها فليست إذا حركات هذه الأفلاك السبعة بعكس ولا خلاف حركة الأعلى أصلا بل هذه الأفلاك بحركة الأعلى متصلة وبه متشبهة متمثلة و أنه لا قرب أن يصدق على ما شوهد من نقلتها المخالفة وحركتها المعكوسة المقابلة أنها لا حركة من أن يصدق عليها أنها حركة إذ لا يقال فيما عجز عنه البطيء السير من المسافة التى قطعها السريع إن البطيء تحركها فأنه لاحركة له فيها أصلا لكن بطلميوس وسواه من علماء التعاليم لما شاهدوه من تأخيرها عن الكل وبعدها عن المواضع التى شاهدوها بها اولا عن دائرة معدل النهار التى هى متحيلة فى الفلك الأعلى ظنوا بها أنها تتحرك إلى تلك الجهة فجعلوا حركاتها الخاصة بها الطبيعية لها مخالفة لحركة الأعلى ومقابلة لها وجعلوا ما قرب من الأعلى أبطأ حركة مما بعد عنه وأثبتوا مع ذلك للفلك المكوكب حركتين حركة فى الطول وأخرى فى العرض إما التى فى الطول من المغرب إلى المشرق وإما التى فى العرض فمن الجنوب إلى الشمال عن معدل النهار ومن الشمال إلى الجنوب وذلك بحسب ما أعطتهم الأرصاد وكذلك أثبتوا لكل واحد من السبعة التى دونه إما الشمس فحركتين إحداهما فى الطول من المغرب إلى المشرق وأخرى فى العرض من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال وتختلف التى فى الطول بالسرعة والأبطأ ومثل هاتين الحركتين أثبتوا للقمر وزيادة اختلافين اخرين بحسب انحراف فلك التدوير والذي وضعوه له وكذلك أثبتوا للكواكب المتحيرة مثل هذه الحركات التى فى الطول والعرض والانحراف وهى مع ذلك مختلفة بالسرعة والأبطأ ولها مع ذلك وقوف تارة وقهقرة تارة واستقامة تارة مع انحراف فى العرض أيضا إلا أن هذا الانحراف مختلف فيها فتكون حركة العرض فى كوكبي الزهرة وعطارد مختلفة بحسب انحراف فلك التدوير كما كان فى القمر إلا أن انتقال فلكيهما الحاملين لمركز فلك التدوير يكون إلى جهة الشمال أبدا عن فلك البروج فى فلك الزهرة وإلى جهة الجنوب أبدا فى فلك عطارد وذلك بأن يتلقى الكوكب بالجهة التى كانت إلى الجهة المخالفة له وقد انتقلت إلى جهة أخرى فيتلقى الجهة الجنوبية عن فلك البرو ج لكوكب الزهرة إذا جعل على نقطة التقاطع وقد عادت شمالية وتتلقى الشمالية لكوكب عطارد عند نقطة التقاطع وقد عادت جنوبية حتى يكون الكوكب منها فى جهة واحدة من فلك الروح أبدا ومثل هذه الحركة فى السماء بعيدة التصور إذ ليست دورية بالحقيقة وهذه الانتقالات جميعا إنما هى بحسب ما اثبت للارصاد وبحسب ما اعطته المشاهدة من العيان ومخالفة بعض هذه الانتقالات بعضا اضطرت بطلميوس إلى أن يضع لها تلك الأصول على تلك الاوضاع لينتظم له بها هيئة هذه الحركات ولما أثبت مقادر هذه الحركات ذكر أن الذى ظهر له من حركة الفلك المكوكب بما أعطته أرصاده وبما قيد من أرصاد من يقدمه أنه يتحرك إلى خلاف الحركة الكلية وإلى توالى البروج على قطبى فلك البروج درجة واحدة فى مائة سنة وأنه تكمل الدورة الواحدة إلى أن يعود من حيث ابتدأها فى ستة وثلاثين ألف سنة شمسية وزعم من أتى بعده وهو الأستاذ أبو إسحق الزرقالة رحمه الله تعالى فى مقالاته فى حركة الاقبال والادبار أن هذه الحركة ليست على ما ظن بطلميوس من أنها على توالى البروج دائما وأن الذى صح عنده من أرصاد بطلميوس ومن كان قبله ومن أرصاد المتأخرين وأرصاد نفسه أنها إنما هى حركة تقبل بها تارة إلى توالى البروج ويدبر عنها بعد ذلك إلى نحو حركة الكل وخلاف توالى البروج وجعل لهذه الحركة أوضاعا و أصولا كأصول بطلميوس التى وضع للسيارة وأبعد منها حقيقة وكل تلك الأصول إنما هى بالتخيل والوهم وعلى أنها دوائر محركة ومتحركة وخطوط محركة ومتحركة ولست أصولا فى الحقيقة ويعمل عليها على أن الذي ذكر أبو إسحق الزرقالة من معنى الاقبال والادبار لهذا الفلك قد كان مذكورا فى القديم وموضوعا عدد هذه الحركة فى بعض الزبحات لبعض منتحل علم النجوم لكنها كانت مظنونة غير محققة ولا مخلصة فلذلك أهملها المتأخرون ووقع من أجل اهمالها الخلاف فى مواضع الكواكب الثابتة وفى نقطتى الاعتدالين ونقطتى الانقلابين وإذا ثبت أن لفلك الكواكب الثابتة حركة أخرى سوى الحركة اليومية على أن ذلك مشاهد بالحس والأرصاد من صحة انتقال الكواكب الموضوعة عليه وكذلك لسائر تلك الأخر حركات تباين بعضها بعضا وليس تباين حركات الأكر الا بتباين أقطابها ووضع بعضها خلاف بعض وإذا كان وضع أقطاب هذه الأفلاك كله وضعا متباينا وهذا مشاهد من انتقال الكواكب الموضوعة فيها إذ قد بين الحكيم أنها مركوزة فى أفلاكها مربوطة موثقة فيها وأنها لا تتحرك إلا بحركة أفلاكها وصح بلأرصاد الموثوق بها أن لكل كوكب منها أعنى السيارة انتقالات بعضها فى الطول وبعضها فى العرض مختلفة فى الكثرة والقلم أعنى لبعض الكواكب بفرات أكثر من بعض بحسب تركيب أفلاكها وبعدها عن المحرك وقربها ومعلوم بالضرورة أن جميع هذه الأملاك على حال واحدة من الاستدارة لاصق بعضها ببعض وليس بينها تباعد ولا جسم غريب ولا خلاف بينها إلا فى وضع الأقطاب وفى حركاتها عليها فقط ومن البين المعلوم بنفسه أن حركاتها ليست من المركز صاعدة إلى الأعلى كما بين الحكيم بل من الدور الأعلى والحركة لها من قبل محركها الأعلى فان الأكثر إنما تكون حركاتها على أقطابها والقطبان مما طرفا المحور والسماء غير مفتقرة إلى محور تدور عليه كالأشياء الصناعية فهى إذا إنما تدور على موضع القطبين الثابتين من المحور اللذين فى الكرة نفسها باختلاف حركاتها إذا إنما هو من أجل اختلاف حركات الأقطاب لا من أجل اختلاف المراكز وهو بين بنفسه و معلوم أن لكل فلك حركة على قطبيه ضرورة وبهذه الحركة تنفصل عن سواه من الأفلاك وتنحاز عن الذى فوقه وإلا فهما فلك واحد ولا يصح أن يكون للفلك قطبان معلومان ولا يكون له حركة عليهما وإذا لم يكن له حركة عليهما كان لاعبا وكان وجود القطبين له عبثا وباطلا فإذا لا بد للفلك من حرطة على قطبيه ينفصلها عن الذى فوقه الحاوى له ويتميز بتلك الحركة منه فإن كان لكل فلك حركة على قطبيه وحركة أخرى يتبع بها ما فوقه فى حركته فإنما يكون باختلاف حركة الواحد من الأفلاك من أجل حركته على قطبيه واتباعه بحركة الأعلى وتحركه بها فتتركب كذلك هاتان الحركتان أو الحركات فى الفلك الواحد وتمتزج وبحسب هذا التركيب تختلف حركاته ويختلف ميول هذه الكواكب بعضها على بعض ولأنهم ألفوا موضعي نقطتى الاعتدالين من دائرة ميل الشمس يتبدلان صححوا بذلك نقطتي قطب فلك البروج حول قطبي معدل النهار وظهر لهم أنه ليس البعد الذي بين قطب فلك البروج وقطب الحركة اليوميه من جهة واحدة واحدا أبدا وقد قلنا أن هذا الفلك المسمى فلك البروج إنما هو بالوضع وهو الدائرة التي تدور عليها وعلى جنبتيها الكواكب السيارة فتقرب منها الكواكب السيارة تارة وتبعد عنها تارة وهذا القول صحيح ومعناه موجود فى كل كوكب منها وقد أعلمنا بسبب ذلك وهذه الدائرة المسماة بفلك البروج إنما ترسمها الشمس بانتقالها كما ذكر بطلميوس فكأنها إنما وضعت بالاضافة اليها كما ذكرنا لكن سائر الكواكب السيارة تنتقل تارة عليها وتارة على جنبتيها وميل كل كوكب منها عن هذه الدائرة وعن معدل النهار محفوظ البعد معلوم المنتهى لكن انتقال هذه الكواكب السيارة على الفلك المائل أو عن جنبتيه اثبتوه على أنه حركة لهذه الكواكب على توالى البروج اعني من جهة المغرب إلى جهة المشرق بخلاف الحركة الكلية كأنهم شاهدوها كما قلنا تنتقل فى كل يوم إلى خلف إما الشمس والقمر فنقلتهما إلى خلف دائما غير أن نقلتهما هذه تكون مرة سريعة ومرة بطيئة ومرة متوسطة وإما الخمسة المتحيرة فإن لها فى بعض الأحيان نقلة إلى الأمام أعني من المشرق إلى المغرب وفى بعض الاحيان نقلة من المغرب إلى المشرق وهو الأكثر ولهذا سميت متحيرة إذ وجدوا لها انتقالين مختلفين وبينهما وقوف وهو اقامتها فى موضع بعينه أياما واستقامة وهو نقلها إلى جهة المشرق وسموا النقلة التى إلى نحو حركة الكل رجوعا وقهقرة ومع ذلك فانهم وجدوا لكل كوكب منها سرعة وابطاء كالشمس والقمر إلا أن هذه الانتقالات محفوظة النظام كما قدمنا وقلنا قبل ولما الفى بطلميوس هذه الانتقالات المختلفات لهذه الكواكب ارتاد لها هيئة يتم بها أمرها وينظم بحسبها شتاتها ويصح معه استدارتها ويشكل بحسب ما تعطيه نسب هذه الانتقالات المختلفة فيأتلف جميعها فى الفلك الواحد منها ولذلك جعل حركات كل كوكب منها على اختلافها فى نفس فلكه مجموعة فيكون كل واحد من الأفلاك السبعة إلى السيارة على وضعه قد جمع عدة أفلاك متحركات حركة مختلفة وكلها متباينه المركز وحركاتها كلها على مراكزها لا على أقطابها وكل واحد منها يتحرك حركته الخاصة وهى متداخلة بعضها فى بعض ومجموعها هو فلك الكوكب وهو مع ذلك متحرك بحركة الأعلى غير تلك الحركات التى لتلك الأفلاك الموضوعة فيه وجزء الواحد منها يتحرك حركة لا يتحركها الجزء الاخر فتتباين اجزاؤه فى حركات وتشترك في حركات ولا يصح مع هذا الترتيب التيام ولا يكمل به ننظام ولا يكون وإن كان بكليته مستديرا أجزاؤه جميعا مستديرة فإن أجزاؤه المستديرة المنفصلة بالحركة لا يبقى ما يبقيه من الفلك مستديرا فإن الفلك الخارج المركز منه إذا انفصل بحركته من كل الحركة يبقي منها شكلا غير تام الاستدارة وكذلك إذا انفصل فلك التدوير لم يكن ما يبقيه تام الاستدارة وليس مع هذا اثبات فلذلك كان الاصل بالجملة خارجا عن معنى الكمال بعيدا قبوله إلا على جهة الاحتيال لحفظ الحركات المذكورة وحصرها والاشارة اليها بوضع الاشهر لها عند ذكرها وأما أن يكون ذلك فى الامكان كما ذكر بطلميوس فلا فانظر أعزك الله تعالى فيما اثبته من فساد هذه الاصول وبعدها عن الصواب وبعد ذلك فتأمل ما أثبته فى كيفية إلهية والأصل الذى تتم به هذه الحركات وينتظم منها بوضعه الشباب ومع ذلك يتبين منه بالقطع أنه لا يصح أن يكون الأمر فيها على وضع غيره وإن حقيقة تلك النقل على اختلافها إنما هى على نحو ما أتى به أقول إنهم بنوا قولهم فيها على الحس لا غير فجعلوه أصلا فى البعض إذ لم يصدق لهم دائما لأن الحركة التي لهذه الأفلاك بالصحة والحقيقة لم يهتدوا اليها اعنى الطبيعة الخاصة بواحد واحد منها ولو أنهم اهتدوا إليها لكان مرام ما ارادوه من هيئتها وكيفية حركاتها مرتبا ولكان العلم بتلك الاشياء التى قصدوا إلى علمها منها سهلا وكان التطرق إلى تلك الاعمال من طريق أوضح ومن أصول أقوى واضح إذ كانت الطرق التى ينبغى أن يسلكوها إلى معرفة الجزئيات من أحوال الكواكب قد حادوا عنها من أول الأمر فوصلوا إلى ما وصلوا منها بعد تحليق كثير وصعوبه ليست باليسيرة حسبما يجدها من يقف عليها من الكتاب ولكنهم مع هذا كانوا سببا للبحث عن هذا الأصل الحقيقى وعلة العثور من هيئتها على المعنى الجلى بتوفيق الله سبحانه فشكرهم لذلك لازم الاعتراف بفضلهم وحقهم واجب قائم وأنا مبتدئ بالقول فيما وعدت به من ذلك وينبغي أن لا تقدم على النظر فيما أقوله إلا من يقدم له نظر فى الكتب الموضوعة لهذا العلم كى يتبين له الفرق بين هذه الاوضاع التى نضعها وبين تلك الاوضاع ويظهر له تبياين ما بين الطريقين المسلوكين فى القصد والسهولة والقرب من الحقيقة فأقول والله تعالى المعين أن الفلك المكوكب الأعلى الظاهر إلينا إذا صح أنه غير قطبى الكل اللذين هما قطبا الفلك المحرك الحركة اليوميه التى هى أصل لجميع الحركات ومبدأ لها ولا يصح أن تكون تلك الحركة إلا بجرم فوق المكوكب قطباه ثابتان يحرك بحركته جميع الأفلاك حركة دائمة على حال واحدة لا تتغير ولا تتبدل وهو الأول البسيط بالحقيقة ولا يصح أن يكون تحت المكوكب لأن المكوكب داخل فى حكمه وهو يتحرك بحركته وتابع له فأما الفلك المكوكب فليس بسيطا فى الغاية ولا حركته بسيطة والدليل على ذلك ما هو مشاهد بالرصد من انتقالات الكواكب منه التى ترى على دائرة معدل النهار ثم ترى بعد ذلك خارجة عنها فى العرض إلى الشمال و إلى الجنوب وترى لها مع ذلك تأخر عن مواضعها التى كانت قبل فيها وليس هذا الانتقال البسيط وكذلك يدل مثل ذلك منها أعنى من اختلاف وضعها على ما هو موجود فى هذا العالم السفلى من التغايير العظيمة وانتقال احوال أجرامها كانتقال المسكون منها إلى غير المسكون والمعتدل إلى غير المعتدل وصلاح هو بعض المواضع الغامرة حتى تغمر وفساد هواء مواضع حتى تغمر وكذلك انتقال مياه البحر وغلبتها على مواضع وظهور مواضع كان البحر عاليا عليها فإن الذى نشاهد من أمثال هذه الأمور يعطى أن هذه الأفاعيل إنما هي لنقلة سمائية وليست لواحد من الأفلاك التي للكواكب السيارة لانها لو كانت لاحدها لتكررت مع تكرر حركاته وعادت مع عوداته فهى إذا لذلك الفلك المكوكب وإنما سمى هذا الفلك بفلك الكواكب الثابتة لاحد ثبات أبعاد الكواكب التى فيه بعضها من بعض وحركته اليومية بالضرورة صادرة عن فلك آخر محرك له بسيط فى الغاية من جميع الوجوه قطباه غير قطبى المكوكب وتكون حرطة الكوكب على قطبيه هى حركته لنفسه وليس هذا الفلك المكوكب فى غاية البساطة لأن الترتيب يظهر فيه وذلك أن الكواكب المذكورة فيه والمواضيع اللبنية وإن كان جميعها من عنصر واحد فانها مخالفة لسايرة فى الاستضاءة والنورية ولو كان كله شيئا واحدا من كل الوجوه لكانت حالته واحدة ولم يخالف الجزؤ منه جزءا آخر فى شيء وكذلك سائر الأفلاك الآخر يخالف بعضها بعضا بفضول من الحركات واختلاف الأقطاب والكواكب المركوزة فيها وبأعراضها أعنى أنواع استضاءتها إذ بعضها مضى من ذاته وبعضها يستفيد الضوء من غيره وأيضا فإن نور الكواكب التى فى الفلك المكوكب والكواكب السيارة مختلف الاضاة فيرى بعضها شمعيا وبعضها خمريا وبعضها إلى الاتقاد وبعضها إلى البياض وبعضها إلى الاظلام كما ذلك ظاهر فيها للعيان وليس القرب والبعد ولا الهواء الكثيف والرقيق هو الذى يفعل ذلك بل هى دائما على تلك الحال مع اختلاف أحوال الهواء لا يتغير إلا نوعا آخر من التغيير يكون بسبب الحايل من الرأي وبينها وحالة من الصفاء والكدرة وتلك وإن كانت أعراضا لهذه الجواهر فهى قواطن لكل واحد منها لثباتها فهي كالفصول لها وجوهر السماء وإن كان واحد فإنما يكون واحدا بوجه ما وكثيرا بوجه أخر إذ منه ما هو تام البساطة ومنه ما ليس بتام البساطة ويختلف الأجزاء منه فى ذلك بالكثرة والقلة بالزيادة والنقصان وإذا ثبت أن حركة الفلك المكوكب ليست بسيطة وأن أجزائه يخالف بعضها بعض فليس هو بسيطا فى الغاية وسواه هو البسيط التام وإذا كان تام البساطة فلا يمكن ادراكه بلاحساس إذ الحواس لا تدرك إلا الأعراض وهو فلا عرض له فهو بعيد عن الادراك إلا بالعقل ولذلك إنما الاستدلال عليه بالحركة الموجودة للكل وليست حركته هى المشاهدة بل إنما المشاهد حركات الاجرام المتحركة بحركته لا غير وهى الدالة أيضا على وجودين محركا ومتحركا فإذا إنما إدراكه بالعقل ويحتمل أن يكون هو المكنى عنه فى الكتاب العزيز بقوله تعالى وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلى العظيم فإن الهاء فى قوله ولا يؤوده حفظهما تعود على الكرسى وكذلك وهو العلى العظيم ويحتمل أيضا أن يكون هو المكنى عنه بالعرش فى قوله تعالى الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم ويحتمل أيضا أن يكون أحدهما الفلك المكوكب ويكون الثانى الأول المحرك للكل وهذا هو الذى جرانا على القول بهذا الفلك التاسع فأما الثامن فيدل عليه قوله تعالى إنا زينا السماء الدنيا بزينه الكواكب ولم يعنى بالدنيا المعنى الدنو من الأرض بل الدنو من الأعلى وهو الأدنى على الحقيقة إلى المحرك الأول وهو الذى قوانا أيضا على دفع تلك الأفلاك الأخرى سوى السبعة المذكورة فى الكتاب العزيز أعنى دفع تلك الأفلاك الخارجة المراكز وأفلاك التداوير وعددها كثير عند من وضعها من المتقدمين فى هذا العلم فإذا الفك الأعلى البسيط هو المحرك من نفسه وهو يحرك كلما تحته ولا تقبل الحركة من جسم آخر وجميع ما تحته من الأفلاك تتحرك بحركته ويروم قصده إما بالطبع أو شوقا للتشبه به واقتداء بحركته أو اللحاق به مع أن أقطابها جميعا خارجة عن قطبيه وخارجة أقطاب بعضها عن أقطاب بعض وكل واحد منها له حركة على قطبيه تخصه وجميعها يتحرك نحو حركة الكل حسب ما يتبين من كلامنا بعد هذا ومما ينبغى أن نذكره هاهنا أن نقول إن الأفلاك السبعة التى تحت المكوكب تتبع حركة المكوكب كما يتبع الأعلى فى الحركة اليومية وهو المتدرق لها تلك الحركة المائلة أعنى التى تنسب إلى فلك البروج لأنها إنما تكون للأفلاك الآخر بسبب تتبع أقطابها القطبية كما يظهر ذلك فى موضعه ولذلك يظهر لكواكبها على مر الزمان تغير وضع عن مواضعها وإن كان ذلك يخفى عن الحس إلا فى الدهر الطويل بامتزاج هذه الحركة بحركة كل واحد من هذه السبعة واختلاطها تتغير أحوالها ومواضعها ويعسر تميزها وتخليصها منها وربما تبع فى بعضها بعضا للذى فوقه فى الحركة فيخفى تميزها بين الحركتين أعنى حركة الأعلى منهما عن حركة الأدنى منهما فلذلك تختلط الحركات الظاهرة لنا وتمتزج ويعسر أو يبعد التفريق بينهما إلا أن حركة كل فلك الخاصة به تمتاز ويتحصل مشوبة بغيرها وهى مع ذلك محفوظة النظام واتباع بعضها لبعض مشاهد بالعيان ثم نقول إن أحسن الترتيب فيما نقصد إليه فى هذا القول إنما يبدأ من الفلك الأعلى البسيط الحركة إلى ما أقل بساطة منه حتى تنتهى إلى آخرها وهو الأدنى منها فيكون الابتدأ من حيث مبدأ الحركة إذ من هنالك تتفصل الحركات فيأخذ بالقول منها على التوالى وليس الغرض فى هذا القول أن نأتى بمقادير الحركات ولا أن نعرف سائر الأعراض العارضة فيها ولا أن نشتغل بالجزئيات من أمورها وحساب حركاتها على التمام إذ يحتاج فى ذلك إلى تطويل ونظر أشد استقصاء وتحديد رصد بل الغرض المقصود تبيين كيفيات هذه الحركات والتيامها واجتماعها على اختلافها فى الفلك الواحد منها وانتظامها من غير خروج عن طبائعها ولا زوال أفلاكها عن الحركة على الاستدارة الموجودة لها وعلى أن مركز جميعها هو مركز الكل وإن حركاتها الطبيعيه لها هى نحو حركة الكل وإن مقصودها أجمع الاقتداء بالأعلى والاتباع له أو طلب القرب من حركته مما قرب لحركته من اللحاق به كان إدراكه لغايته لأى أتم وبقصده عنها أبعد وما بعد عنه كان إدراكه أنقص وتقصيره أكثر مع
القول فى الفلك المحرك الحركة الكلية
فنقول إن الفلك الأعلى يتحرك على قطبين ثابتين أبدا وحركته من المشرق إلى المغرب دورة فى اليوم والليلة وهو المحرك للكل وحركته أسرع جميع الحركات التى تحته وكلما تحته من الأفلاك فقصير عن حركته هذه وقدر تقصير كل فلك منها عن الحركة الكلية على قدر بعده عن المحرك الأعلى وقربه منه وكل واحد من الأفلاك التى دونه يشتاق إلى التشبه به ويتحرك تابعا له بقدر ما له من القوة المتصلة به من الأعلى لحفظ صورته بحركته الخاصة به فيتحرك لذلك على قطبيه حركة أخرى تابعا لحرركة الأعلى متصلا تلك الحركة ومتشبها بالأعلى فيختلف حركات الأفلاك التى دون الأعلى فى حركتها التابعه بالسرعة والابطاء على قدر القرب من الأعلى والبعد عنه لأن القوة على الحركة إنما هى بقدر القرب من المحرك الأعلى الذى القوة صادرة عنه ولأن الفلك البسيط حركته بسيطة وليست بتغيير فهى أبدا على حال واحدة من السرعة وما يليه من الأفلاك فهو فى بساطة الحركة بقدر قربه من البسيط وقوته على الحركة أشد وسرعته أكثر إذ منبعثها من الأعلى وكلما بعد عنه من الأجرام كانت قوته أضعف فلذلك يكون حركته أبطأ أيضا لأن الحركة على قدر القوة وهذا الذى قلناه من [أن] الحركة على قدر القوة من الأمور المقر بها عند الجميع ولعل ظانا يظن أن حركة الأعلى من الأفلاك تدير الحل وتحركه أعنى الأفلاك التى دون الأعلى حركة مساوية لحركته وأن الجميع يستكمل الدورة عند استكمال الأعلى إياها من غير أن يعجز شيء مما دونه عنه أو يتأخر بل يظن أن الحركة للكل واحدة لا يفصل الأعلى فيها على واحد من الأجرام التى تحته كما يوهم ذلك من وضع الحركة المقابلة لحركة الأعلى لما تحته من الأفلاك ويقول إن الحركة اليومية للجميع مساوية إذ الجميع متصل ومتخذ ويقول أن بهذه الحركة يكون الكل واحدا متصلا وذلك كمثل ما نشاهده من الأكثر المستدرة التى تعمل بالصناعة ويكون على محور واحد ويتحرك جميعها على قطبين وبعضها داخل بعض فإن فى هذه مساوى حركة الداخل والخارج ولا يفصل أحدهما على الآخر فى هذه الحركة فنقول أنه لسبب الحال فى السماء وفى حركتها على مثال ما عليه حركة هذه الأجرام الدنيا المتحركة على محور واحد لأن المحور هو الجامع لهذه فى الحركة ولخركته يتحرك جميعها ولو كانت السماء كذلك لوجب أن يتحرك الأرض ومن عليها أعنى الهواء والماء تلك الحركة بعينها أو كانت تكون السرعة فى الأدنى منها أظهر منها فى الأعلى ولو كان ذلك كذلك لما على بسيط الأرض ولا فى الهواء شيء لسرعة الحركة فإن قيل إنما الحركة المستديرة للجسم المستدير فقط أعنى الأفلاك وبهذه الحركة تتحد وتنفصل عن الأجرام التي تحتها فإنه ليس لما تحت السماء حركة مستديرة بل إنما لها الحركة المستقيمة بطبعها قلنا إذا ليس يكون الكل متحدا بهذه الحركة ولا متصلا بل يكون المحور الجامع لها منفصلا وتكون جزأه مفترق فأي شيء يؤلف بين حركتين هذين الجزأين المنفصلين ولا قوة لهما لإنفصالهما وإنقطاعهما بينهما فكيف تكون حركتهما واحدة بل أقول إنه لما كان جرم السماء مستديرا وكانت حركته الطبيعية له على الاستدارة وهى كما له وصورته وكل فلك فمتشوق إلى كماله الأخير وكان الجرم الأعلى يتحرك بقوة وبثها فيما دونه من الأفلاك مع قبول منها لتلك القوة والحركة وبشوق إذ كانت كمالا لها فتحرك الأفلاك التى دون الأعلى لحركته حركة طبيعية لا قسرية إلا أنها فيها لا على أقطابها بل تابعة بها لحركة الأعلى كأنها محمولة فيها مع اختيار منها لها ولا حد أنها منفصلة عن الأعلى ولكل فلك منها قطبان وله قوة تخص بها أخرى يتحرك بها نحو تلك الحركة الواردة عليه من الفلك الأعلى المحرك لجمعها بما بثه ذلك الأعلى فيما دونه منها فليست حركتها التى يحركها الأعلى يمانعه لها عن حركتها المختصة بها فهى تتحرك إذا على أقطابها حركة تابعة لهذه الحركة ومستصحبة معها لأنها غير مقابلة لها ولا معاندة لجهتها ولأن الجرم الأعلى مفارق القوة التى بثها فيما دونه من الأفلاك كما يفارق الرامى الحجر أو السهم المرمى وليس هو مصاحبا لتلك القوة التى بثها كالعكاز الذى يحرك الحجر ما دام يحركه وإنما هى كالقوة السارية فى السهم عند رمى الرامى وكلما بعدت عن المحرك فترت إلى أن تفنى تلك القوة عند سقوط السهم كذلك تلك القوة التى بثها الأعلى فيما دونه لا تزال تضعف تنقص إلى أن تبلغ الأرض التى هى ساكنه بالطبع ولذلك لا تبقى بعد انفصالها عن الأعلى الى ما دونه على حال واحدة بل حظ الأقرب إلى الأعلى من تلك القوة أكثر من الذى هو أبعد منه ولذلك تفتر عند الأخير لفتور القوة ولذلك يشتاق كل واحد من الأفلاك التى تحت الأعلى إلى تلك الحركة على قطبيه إذ هي كفلكه وصورته فيتحرك لذلك على قطبيه حركة أخرى تابعة لتلك ومشبهة لها لتقرب من حركة الأعلى بقدر استطاعته ولأن القوة التى انتهت إلى ما دون التالى للأعلى ليست على قدرها فى الأعلى ولا فى التالى للتالى ولو كانت على قدرها لمتحرك الأدنى أسرع من الأعلى إذ الجرم أعظم من الجرم والقوة فيهما سوا وليست كذلك فهى إذا دونها وكلما بعدت كانت افتر كسائر القوى المفارقة للمحرك الأول لها مثل ما عليه حركة السهم والحجر وغير ذلك مما يفارقها محركها فحال الأفلاك التى دون الأعلى فى وصول القوة اليها من الأعلى على مثل هذه الحال لنقصان القوة لاستكمال الدورة معه فى زمان واحد ولو أنها استكملت الدورة معه لم تنقص القوة وكانت تكون قد بلغت غايتها ولم تقصر عنها ولو بلغت الغاية لكفت وما كان يوجد لها حركة أخرى بقوة أخرى ترفدها وتعينها على بلوغ غايتها واستكمال صورتها لكنها لم تكف عن الحركة فهى إذا إنما تتم كمالها بحركتها لا نفسها على أقطابها وهذا منتهى ما نقوله فى الجرم المحرك الحركة الأولى الكلية هى
القول على الفلك المكوكب
فلنقل بعد على الفلك التالى له وهو المكوكب ويجب الأن علينا أن نبتدئ بالقول فى الحركة التى تظهر للكواكب التى على الفلك المكوكب التالى للأعلى المتصل بالقريب منه وكيفيتها على نحو الترتيب الذى شرطناه فنقول إن هذا الفلك يظهر للكواكب عليه نقلتان مختلفتان دون الحركة اليومية بما شوهد بالإرصاد من أمرها وهاتان النقلتان إحداهما فى الطول وهى التى إلى خلاف حركة الكل ويسمونها التى إلى توالى البروج والأخرى فى العرض وهى ترى أخذه إلى الشمال وإلى الجنوب أما التى فى الطول فإنها بما ذكر بطلميوس من جهة المغرب إلى جهة المشرق وعلى الفلك المائل وأما ما ذكره المتأخرون حين وجدوها غير حافظة لذلك النظام فى الحركة فى الازمان المختلفة بل وجدوها تختلف فتارة يزيد سيرها وتارة ينقص بحسب الأزمان وكان المتقدمون الأولون قد ذكروا أن للكواكب الثابتة حركة تقبل بها تارة على التوالى إلى البروج وتدير بها تارة إلى خلاف تواليها وأنها لا تستو فى دائرة البروج بالحركة إلى أخرها وسموها فى القديم بالإقبال والإدبار عول المتأخرون على هذا فى هذه الحركة وهى حتى الآن مشكوك فيها لكن عليها وضع الأستاذ أبو إسحاق الزرقالة مقالتة فى حركة الإقبال والإدبار وعمل المتأخرون لها جداول وعمل ايضا جدولا الاختلاف ميل دائرة الشمس حسب ما توجبه هذه الحركة وهذه الحركة فى ظاهر الأمر على ما وضع أبو إسحاق إلا أن النقلة فى الطول مع هذا الإقبال والإدبار أمكن فيها نحو توالى البروج وإن لم توقف بعد على صحتها فى الإرصاد إذ لا يكمل العلم بذلك إلا فى الدهر الطويل وتداول الرصد للكواكب على الدوام والاستمرار وهى إلى الصحة أقرب وأما كيفية هذه النقلة وهيئتها فأنها على نحو ما أصف وذلك أن الأعلى من الأفلاك إذا تحرك الحركة اليومية على قطبيه الثابتين أبدا لهذه الحركة تحرك بحركته هذا الفلك التالى له لأن فلكهما محمول فى هذه الحركة فيحدث هذان القطبان بحركتهما تلك دائرتين قطباهما الكل فهذا الفلك إن تحرك بحركة الأعلى فأنه مقصر عن حركته تلك فيقصر لذلك قطباه على إتمام الدائرتين فى الزمان الذى يستتم الأعلى فيه الدورة ولذلك يتحرك هذا الفلك على قطبيه بنفسه لاستيفاء ما عجز عنه وقصر من حركة الأعلى نحو حركة الأعلى فيتم لنفسه على قطبيه وهما ساكنان بحركته هذه المختصة به حتى يلحق بحركة الأعلى أعنى حتى يلحق الموضع الذى استتم فيه الأعلى الدورة فلنسم حركة هذا الفلك على قطبيه حركة الاستيفاء فإذا استوفا هذا الفلك الدورة ولحق بالأعلى الرسم المذكور استوفت الكواكب الثابتة حركتها فى الطول بما زاد به بحركة فلكها وبقى التقصير الذى كان قصر به هذا الفلك للقطبين خاصة إذ كانت حركة الاستيفاء إنما كانت عليهما ومما بمنزلة التاليين لها فتقصير مما بالضرورة إلى خلاف أعنى إلى خلاف الحركة ولأجل أن بعد هذين القطبين من قطبى الأعلى بعدا واحدا محفوظا لا يتغير ستحدث هذان القطبان اللذان لهذا الفلك بهذا الفلك الذى لهما دائرتين مع طول الزمان يكون متنقلين عليهما فلنسمهما دائرتى ممر القطبين وهما فى هذا الفلك كما قلنا موازيتان لدائرة معدل النهار وقطباهما قطباها ومقدار هذه الدائرة بقدر خروج الكواكب التى بتوسط هذا الفلك بحلولها عن معدل النهار إلى الشمال وإلى الجنوب فما بين مواضعها فى الشمال إلى مواضعها فى الجنوب هو مقدار هذه الدائرة أعنى أن يكون القوس من الدائرة العظيمة المارة بقطبى الأعلى التى يحورها دائرة ممر قطب هذا الفلك نحوا من ضعف الميل وذلك نحو من ضعف ميل دائرة الشمس على معدل النهار فيكون خروج الكواكب التى تتوسط هذا الفلك نحوا من خروج الشمس عن معدل النهار هذا بما ذكره الأولون دون تحقيق لذلك الفلك وهاتان الدائرتان اللتان لممر القطبين هما يعينهما الدائرتان اللتان نحوهما هذان القطبان عند تمام دورة الفلك الأعلى ولأن هذا الفلك يقصر بحركته عن الحركة الكلية ويستوفى مثلا بحركته على قطبيه ذلك التقصير والقطب ثابت فهذه الزيادة تكون الكواكب فى هذا الفلك بجملتها حافظة لمواضعها من الطول خاصة وأما فى العرض فغير حافظة لمواضعها منه وتقصير القطب وحده بما قصره الفلك ولا تقصير للكواكب التى عليه وهذا هو على ما عمل عليه المتأحرون من أهل هذا العلم بل تستوفى بحركة فلكها لنفسها حركة الاستيفاء ولكان قصر عنه الفلك أولا فيدور لذلك القطبان فى تينك الدائرتين اللتين للممر لأنهما ساكنان لهذه الحركة التى تحركها الفلك عليهما ولأجل أن بعد الكواكب من كل واحد منم القطبين بعدا محفوظا أبدا يرى للكواكب انقتال إلى حيث تحركه القطبان إذا دارا بتقصيرهما وتلك هى التى تسمى حركة العرض لأن القطبين بتقصيرهما تناخران فى دائرتى ممرهما وتكون من قطبى الأعلى فى الأزمان المختلفة فى جهات مختلفة فتلتوى لذلك الكواكب بتبعتها للقطبين لأن بعدهما منها محفوظ فما كان منها على دائرة معدل النهار لا يستقر عليها بل يميل ويتنقل عنها بحسب المواضع التى يحلها القطبان من دائرتى الممر والجهات التى يكونان عليها من قطبى الأعلى فتكون الكواكب لذلك تارة إلى الشمال عن معدل النهار وتارة إلى الجنوب بقدر خروج القطبين اللذين يدوران من قطبى الأعلى وكذلك سائر الكواكب تزول عن مواضعها فيقرب إلى معدل النهار تارة وتبعد تارة فأما كيف تكون مع هذا للكواكب نقلة الإقبال والإدبار اللتين ذكرهما المتأخرون من العلماء وصححوهما بالإرصاد فإن تلك النقلة تظهر لنا بالضرورة لأجل استدارة القطبين على دائرة الممر وامتزاج تقصير القطبين أعنى نقلتهما المقصرة عن إتمام الدورة فى الزمان الذى يستتم فيه الزمان الدورة على ما تقدمنا فقلنا واختلاطة بالحركة التى لفلك الكواكب على قطبيه الخاصة به لحفى هذه الحركة عنا وظهور ما يلزم عنها من الإعراض حسب ما تبين بعد هذا ولنقدم ما يحتاج إلى تقديمه مما يبينه على هذا النقلة ويقرب تصورها فيقول إنه إذا كانت كرة تدور قطباها على دائرتين صغيرتين وتتحرك الكرة التى هى حول قطب كرة أخرى فوقها وتعلمت نقطة على بسيطها أعنى بسيط الكرة التى قطباها متحركان فإن النقطة تحدث بنقله هذه الكرة التى تتحرك بحركة قطباها الدائرين دائرة صحيحة الاستدارة مثل كرة ا ب قطباها دائران على دائرتين صغيرتين ومما د ج ه ز حول قطبين لكرة أخرى وقد تعلمت نقطة ا على بسيط كرة ا ب وتحركه كرة ا ب بحركة قطبيها الدائرين على دائرتى ج ه كان استيفاؤهما بالدوران حتى عاد إلى حيث ابتدأ منه أقول إن نقطة ا أحدثت بحركة الكرة دائرة صحيحة الاستدارة برهان ذلك إنا نتومم قطبى هذه الدائرين لقطبى ج ه من الدائرتين ولنمر عليهما وعلى النقطة ا من دائرة عظيمة فبالضرورة يكون هذا القوس نصف دائرة نقطة ا من هذا النصف مفروضة فتكون بذلك معلومة البعد من كل واحد من القطبين أعنى ج و ه فإذا دارت الكرة واستدارت قطباها على دائرتى ج د ه ز فيتحرك قوس ج ا على حالها ويحور حركتها كرة متوهمة عند استتمام القطبين الدورة على دائرتى ج د ه ز ويتوهم هذه الكرة ثابتة كما هى وقطباها ج ه ولأن بعدى نقطة ا من كل واحد من قطبى ج ه على حال واحدة فى الجانبين كليهما فى جميع الدورة فبعد ا ج ا ه فى ىجميع حركة نقطة ا متشابهان فى كل الدائرة وبعد ا ب فى جميع نقلة نقطة ا متساو وكذلك بعد ا ه فى تلك النقلة متساو فنقطتا ج ه هما قطبان للدائرة التى ترسمها نقطة ا بحركة الفلك التى تعلمت عليه المحرك بحركته قطبيه الدائرين على دائرتى ج د ه ز وهى صحيحة الاستدارة لأن القسى التى تخرج من قطبى الكرة إلى محيطها التى فى كل جهة من الجهتين متساوية وذلك ما قصدنا بيانه ونقول ايضا إنه إذا كانت كرة وكان قطباها دائرين على نحو ما ذكر وكان للكرة مع هذه الحركة حركة أخرى على قطبى الدائرتين الثابتتين لحركة القطبين وامتزجت الحركتان جميعا وتعلمت نقطة على بسيط الكرة وتحركت الكرة بها بين الحركتين معا فإن النقطة المتعلمة ليست تحدث مع هاتين الحركتين دائرة صحيحة الاستدارة فى سطح واحد ولا يكون عودة النقطة عند تمام الكرة دورها إلى الموضع الذى ابتدأت منه من الدائرة بل خارجا عنه ويكون ما تحدثه النقطة باستدارتها على شكل استدارة اللولب حلزونيا أعنى أن الدائرة تبتدئ من نقطة وتنتهى عند تمام الدورة إلى نقطة أخرى غيرها لتكون بسطح آخر فإذا دارت الكرة عدة دورات كانت الدائرة التى تحدثها النقطة على نحو الإدارة اللولبية مثال ذلك أن كرة ا ب قطباها د ه وهما يدوران على دائرتى ج د ه ز وتتحرك الكرة بحركتهما أعنى بحركة القطبين على قطبى الدائرتين اللتين هما ط ك والكرة نفسها مع ذلك متحركة أيضا دورا على تنيك الدائرتين أعنى ط ك وهما الثابتان حركة أخرى غير تلك الحركة التى يتحركها بحركة قطبيها وقد تعلمت على بسيط كرة ا ب نقطة ا فأقول إن نقطة ا تحدث عند امتزاج حركة الكرة على قطبى ط ك بحركتها الأخرى التى تتحرك بحركة قطبيها الدائرين استدارة لولبية وشكلا حلوزونيا برهان ذلك أن يمر على قطبى الدائرتين الصغيرتين اللتين مدار قطبى الكرة عليهما دائرة عظيمة وهى دائرة ط س ل ك وليقطع دائرة ج د ه ز على نقطتى ه ج ومن البين أن نقطة ه تقابل نقطة ب تقابلا يكون الخط الواصل بينهما محورا للكرة وبتوهم الدائرة التى تحدثها نقطة ا إذا تحركت الكرة بحركة طرفى هذا المحور على دائرتى ه ز ج د لو لم يكن للكرة حركة ثانية دائرة ا س ب فتكون لذلك صحيحة الاستدارة كما بيناه فى المسئلة المتقدمة وكذلك يتوهم الدائرة التى تحدثها نقطة ا إذا دارت كرة ا ب على قطبى ط ك لو لم تحرك الكرة حركة أخرى دائرة ا ل ب وهذه الدائرة اعنى ا ل ب بالضرورة موازية لدائرتى ه ز ج د وتمر على نقطة التقاطع لتلك الدائرتين العظيمتين وعلى قطبى ط ك أفق ط ا ك فلأن تقاطع نقط ا و ص على الأفق فى موضع تقاطع الدائرتين فإذا اندفع القطب بحركته على الدائرة أعنى قطب ه إلى جهة ز ومالت الكرة لاندفاعه انحدرت لذلك نقطة إلى جهة ميل القطب وإذا تحركت مع ذلك كرة ا ب الحركة الأخرى على قطبى ط ل تنتقل نقطة ا عن موضعها مائلة عن دائرة ا ب لأنها محفوظة البعد من قطب ه المستقل إلى جهة ز فتصير مثلا على نقطة ب وإذا استدارت الكرة على قطبى وطلعت نقطة ز من أفق ط ا ك فإنها لا تطلع من مكوضعها الأول ولكن على نقطة ق منه مثلا وكذلك ما دام قطب ه مستقلا إلى جهة ز فإذا انتهى إلى ز مثلا انتهت نقطة ا إلى ل وهى فى كل دائرة تطلع من نقطة مخالفة لنقطة طلوعها إلى الدورة التالية لها فهى تطلع من نقطة وتنتهى بالدورة إلى أخرى فيحدث لهذا دوائر غير تامة الاستدارة لأن كل واحد منها أعنى الدوائر كما بينا قبل ليست في سطح واحد وثانى شكل جميعها شكلا حلزونيا ولذلك يكون حال نقطة ا إذا انتقل القطب من نقطة ز إلى النقطة المقابلة لنقطة ه من الدائرة وانتقلت بانتقاله نقطة ا من ا ب إلى ب فإنها تحدث كذلك شكلا شبيها بلأول وفى الرابع الباقى شكلين شبيهين بهذين وترجع نقطة ا المفروضة إلى موضعها الأول وقد رسمت مجموع الحركتين أربعة أشكال على ما وضعنا وذلك ما قصدنا تصويره وأقول أيضا إن الدائرة التى ترسمها الكواكب بحركات أفلاكها على أقطابها كانت للكواكب الثابتة أو المتحيرة ميلها جميعا على دائرة معدل النهار على قدر بعد القطب الذى لفلك تلك الكواكب أو الكواكب عن قطب الفلك الأعلى الذى هو قطب معدل النهار وكلما بعد قطبا معدل النهار عن قطب فلك الكواكب كان ميل الدائرة التى عليها الكواكب بمثل بعد القطب من قطب الأعلى وهذا أمر بين بنفسه وكذلك أقول إن كل واحد من الأفلاك إذا تحرك لنفسه على قطبيه نحو حركة الكل أعنى الحركة اليومية وانتقل بتلك الحركة الكوكب المركوز فى ذلك الفلك مسافة ما فى دائرته المائلة وإن كنا لا نحس بهذه الحركة فليس ما يطلع مع أجزاء تلك المسافة التى قطعها الكوكب فى فلكه المائل بمساو لما يطلع معها من أجزاء دائرة معدل النهار أبدا ولكنه قد يكون مختلفا بحسب ميل ذلك الجزء الذى قطع من دائرة ميله على معدل النهار إلى الشمال أو إلى الجنوب أو يحو ز على التقاطع لهما وهذا شيء قريب قد بين فى المجسطى وبين مع ذلك أنه إذا كان منتهى الميل معلوما فإن كل جزء يفرض على تلك الدائرة المائلة على تلك الدائرة يكون معلوما وما يطلع مع ذلك الجزء فى الأفق المفروض من دائرة معدل النهار يكون معلوما وكذلك تبين هنالك أن الذى يكون بين مطالع جميع الربع من أرباع دائرة الميل التى تنحاز بنقطتى الاعتدالين والانقلابين مساو لمطالع جميع الربع المناظر له من أرباع دائرة معدل النهار فى أجزء المطالع وإنما تختلف فى الأجزاء التى ميل أدك من ربع الدائرة فقد تريد المطالع على المطالع وقد تنقص عنها وسنرشد إلى ذلك بعض الإرشاد فى مواضعه إن شاء الله تعالى ولما كا ما يلقى من نقلة الكواكب الثابتة عند الرصد يختلف مقداره بحسب اختلاف الأوتار إذ قد توجد هذه النقلة مع نظيرها فى زمان ما أقل بطءا وفى زمان آخر أكثر بطؤ وفى بعض الأزمان إلى توالى البروج وفى بعضها إلى خلاف تواليها ونحو حركة الكل وقد تمكث الزمن الطويل فنشعر لما ينقله فى إرصاد أهل ذلك الزمان فإن أكثر ما اهتدوا به إلى نقلة هذه الكواكب إنما كان يشاهده خروجها فى العرض عند رصدهم إياها عن معدل النهار أعنى أنهم عاينوا ما كان منها أعنى من الكواكب الثابتة على الدائرة المسماة بمعدل النهار زائلا عنها والذى كان فى الزمان المتقادم شماليا عنها عاد جنوبيا عن مكانه وما كان جنوبيا عاد شماليا عن مكانه الأول قطعوا قطعا بأن تقلبها تلك على فلك مائل ولأنها مع هذا الخروج مقهقرة إلى خلاف حكموا بأن هذا المائل المحرك لها يحرك هذا الفلك إلى خلاف حركة الأعلى ولما كانت السبعة السيارة مختلفة فى حركة الطول اختلافا كبيرا وكان اختلافها فى العرض يسيرا جعلوا حركتها جميعا تابعة لحركة هذا الفلك المائل فى الحركة المختلفة وعلى قطبيه خاصة وإذا كان الفلك المكوكب مائلا عندهم فلا أعلم لماذا صيروه تابعا لآخر فوقه غير مكوكب وقد كان لهم فيه كفاية فجعلوه هو المائل بنفسه ولا يلجؤون إلى آخر فوقه وأيضا ولو لم يضعوا هذا الفلك المائل الذى تحرك هذه الأفلاك على قطبيه الحركة المخالفة لحركة الأعلى على الكلية مقابل الوضع بوضع الأعلى حتى يكون تحت فلك القمر إذ لا دليل لهم من طريق الحقيقة على أنه يجب الأعلى وفوق جميعها وكان يكون دليلهم على كونه تحت القمر أقوى لأجل أنه تحرك الفلك الذى فيه القمر أولا تلك الحركة المخالفة لكون القمر أسرع الأفلاك فى هذه الحركة المخالفة لقربه من محركه ولأجل ذلك كان ما قرب من القمر أسرع مما بعد ولذلك كان الفلك المكوكب أبطأها فتجرى تلك الحركة على نظام وأيضا لم ينسبوا الخروج عن المركز الذى للكل إلى هذا الفلك المائل وحده ويكون اختلاف هذه الأفلاك فى السرعة والإبطاء منسوبا إلى خروج مركز الفلك المائل وتحريكه لهذه الأفلاك عليه وتسلمون بهذا من تفصيل كل واحد من تلك الأفلاك وتقسيمها إلى أجزاء تخالف بعضها بعضا مع اشتراك واشتباك لبعضها مع بعض فى الحركة بالجرم ولما لم يتحقق الأولون من حركة هذا الفلك المكوكب ما أثبتوه على صحة لأجل ذلك التحير فيها والتشكك فى صحة نقلتها فإن الأقدمين كهرمس ومن كان بعده من أصحاب الطلسمات منكرون أن لهذه الكواكب انتقالا تارة إلى توالى البروج وتارة إلى خلاف توالى البروج وكان هذا كان عندهم أمرا متعارفا ولما أتى الذى بعدهم كالكلدانيين ممن رصد هذه الكواكب قبل زمان بختنصر ليصححوا ما ذكره الأولون لم يجدوا لها حركة فحلوا تلك الحركة التى كان ذكرها القدماء الأولون إذ لم يكونوا أثبتوا لها حسابا ولا هيئة يصح بها إمكانها فاعتقدوا أن فلك الكواكب الثابتة هو المحرك الحركة اليومية وأن فلك البروج وهى دائرة الميل للشمس يقطع دائرة معدل النهار على نقطتين إحداهما تسمى نقطة الاعتدال الربيعى والأخرى نقطة الاعتدال الخريفى وهما أول برج الحمل وأول برج الميزان وإنهما حافظتان لهذا التقاطع دائما ثم إن الذين أتو بعدها هؤلاء بزمان طويل قبل زمن الإسكندر بما أورده أبرخس من إرصاد طيماخارس وأرسلطس على عهد أربع مائة وخمسين سنة من تاريخ بخت نصر ثم ما رصد مثلا ومن المهندس فى سنة ثمن مائة وخمس وأربعين لبخت نصر ثم ما رصد أبرخس نفسه بعد وفاة الإسكندر بنحو من أربع مائة سنة وإرصاد من كان فى زمانه فإنهم ذكروا أنهم ألفوا هذه الكواكب تنتقل نحو توالى البروج فدونوا ما أدركوه من نقلتها وأثبتوه على أنها حركة لهذا الفلك وعلى توالى البروج فقط ثم إن بطلميوس أيضا رصد من بعد أبرخس بمائتين وستين سنة والانتقال لهذه الكواكب الثابتة دائما إلى توالى البروج وقد كان أبرخس عمل حساب هذه النقلة وذكر أنها على قطبى فلك البروج نحو تواليها درخة فى مائة سنة ولما ألفى بطلميوس ما قاسه من مواضع هذه النقلة ودونها على حسب ذلك ثم إن المتأخرين بعد بطلميوس لما رصدوا هذه الكواكب وقايسوا بين ما وجدوه من مواضعها بالرصد وبين مواضعها المقومة بتلك الأعمال ألفوها مخالفة لهاوغير متفقة معها فاسترابوا لذلك بتلك الإرصاد القديمة ولم يثقوا بصحة تلك النقلة وزعم بعض من أتى بعد بطلميوس وهو ثاون الإسكندرى أن للكواكب الثابتة نقلة تقبل بها تارة وتدبر أخرى وكل واحدة منهما ثمانية أجزاء وأن لها مع ذلك نقلة إلى توالى البروج درجة فى مائة سنة ودفع هذه الحركة من أتى بعده إذ وجدوا مواضعها بالرصد فى غير المواضع التى هى مقومة عليها بإعمالهم القديمة فمرة تزيد عليها ومرة تنقص عنها بحسب الأزمان المقوم لها ثم إن البتانى بين أن الكواكب الثابتة تسير عن نقطة الاعتدال الربيعى فى أزمان متساوية سيرا مختلفا فنزل من أمرها على ذلك ولما نظر أبو إسحاق الزرقالة فى هذه الانتقالات المختلفة احتال فى تألفها على ما ظهر له لانه بعد لم يتحقق أمرها على التمام فوضع لها هيئة تكون عليها وحسابا على أن قطبى هذا الفلك يتحركان على دائرتين موازيتين لدائرة معدل النهار مما يوجب أن تكون حركتها تابعة لحركة هذين القطبين فنبه بما أورده من ذلك على ما وقفيا عليه الآن مما لم يتفطن إليه أعنى إلى الحركة التي توجب ذلك على الحقيقة وهى حركة هذا الفلك على قطبيه مستتبعا وتابعا لحركة الأعلى ليستوفى التقصير الذى نقص عنه من حركته وليمتاز بميل وينفصل عنه فتستقر الآن الحركة على نحو ما وضع أبو إسحاق الزرقالة من أن الذى يظهر من اختلاف انتقال هذه الكواكب المسماة الثابتة إنما هو إقبال وإدبار لا غير على أن الأمر مقلوب فيها بالحقيقة لأن الإقبال عندهم كان على أنه النقلة إلى خلاف حركة الكل والإدبار عندهم هو النقلة إلى جهة الكل وهو بالحقيقة مقلوب هذا كما تبين ومع هذا فإن النقلة التى ذكرها بطلميوس إلى خلاف الكل ثابتة مع الإقبال والإدبار كالحال فى انتقال الكواكب المتحيرة وظهور الرجوع لها والاستقامة مع انتقالها ذلك إلى خلاف حركة الكل لكنها غير محققة الكمية إلى هذه الغاية ولكيما يتضح ما قلناه فلنعد ذكر هذه الحركة التى لهذا الفلك المكوكب ونأتى بعده بالمثال عليها ليكون تصور هذه النقلة أتم وحقيقتها أظهر فنقول إن هذا الفلك إذا تحرك حركته التى تخصه وهى على قطبيه تابعا ومستتبعا بحركة الأعلى وهى التى سميناها حركة الاستيفاء واستدارت قطباها على دائرتى ممرهما بتقصيرهما عن الأعلى إلى خلاف حركة الأعلى فإنهما فى خاصتهما مقصران عن الأعلى دون الكواكب التى كانت عليها حركة الاستيفاء وهما ثابتان لها فتمتزج لذلك انتقال حركة الكواكب التى على قطبى هذا الفلك فى الطول نحو حركة الكل مع ما يحركها انتقال القطبين على دائرتى ممرهما الذى هو الفاعل للقصر للعرض لأن بعد الكواكب من القطبين بعد لا يتغير فإذا انتقل القطبان تغير بتغيير وضعهما وضع هذه الكواكب التى فى هذا الفلك بحسب تباعد القطبين عن قطبى معدل النهار إلى الجهة التى تباعد إليها فتميل لذلك هذه الكواكب التى فى هذا الفلك مع أنها قد استوفت حركة الأعلى فى الطول ولحقت به بالحركة التى تحرك فلكها عن قطبيه إنما اليسير حدا مما لم يتحقق أمره إلى هذه الغاية وينتقل فى العرض بانتقال القطبين ولأن هذه الحركة التى لهذه الكواكب أعنى المتبعة لها بحركة الأعلى للاستيفاء ليست على دوائر موازية لمعدل النهار إنما هى على دوائر مائلة عليها كما نبهنا فى المقدمة التى قدمناها قبل تكون الكواكب التى على نطاق هذه الكواكب تحور دائرة قليلة مائلة على دائرة معدل النهار قاطعة لها على الإنصاف عن دائرة البروج وميلها عليها بمقدار التباعد الذى بين قطبى هذا الفلك وبين قطبى الأعلى فيكون تقاطع الدائرة الوسطى على نطاق هذا الفلك من دائرة معدل النهار على نقطتين هما نظيرتا نقطتى الاعتداليين ونهاية التباعد بينهما هما نظيرتان لنقطتى الانقلابين وعلى هذه الدائرة المائلة تكون حركة الكواكب الثابتة المتوسطة نطاق وهذا الفلك وسائر ما فيه من الكواكب أيضا يتحرك على دوائر موازية لهذه المائله غير أن الحركة اليومية هى لجميعها على الدوائر الموازية لمعدل النهار وهذه الحركة أعنى التى ذكرنا أنها للاستيفاء على هذه الدائرة المائلة نحو حركة الكل هى التى لم يهتد إليها أحد ممن سلف ومن إغفالهم ما عرض لهم الغلط إذ ظنوا أن الأفلاك التى دون الأعلى تتحرك إلى خلاف حركته وتعانده بحركتها الطبيعية التى لها فأوقعهم ذلك فى الحيرة والحروج عن الحقيقة من أمرها ومن هيئتها ولما كانت حركة فلك هذه الكواكب الخاصة به حركة مستوية ومشابهة لحركة الأعلى وإلى جهتها الا أنها مائلة عنها أعنى عن دائرة معدل النهار تختلف لأجل ذلك مقادير ما تقطعه هذه الكواكب من دائرتها المائلة مع مقادير ما يواجهها ويطلع معها من دائرة معدل النهار وقد تبين هذا فى المجسطى وسنعيد بيانه فى المثال إذ لا تستنوى الأجزاء أبدا من هذه الدائرة المائلة مع ما يطلع معها من معدل النهار بل إما أن تزيد عليها وإما أن تنقص عنها أو تساويها ولأنا لا نحس بهذه الحركة ولا نشعر بها أعنى حركة الاستيفاء لكنا ندرك أثرها بزيادتها فى الطول على مواضعها أحيانا وتقصيرها عنها أحيانا مع خروجها فى العرض أيضا وهذه العوار التى دلتنا عليها إذ لولا تلك الحركة لما عرضت لها هذه العوارض إذ هى مركوزة فى فلكها لازمة لمواضعها منه وكذلك ما كان من هذه الكواكب قريبا من نقطتى التقاطع لهاتين الدائرتين أعنى الدائرة المائلة ودائرة معدل النهار من نحو خمسة و أربعين جزءا من كل واحد من الجهتين أعنى الربعين اللذين تتوسطهما نقطتا التقاطع فإن الأجراء التى يقطعها من فلكها المائل يقصر عن الأجزاء التى تواجهها أعنى عن الأجزاء المساوية لها عن معدل النهار فتطلع لذلك فيها مع أقل منها وتظهر لها لأجل ذلك انتقال إلى خلاف فى جميعها وكأنها تقهقر عن العليا او تتحرك إلى خلاف حركتها ويسمون هذا التقصير الإقبال لأنه نحو توالى البروج فإذا أخرت هذه الكواكب التى على نطاق فلك البروج المرسومة فى فلكها فى الانتقال على الأجزاء التى تلى تلك الأجزاء التى ذكرناها أعنى من بعد خمسة وأربعين جزءا من نقطة التقاطع إلى تمام مائة وخمسة وثلثين جزءا أو نحوها وهو الربع التالى للربع المذكور والذى تتوسط النقطة النظيرة لنقطة الانقلاب فإن الأجزاء التى تقطعها الكواكب بحركتها الخاصة بها تنقص عن التى تواجهها وتطلع معها من دائرة معدل النهار فتطلع معها من دائرة معدل النهار ما هو أكثر أجزاء منها فتظهر لأجل ذلك لهذه الكواكب بطفيف وزيادة أمام حركة الكل تتقدها وهذا الذى يسمونه بالإديار فترى للكواكب الثابتة فى هذين الربعين حركتان مختلفتان وهي فإنما تحركت حركة واحدة مستوية فى الحقيقة فى جميع هذا النصف وكذلك تعتريها فى النصف الثانى سواء أعنى أنها ما دامت فى الربع الذى تتوسط نقطة التقاطع يكون ما يظهر من انتقالها مقصرا وفى الربع التالى له يكون ما يظهر لانتقالها زائدا ومطففا وتنقضى الدائرة وقد مر فيها إقبال وإدبار مع تساوى الحركتين فى الطول أعنى حركة الأعلى مع حركة المكوكب وهذا إنما هو على المعنى الذى عمل عليه المتأخرون من حركة الإقبال والإدبار وأما أن يكون لها مع هذا انتقال إلى توالى البروج فهو بأن يكون بعض التقصير باقيا للفلك ويظهر مع طول الزمان وهو أقرب إلى الأمكان إلا أنه لا يبلغ مقداره المقدار الذى ذكره بطلميوس وهذه الحركة لما كانت أخذه نحو حركة الكل مستتبعة لها أعنى حركة الفلك المكوكب الخاصة به يكون إذا ابتدأت بها من النقط النظيرة إلى الاعتدال الربيعى ومنه إلى النقطة للمنقلب الشتوى ومن هذه هى أخذه إلى النقطة النظيرة للاعتدال الخريفى على خلاف ما وضعوا الدائرة التى للبروج عند الحركة التى زعموا أنهما عليهما وفوقه إختلاف الأجزاء من هذه الدائرة المائلة لهذا الفلك مع ما يواجهها ويطلع معها من دائرة معدل النهار بين بالطريق التى وضعها بطلميوس وكذلك تبين هنالك أنه إذا علم نهاية الميل علم منه بالضرورة مقادير القسى من الدوائر العظام التى تحورها دائرة الميل مع دائرة معدل النهار فيما بينهما عند كل جزؤ معروض من هاتين الدائرتين أيتهما كانت ولنمثل لذلك بالدواير والحروف ليزيد إيضاحا ونؤخر ذكر التقصير الذى يقصره هذا الفلك عن الأعلى بعد حركته الخاصة به التى تتبعها بها ونعمل الآن على أنه يستوفى لنفسه ويلحق بلأعلى على حسب ما عمل عليه المتأخرون فتعمل دائرة معدل النهار دائرة ا ك ج م والدائرة المتوسطة لهذا الفلك وهى التى ترسمها أجزاء الكواكب المتوسطة فيها بحركة هذا الفلك على قطبيه ا ب ج د وليكن يقاطع هاتين الدائرتين على نقطتى ا ج وليكن قطبا الكل نقطتى س ع وكذلك يجعل قطبى هذا الفلك المكوكب اللذين هما دائران أبدا حول قطبين ثابتين بحركتهما أعنى حول س ع نقطتى ه ز ويجعل دائرتى ممرهما اللتين تتحركان عليهما دائرتى ه ز ز ق كما فى الصورة ولنمر على قطبى معدل النهار دائرة س ب ك ز ع د م فلأن دائرتى ا ب ج د ا ك ج م تتقاطعان على نقطتى ا ج اللتين هما نظيرتا نقطتى الاعتدالين من فلك البروج تكون نقطتا ب د هما نظيرتا الانقلابين وليكن الأفق حيث الكرة تصيب نصف دائرة ع ا س فلأن هذا الفلك المكوكب يقصر كما قلنا عن حركة الأعلى سيقصر بالضرورة قطباه فى دائرتى ممرهما بسبب ذلك عن الموضعين المناظرين لهما من الأعلى وبعدهما من الأعلى واحد أعنى بعد نقطتى ه ز عن نقطتى ع س فبالضرورة سيكون انتقالهما بتقصيرهما إلى خلاف حركة الأعلى وحول قطبيه على دائرتين متوازيتين وموازيتين لمعدل النهار اعنى دائرتى ه ز ز ف فعل هاتين الدائرتين ينتقل قطبا ه ز إلى خلاف حركة الكل فإذا كان أحد الأفلاك التى فى هذا الفلك على إحدى نقطتى التقاطع أعنى نقط ا ج وإن ينتقل القطبان من موضعهما من الدائرتين اللتين هما على التقاطع الذى لدائرتى ه ز ز ف مع دائرة ه س ب أعنى دائرة نصف النهار ينتقل قطب ه فى الجهة الخفية عن الأفق المعروض وقطب ز فى الجهة الظاهرة لأهله وإنما تتحرك نقطتا د ز إلى جهتى ز ف أعنى إلى خلاف حركة الكل وستميل بالضرورة الكواكب التى على نقطة ه عن دائرة ا ك ج م أعنى عن معدل النهار ويخرج عنها فى دائرة ميله إلى حيث ذلك القطبان لأن بعده منهما محفوظ وواحدا أبدا ولتكن نقطة ع هى القطب الشمالى مثلا فتكون حركة الأعلى فى دائرة معدل النهار من لدن نقطة ا إلى نحو نقطة م ونقله قطب ز بحركة الأعلى فى تلك الجهة وتقتصره إلى جهة نقطة ق لأنه إذا ابتدأ الفلك الأعلى بالحركة من ا وتبعه قطب المكوكب من ز ورجعت نقطة ا إلى موضعها من الصورة لا يستوفآ قطب ز الدائرة التى هى ممر ز إذ هو مقصر عنها فيقصر جزؤا من قوس ز ق فكأنها أعنى نقطة ز انتقلت إلى جهة ق بمقدار ذلك الجزء الذي قصرت به وإذا انتهت نقطة م بالتقصير إلى ف فقد يناهى ميل الكوكب فى الشمال عن دائرة معدل النهار أعنى الذى كان على النقطة ا وحصل الكوكب على بعد نقطة و د فى الدائرة المائلة مع لزوم الكوكب لموضع من الطول فيكون الكوكب يقع فى أفق ع ا س على بعد من ا بقدر قوس ع ف وهو مساو لبعده من نقطة د التى من نقطة ا إلى النقطة المناظرة لنقطة ز من دائرة الممر والكوكب منصرف عن منتهى ميله في الشمال إلى النقطة النظيرة لنقطة الاعتدال الثانى أعنى نقطة ج وحال القطب والكوكب فى الربعين الباقيين كهيئة الحال فى هذين الربعين هى ربع الذى يكون معه أعنى الربع من دائرة الممر الذى يدور عليه القطب والربع من دائرة الميل الذى يدور عليها الكوكب لأنا قد ذكرنا أمر الحركة التى اهتدينا إليها بتوفيق الله عز وجل وهى حركة هذا الفلك المكوكب لنفسه مستتبعا بالحركة الأعلى ومستوفيا لما قصر عنه من حركته الكلية لهذه الحركة الطبيعية له الممكنة لصورته وهى التى ينفصل بها عن حركة الأعلى وتمتاز من غير مخالفة ولا معاندةلحركته وإنها لهذا الفلك على قطبيه مماسا لحركة الأعلى ومصاحبا لها دون قطبيه لأنهما ثابتان لها فيقصر لذلك قطبا هذا الفلك ولا تقصر جملته ولا الكواكب التى عليه المركوزة فيه بل تلحقه بحركة الاستيفاء لكنها حركة غير مدركة بالحس لكن العقل يصححها ضرورة ويستدل عليها من أصل النقلة التى للكواكب فى العروض وظهور التقدم لنا والتأخر مع استفتاء الحركة التى للأعلى فما كان من الكواكب المذكورة فى هذا الفلك على دائرة ا ب ج وأنه يتحرك على قطبى ز ه بحركة قليلة قدر ما يستدرك به ما قصر عنه فلكه عن حركة الأعلى فيستوفيها ويبقى الانتقال فى العرض فقط وذلك لميله حيث مال به القطب الذى لم يستوف شيئا من هذا التقصير بل هو باق على تقصيره لأن الكواكب تتحرك بحركة الفلك على القطبين تلك الحركة لأنهما ساكنان فلذلك إنما يفعل تقصير القطب حركة العرض خاصة للكواكب فتميل تارة إلى الشمال وتارة إلى الجنوب فإذا فرضنا أحد هذه الكواكب على نقطة ما من دائرة ا ب ج كأنه مثلا على نقطة ل وليكن بعد هذه النقطة من ا التى هى النقطة الشبيهة بنقطة الاعتدال خمسة و أربعين جزءا مثلا فأقول إن الكوكب الذى على نقطة ل إذا قطع هذا الأجراء بحركة الاستيفاء وهى حركته الخاصة التى يتحركها بحركة فلكه على قطبين أعنى من ل إلى نقطة ا فإن الذى يواجهها ويطلع معها من دائرة معدل النهار أعنى دائرة ا ك ج م ما هو أقل وهى التى يضاف البعد اليها لا إلى دائرة المائلة إذ ليس بحركته التى على المائلة ظهور وإذا كان ذلك كذلك فإن الكوكب يرى كأنه يتأخر فى الطول عن حركة الأعلى بمقدار ذلك الفضل الذى بين الأجزاء من دائرة الميل والأجزاء التى من معدل النهار وإن كانت حركته مستوية لكن لميل قوس ا ل فهى تقصر فى الطول عن التى تساويها من التى ليست بمائلة فيرى للكوكب تأخر عن موضعه وإن كان قد استوفى حركته وبيان ذلك أنا نمر على قطبى دائرة ا ك ج م وعلى نقطة ل نصف دائرة فلأن قوس ب ك التى هى نهاية الميل معروضة وليكن ميلها هو ميل دائرة البروج كما ذكر المتقدمون وهو ك ج ب ا ك وقوس ا ب ربع دائرة فهى معلومة و قوس ا ل مفروضة خمسة و أربعين جزءا يكون ما قدمهة أبو محمد جابر إبن أفلح فى كتابه فى دائرتين ا ب ج ا ك ج م ولم يمر إحداهما بقطبى الأخرى قد يعلم على دائرة ا ب ج د نقطتا ل ب و أخرج منها على دائرة ا ك ج م قوسا ل ط ب ك قائمتين عليهما على زوايا قائمة تكون نسبة جيب قوس ا ب المعلومة إلى جيب قوس ب ك المفروضة كنسبة جيب قوس ا ل المفروضة أيضا إلى جيب قوس ل ط المجهولة و جيب قوس ا ب معلوم لأنها ربع دائرة وقوس ك ب التى قوس الميل جيبها معلوم وقوس ا ل المعروضة خمسة وأربعون جزؤا جيبها معلوم فجيب قوس ل ط إذا معلوم فقوس ل ط معلوم وهى ستة عشر وتسع وثلاثون دقيقة واحد وعشرون قانية وكذلك لما كان يثلث ا ط ل من قستى دوائر عظام وزاوية ط منه قائمة أيضا نسبة جيب تمام ضلع ا ط الموتر للقائمة إلى جيب تمام ضلع ه ل أحد المخيطين بها كنسبة جيب تمام ضلع ا ط الباقى من جيب ربع الجائرة وتمام ضلع هى قوس ل ب وهى خمسة وأربعين جزءا وجيبها معلوم وتمام ط ل هى قوس ل س وهى ثلثة وسبعون جزءا وإثنان زعشرون دقيقة وتسع وثلثون ثانية فجيبها معلوم وجيب ربع الدائرة معلوم ويكون بذلك جيب تمام ضلفع ط ل الباقى أعنى جيب قوس ط ك معلوما فقوس ط ك إذا معلوم وهى تسع وأربعين جزءا وإحدى وثلثون دقيقة وقوس ا ط هى تمام ربع الدائرة فتكون أيضا معلومة وذلك إثنان وأربعون جزءا وتسع وعشرون دقيقة فهى لذلك أصغر قوس ا ل المفروضة من الدائرة المائلة وهى التى تطلع معها وإذا وضع الكوكب بحركته الخاصة به قوسا مساوية لقوس ا ط كأنها قوس ل ح روى متأخرا عن موضعه فى الطول بقدر قوس ا ج فإنه لا فرق بين الأفق ونصف دائرة ع ط ل س فإن نصف دائرة ع ط ل س لو تحرك هو اختلف شيء من أجزائه فى المطالع ولذلك يرى الكوكب إذا قطع قوس ا ل مقصرا عن مثال أجزائها من معدل النهار فيظن لذلك أن الكوكب مقهقر ويتحرك إلى توالى البروج بما يظهر للعيان من تأخيرة عن موضعه من فلكه بالإضافة إلى معدل النهار وذلك لحفا حركته الخاصة به عن الحس وظهورها فى العرض وكذلك حاله أيضا إذا تحرك فى الأجزاء التالية لهذه من الربع وهى الخمسة والأربعون جزءا المتصلة بها من نقطة ا وأما فى الربع التالى فهذا الربع وهو الذى تتوسط نقط الانقلاب فإن الأمر فيها على خلاف ما قدمناه وذلك أن القوس التى يقطعها الكوكب بحركة فلكه الخاصة به الخفية عنا تطلع مع قوس من معدل النهار أعظم منها فيظهر للكوكب تطفيف وزيادة على الأجزاء التى تطلع معه من أجزاء معدل النهار ويرى متقدما لحركة الأعلى فيظن لذلك متحركا أمام حركة الكل وحالة فى الربعين الباقيين كالحالين فى اللذين تقدما والتقصير الأول هو الذى يسمونه بالاقبال والزيادة والتطفيف أمام حركة الكل يسمونه الإدبار ولا إدبار ولا إقبال فى الحقيقة فهذا هو الذى يعرض للفلك المكوكب من الأعراض التى تخيل اختلاف النقلة فى الطول وأما الاختلاف فى العرض فصحيح وظاهر للعيان وذلك ما قصدنا بالإبانة عنه وأما أنه هل له تقصير عن غير هذا الذى ذكرناه حتى يكون للكواكب الثابتة فى الطول إلى توالى البروج كما ذكر بطلميوس وغيره من القدماء حتى ظنوا لذلك أن هذا الفلك يتحرك إلى خلاف حركة الكل فإنه الأظهر والأقرب إلى الإمكان أن هذه النقلة يمكن أن تكون للتغايير العظام التى يكون فى العالم السفلى من عالم الكون والفساد وانتقال المعمور إلى غير المعمور وغير المعمور إلى المعمور فهذا هو الذى ظهر لنا من نقلة هذا الفلك والله الموفق لا رب غيره ولا خير الأخيرة وإذا قد تكلمنا فى الانتقال الظاهر الذى للكواكب الثابتة وأعطينا أسباب الاختلاف منه وعرفنا بأن قطبى فلكها ليس على قطبى الأعلى بل هما خارجان عنهما وإن لفلكهما على قطبيه حركة نحو حركة الكل سوى الحركة اليومية وهى التى تخصه واختلاف الأقطاب هو الموجب لاختلاف انتقالهما فى أفلاكها حسب ما أوردناه وعلى نحو ما أوضحناه ومثلناه فلنتكلم الآن على ما نشاهد من انتقالات الكواكب السيارة واختلافها وما يظهر للعيان من ذلك فى الطول والعرض والسرعة والإبطاء والرجوع والاستقامة مما له ذلك منها باقتران الحركتين اللتين لكل فلك منها والنقل أولا فى ذلك بحسب ما يشملها من الأمور الكلية العارضة لها ومن بعد ذلك نأتى بالكلام مفصلا على ما يخص كل واحد منها بحول الله تعالى هو فى كيفية امتزاج الحركتين اللتين لكل فلك من أفلاك الكواكب السيارة وأعنى بالحركتين حركة الفلك على قطبيه الخاصة به وحركته أيضا بانتقال قطبيه على دائرتى ممرهما وما يظهر للكواكب من اضطراب الحركة لأجل ذلك فنقول أما أن نقلة القطبين على دائرتين فصحيح ثابت لأن فلكها محمول للأعلى أولا وللفلك المكوكب ثانيا وهو مستقل انتقال الأعلى فى كل يوم وهى الحركة المشاهدة فليس ذلك مما فيه شك فقطبا كل فلك مما تحت الأعلى منها بالضرورة دائران فى كل يوم على دائرتين موازيتين لمعدل النهار لكن هذه الأفلاك لما كان كل واحد منها يبعد عن المحرك أكثر من الذى فوقه والقوة الواردة على كل واحد منها دون قوة الذى فوقه لا يستوفى الفلك الدورة ويقصر عن إتمامها ولا بد أن كل جسم طبيعى فله صورة يكمل بها وكمال الأفلاك السماوية أن يتحرك دورا والحركة الطبيعية دورا إنما يكون للمتحرك على قطبين وألا كانت دحرجة ولم تكن منتظمة ولا محفوظة ولذلك كانت لهذه الأفلاك بالطبع حركة تتحركها كل واحد منها لنفسه تابعا للذى فوقه ومتبعا لحركته أو يشتاق إلى مثل ذلك والى التشبه به فهى إذا غير تلك التى هو محمول فيها وهذه هى الطبيعية له وهى له على قطبيه وهما كالثابتين فيها وإن كانا مع ذلك محمولين للأعلى أولا وللذى دون الأعلى ثانيا حسبما يظهر بعد من اختلاف نقلة الكوكب الذى فى كل واحد منها لأن قطبيه ينتقلان على دائرتين بدوران للأعلى وهاتان الدائرتان موازيتان لمعدل النهار وكل واحد من الكواكب السيارة ظاهر من أمره ومشاهد بالعيان أنه يدور فى الأيام على دوائر موازية لمعدل النهار بما يظهر للحس فإذا طال الزمان و دار الكوكب عدة دورات فى الأدوار اليومية رؤى ذلك الكوكب منتقلا عنى التى رؤى عليها أولا بالإضافة إلى نقطة ميلها عن معدل النهار ومتأخرا عنها فى الطول خارجا عن موضعه الأول فى العرض فعلم من ذلك أنه ليس يدور على دوائر موازيه لمعدل النهار فى الحقيقة وإنما هى أدوار كوكبية لخروج الكوكب عن موضعه أبدا فى العرض فهى إذا على نحو ما بينا فى المسائل التى قدمناها من أجل نقطة القطبين على الدائرتين اللتين يمران عليها ومن أجل الحركة الأحرى المخالفة لها وهى الحركة التى يتحركها الفلك على قطبى الأعلى وهذه من المشرق إلى المغرب وكذلك حركة هذه الأفلاك أنفسها الخاصة بها التى ذكرناها ومن أجل حركة القطبين بالتقصير إلى خلافها جميعا وعلم مع ذلك أيضا أن تأخر الكوكب فى الطول إنما هو لأجل تقصير فلكه عن الأعلى وتقصير فلكه هو سبب لانتقال قطبيه مع خروجهما عن قطبي الاعلى ونقلهما إلى خلاف الحركة الكلية أيضا فانه لا يصح أن يكون الكوكب مركوزا فى فلكه ويعرض له انتقال فى العرض إلا لأجل انتقال قطبيه اللذين يدور عليهما فلكه لأن بعد الكوكب من قطبى فلكه محفوظ أبدا لا يتغير ولما كان الانتقال فى العرض على نسبة معلومه وله نهايتان فى البعد عن معدل النهار لا يتعداهما ظهر أن قطبى الفلك ينتقلان على دائرتين وأن بعدهما عن قطبى الذى فوقه أعنى الذى يتحرك بحركته بعد واحد بالضرورة لا يتغير فإنه لو لم يكن بعدهما من قطب واحد محفوظا أبدا لكان هذا الفلك لاعبا غير ثابت ولا محفوظ الحركة فقطبا الفلك التى للكوكب إذا بالضرورة يدوران على تينك الدائرتين اللتين قطباهما قطب الأعلى وإن كان له مع ذلك معنى آخر به يختلف نقلته الاختلاف الثانى وسيأتى ذكره بعد إن شاء الله تعالى وأقول إنه ليس اختلاف نقله كل واحد من هذه الكواكب الظاهرة في الظاهرة فى الطول والعرض أيضا لأجل انتقال القطبين فقط بل ومن أجل الحركة الأخرى التى تمازجها وهى حركة الفلك على قطبيه المختصة به وهى التى يتبع بها حركة الكل أعنى الذى فوقه طلبا للحاق به والتشبه بحركته وبهذه الحركة ينفصل عن غيره ويتميز عن سواه وإن كان إنما تلك النقلة لهذه الكواكب بسبب انتقال هذين القطبين الذى له لا غير مع الحركة اليومية لما كان للكوكب اختلاف فى المسير وإبعاد فى العرض عن الدائرة التى ترسمها الشمس وهى المسماة بمنطقة البقروج مختلفة فى الجهتين عليهما مرارا عدة فى مدة قطع الكوكب بالتقصير لدائرته المائله مرة واحدة فبهذا يظهر أن لهذه الأفلاك حركة أخرى لكل واحد منها على قطبيه يوم بها الحركة الكلية فتختلف الحركتان فيه ويمتزج ويكون اشتراكهما سببا لما يظهر من التغايير لنقلة الكوكب المركوز فى الفلك ولما كانت هذه الأفلاك كلما بعدت عن الأعلى نقصت القوة الواردة عليها وإذا نقصت القوة فترت الحركة بالضرورة وقصرت عن الأعلى ويكون تقصير ما بعد عنه أكثر ولحاق ما كان أقرب منه بالحركة الزم فلأجل تقصير الفلك عن الأعلى تقصر قطباه فى دائرتى ممرهما إلى خلاف الحركة اليومية لأجل أنه يتحرك على قطبيه وهما كالثابتين له يقبل تقصير الكوكب ويبقى القطب على تقصيره أجمع ويكون تقصير الكوكب يظهر منه أنه نقلة إلى خلاف أعنى إلى توالى البقروج فبعض هذه الكواكب يقارب اللحاق بالأعلى للقوة التى انتهت إلى فلكه من المحرك القريب منه فيقارب أن يستوفى ما قصر عنه وبعضها يبعد عن اللحاق لانكسار القوة الواردة عليه وضعفها بسبب بعده عن المحرك له فيكثر تقصيره عن الأعلى فإذا تحرك أحد هذه الأفلاك أعنى فلك الكواكب السيارة حركة ممتزجة من حركته الخاصة وهى التى جهة حركة الكل ومن حركته التى تحركها القطبان فى العرض لانتقالها على دائرتي الممر وهيي الى خلاف حركة الكل وقصر مع ذلك الفلك قليلا عن اللحاق وبقى قطباه مقصرين التقصير أجمع سيظهر لذلك الكوكب المركوز فيه اضطراب حركة لأنه يتحرك نحو حركة الكل والقطب يجد به عن عرضه ويكون مقدار عرضه على ما يكون بعد القطبين عن قطبى الذى فوقه فى الجهتين ولما كان تقصير القطبين باقيا ونقص تقصير الفلك لحركته التى يتلوا بها حركة الكل كان ما يقصره الكوكب قليلا وما تقصره القطب كثيرا فسيقطع القطب دائرة ممره مرارا قبل أن يستوفى الكوكب دورة واحدة فلذلك يكون الكوكب مائلا نحو الشمال عن نطاق البروج ومائلا عنه نحو الجنوب مرارا فى الدورة الواحدة ويخرج عن الدائرة التى ترسمها الشمس وهى المسماة بفلك البروج مرارا ويرجع إليها مثلها وهو لم يقصر فى الطول إلا دورة وكأنه يدور على هذه الدائرة ويخرج عنها شمالا وجنوبا ويعود إليها ولذلك ظنوا أن هذه الأفلاك السبعة جميعا على قطبى فلك البروج واحتالوا لهذا الخروج عللا من خروج مراكز أفلاك واستدارة المراكز على أفلاك أخر ودوائر مما يصعب تصوره ويبعد عن الحق معناه فلذلك لا يمكن أن يكون بوجه من الوجوه أن يكون اختلاف المسير للكوكب الذى ذكر بطلميوس أعنى الذى تعطيه المشاهدة بالرصد إلا على هذا الوجه فقط وهو مع ذلك أقرب إلى التصور وأضح معنى ومع ذلك لا ينكر العقل منه شيئا فلا يلزم عنه مجال البتة ولنفصل الآن ما أجملناه ونذكر نقلة كل كوكب كوكب من السيارة ونعرف بمقدار الاختلاف الذى لكل واحد منها فى الطول والعرض أعنى النقل الظاهر للحس والنقل التى يستدل عليها بهذه وكيف الحقيقة فيها وسنذكر الأعلى من السبعة وهو المسمى بفلك زحل
القول فى حركات فلك زحل
فنقول إن نقلة هذا الكوكب الظاهرة للحس المأخوذة من الأرصاد إلى توالى البروج أعنى خلاف حركة الكل والقدماء بالرصد يختلف أبدا فى أجزاء فلك البروج وليست بمستويه في جميع أجزاء الدائرة لما يقطعها الكوكب من فلكه ولا هذه النقلة لهذه الكواكب فى الجزء الواحد بعينه من فلكه على حالة واحدة من العظم والصغر أو من التوسط بل ينتقل فى الطول فى الجزء الواحد بعينه من هذه الدائرة فى الأوقات المختلفة انتقالات مختلفة أيضا فدام ذلك على أن عودة هذا الكوكب فى هذه الدائرة إلى النقطة التى يبتدئ منها مخالفة لعودته فى إخلاقه إلا أنهم وجدوا الكوكب عائدا إليها بعودته إلى جزء واحد من الدائرة المسماة بفلك البروج وإلى بعد واحد من وسط الشمس أعنى إذا كان الكوكب ووسط الشمس كل واحد منهما فى جزء ما من دائرة ثم عاد كل واحد منهما إلى الجزء الذى كان فيه أولا فإن نقلة هذا الكوكب يكون حينئذ فى ذلك الجزء مثل حركته فيه أولا ولم يتهيأ لبطلميوس وضع هذه النقلة على أحد الأصلين اللذين كان وضعهما بل إنما تم ذلك له بوضع الأصلين جميعا وذلك بأن جعل له فلك تدوير يدور مركزه على فلك آخر خارج المركز حامل له وفلكا آخر مائلا عن فلك البروج والكوكب مع ذلك يتحرك بحركة فلك التدوير حركة ما مختلفة ومركز الحامل لمركز التدوير ويدور أيضا على دائرة مركزها مركز فلك البروج وبعد هذا الوضع من الإمكان ظاهرة واستحالة وجود مثل هذا فى السماء بينه وإنما يتهيأ هذه النقلة لهذه الكواكب من الفلك الذى هو مركوز فيه على ما أصف وذلك أن هذا الكوكب يظهر له انتقال بطئ نحو توالى البروج أعنى إلى خلاف حركة الكل وانتقال فى العرض مختلف لأجل ما ذكرناه من اختلاف الحركتين أعنى حركة فلك هذا الكوكب على قطبيه التى يقارب بها اللحاق بحركة الأعلى ويعجز عنه لفتور القوة عن قوة [sic] الذى فوقه وذلك بحسب البعد عن المحرك له حسب ما قلنا قبل و لأجل نقلة القطبين على دائرتى ممرهما إذ تقصيرهما هو تقصير هذا الفلك عن الأعلى أجمع ولا يفصل تقصير القطبين على تقصير الكوكب بحركة الفلك على هذين القطبين وهما كالثابتين لحركته ولما ألفينا نقلة هذا الكوكب لها اختلافان أحدهما بالإضافة إلى معدل النهار وهو لا خروج الكوكب عن معدل النهار إلى النهايتين اللتين هما منتهى بعد فلك البروج عن معدل النهار فى الشمال والجنوب والاختلاف الثانى هو خروج الكوكب عن فلك البروج كأنه على فلك مائل عليه إلا أن أجزاء هذا الفلك المائل المتوهم ليست حافظة لأبعادها من فلك البروج حسب ما تقدمنا فذكرناه فلذلك كان قطبا هذا الفلك أعنى فلك كوكب زحل إنما يمران على دائرتين صغيرتين ويكون قطباهما دائرين أيضا على دائرتى ممر قطبى فلك الكواكب الثابتة الذى نسميه فلك البروج لأنه تابع له أيضا ونحو هاتان الدائرتان الصغيرتان من دائرتى ممر فلك البروج بمقدار ضعف خروج الكوكب عن فلك البروج الذى ألفى بالرصد ثلثة أجزاء وثلاث دقائق فتفصل كل واحدة من هاتين الدائرتين الصغيرتين دائرتى ممر قطبى فلك البروج بستة أجزاء وستة دقائق ويكون مع ذلك قطباها بين الدائرتين الصغيرتين منتقلتين على دائرتى ممر قطبى فلك البروج حسب ما يتضح من المثال ونتبين إن شاء الله تعالى والذى صح بالنقلة لهذا الكوكب بما ذكر بطلميوس ومن تقدمه أما فى الاختلاف وهى النقلة التى جعلها لهذا الكوكب على فلك التدوير وهى غير مشاهدة وإنما شاهد الاختلاف لا غير فإنه يقطع سبعا وخمسين دورا فى فلك التدوير فى تسع وخمسين سنة شمسية ويوم واحد ونصف يوم وربع يوم ويقطع بانتقاله إلى خلاف حركة الكل وهو الذى يسمونه الحركة فى الطول لهذا الكوكب فى مدة السنين المذكورة دورتين وزيادة جزء واحد وثلثى جزء وثلثى جزء الجزء وهاتان النقلتان هما اللتان الفيناهما لفلك هذا الكوكب بأعيانهما إلا أنهما على أصل غير الأصل الذى وضعهما عليه بطلميوس ولذلك إنا قد تقدمنا فقلنا إن لكل فلك حركة على قطبيه تخصه وبها ينفصل عن سواه وهذه النقلة هى التى تفعل الاختلاف حسب ما تبين بعد وقلنا إن ما بعد عن المحرك من الأفلاك فإن القوة الواردة عليه من المحرك تقل بحسب بعده من المحرك فيقصر عن الذى فوقه على تلك النسبة والبعد ويتحرك على قطبيه طلبا لإكمال نقص ما قصر به ويبقى البعض وهذا هو حركة الطول ولأن هاتين الحركتين لكل واحد من الأفلاك مختلفة الأقطاب مما تختلف نقلة الكوكب المركوز فى كل واحد منها وقد يقدمنا فأعلمنا بكيفية نقلة الفلك المكوكب وأن قطبيه يدوران على دائرتين موازيتين لمعدل النهار وأن الدائرة الوسطى منه هى التى نسميها نطاق البروج إذ ليس هناك فلك موجود دونه غير مكوكب فسمى بهذا الإسم ومعلوم أن جميع الأفلاك التى دون الأول متحركة بحركة الأعلى محمولة له إلا أنه كما قلنا بتقصيره وهو محمول فى الحركة اليومية وشافع لها بحركته على قطبيه لأن الحركة الأخرى التى تحرك فيها هى على قطبى الأعلى فلذلك ما يختلف انتقالاته والمشاهد من اختلاف نقل كوكب زحل ثلثة أنواع من الاختلاف أحدهما تباعده إلى الشمال والجنوب عن معدل النهار كتباعد الشمس عنها فى الدائرة التى ترسمها فى الحول الثانى خروجه عن نطاق البروج شمالا وجنوبا وعودته إليه من غير أن يبعد عنه البعد كله والثالث اختلاف ونقلته على توالى البروج وهى التى قلنا إنها تكون بتقصيره الآخر عن حركة الأعلى فإنه قد يرى سريع السير تارة وبطيئا تارة أخرى ومتوسط السير تارة ولازما لموضع مرة وراجعا مقهقرا تارة وأسباب هذه الاختلافات هو ما قلناه من اختلاف الأقطاب والحركات عليها وتقصير بعض الأفلاك فى الحركة عن بعض ولنمثل لذلك مثالا ليسهل تصور ما ذكرناه فنجعل نطاق البروج ا ب ج د ومعدل النهار دائرة ا ه ج ذ وقطبها الشمال ع ودائرة ممر قطب فلك الكواكب الثابته ح ط حول قطب ع وليعرض الكوكب على الدائرة الوسطى من فلكه وفى موضع من نطاق البروج وليكن على موضع التقاطع الذى عليه ا ولأنه على نقطة التقاطع للدائرتين سيكون قطب فلكه إذا على دائرة ح ط ضرورة ويكون الكوكب على ربع دائرة من قطبه فكأنه على نقطة ك ولما كان غاية خروج كوكب زحل عن دائرة البروج ثلثة أجزاء فإن نقطة ك تكون من قطب دائرة ممره على ثلثة أجزاء من دائرة ج ط فكأنها قوس ك ط فتكون دائرة ممر قطب فلك زحل ك ل حسب ما تبين فلأن هذا الفلك إذا تحرك بحركة الأعلى وهو مقصر عنه وشافع بحركته يستتبعه بها فيجعل تقصيره عن الأعلى أجمع قوس ا ب ولأن فلك الكوكب يتحرك تابعا لحركة الأعلى نحو حركته وهى له على قطبيه وهما ثابتان له فيبقى قطب ك على تقصيره إذ كان ساكنا لها مع أنه يتحرك بحركة الأعلى على قطب ع فيكون حركة الكوكب بحركة فلكه المختص به قوس ب ذ ويبقى الكوكب مقصرا تقصير فلكه قوس ا ب وهو التقصير وبالضرورة يقصر قطب ك بتقصيره فى دائرة ك ل قوسا شبهه بقوس ا ف إذا كان القطب لم يتحرك تلك الحركة أانها كانت عليه ولتكن تلك القوس ك م ولأن نقطة ك كانت على ربع دائرة م ا وانتقلت ك إلى م فلثبت على ربع دائرة م ن لأن م خارج عن مدار قطب دائرة ا ب ج د فبالضرورة سيخرج الكوكب عن نطاق البروج إلى جهة الجنوب بقدر خروج نقطة م عن دائرة ح ط فيكون الكوكب على نقطة ص فيخرج إلى الجنوب قوس ب ص وهذا هو الاختلاف الذى يكون لخروجه عن نطاق البروج فإنه ما دام القطب ينتقل فى دائرة ك ل من نقطة ك إلى نقطة س التى هى الربع منها فإنه يكون خارجا عن نطاق البروج حتى يستوفى بالخروج الثلثة الأجزاء ومن نقطة س يعود راجعا إلى نطاق البروج فإذا انتهى قطب ك إلى ل عاد الكوكب على نطاق البروج وفى تنقله فى النصف الثانى من الدائرة أعنى نصف ل ك يعود الكوكب شماليا عن نطاق البروج حتى يستوفى الثلثة أجزاء عند الربع ثم يرجع برجوع القطب فيعود الكوكب إلى نطاق البروج بعودة القطب إلى دائرة ح ط فقد ظهر حقيقة ذلك الاختلاف المنسوب عندهم إلى الفلك المائل وأما الاختلاف الآخر وهو الذى بالإضافة إلى معدل النهار وبقياس الدائرة التى ترسمها الشمس وهو الذى يكون فيه الكوكب في النهايتين من نطاق البروج البعدين من معدل النهار فإنه يكون لنقلة قطب ط الذى يدور حوله قطب ك على ما تبين وذلك أن الكوكب إذا قصر تقصيره الآخر الذى هو قوس ا ن فإن قطب ط قد قصرها أيضا فى دائرة ح ط وبالضرورة يقهقر قطب ه مقصرا بمقدار أجزاء ا ن وتدور نقطة ط فى دائرة ح ط حتى يستوفى جميعها باستيفاء الكوكب دائرة ا ب ج د بنقلة التقصير لأن الكوكب والقطب أعنى نقطة ط مقصران جميعا بالسواء عن حركة الكل على قطب ع وبالضرورة يحصل الكوكب على النهايتين الشمالية والجنوبية وعلى موضعى تقاطع الدائرتين عن كمال الدورة فهذا هو الاختلاف الثانى المنسوب إلى حركة مركز فلك التدوير على الخارج المركز وميل الخارج المركز على دائرة البروج وكون سطح فلك التدوير فى دائرة البروج وذلك ما قصدنا وتسامح بطلميوس فى أن جعلها كلها فى سطح واحد فى البراهىن وذكر أنه لا يدخل فيها فى المسيرات التى فى الطول ولا يلحقها كثير اختلاف إذا وضعها فى سطح واحد وأما تبين الاختلاف الثالث وهو اختلاف مسير الكوكب فى الطول بالزيادة والنقصان والتوسط والوقوف والقهقرة فيكون على ما سيأتى بيانه وذلك لأن قطب فلك زحل أعنى نقطة ك لما كانت نقلته على دائرة ك ل متساوية لحركة الفلك مختصة به وتقصير الكوكب هو مساو ولنقلة قطب ط على دائرة ح ط فإن المشاهد من نقلة الكوكب بالتقصير على الحقيقة هى الأجزاء المائلة من دائرة البروج مما يقطعه قطب ط وهذه هى المسماة بحركة الكوكب الوسطى وحركة الفلك على قطبيه هى أيضا مماثلة لما تقطعه قطب ك من دائرة ك ل وهى المسماة بحركة الاختلاف وهى غير مشاهدة إلا أن لها عوارض مانعة لها يستدل بها عليها ولما قسمت أجزاء الأدوار التى للاختلاف وهى سبع وخمسون دورة على عدد أيام السنين الشمسية واليوم والنصف والربع الزائد عليها خروج ما تقطعه القطب بتقصيره من الأجزاء فى دائرة ممره وهى المائلة الأجزاء التى يتحركها الكوكب بحركة فلكه على قطبيه وذلك ستة وخمسون دقيقة وإثنان وثلثون ثانية فى اليوم الواحد ولذلك قسموا الدورتين اللتين يقطعهما الكوكب من دائرة البروج والجزء و ثلثى الجزء وثلثى جزء الجزء على أيام السنين الشمسية أيضا واليوم ونصف و ربع فخرج من ذلك نقلة الكوكب لليوم الواحد على دائرة البروج وذلك دقيقتان وست وثلثون ثانية بالتقريب وهى الحركة الوسطى فى الطول عندهم وهى المماثلة لما يقطعه قطب ط من دائرة ح ط فى اليوم الواحد فإذا جعلنا ممر ح ط وممر ك ل على حاليهما ودار الكوكب بقصيره فى دائرة ا ب ج د ودار قطب ط بتقصيره فى دائرة ح ط ودار أيضا قطب ك فى دائرة ك ل فسيقطع قطب ك دائرة ك ل بأسرها وتعود نقطة ك إلى دائرة ح ط وتكون نقطة ط على بعد من موضعها الأول بقوس شبيهه بالقوس التى قطعها الكوكب من ا ب ج د وهى جزء من ثمانية وعشرين جزءا ونصف من دائرة ا ب ج د ولما كان الكوكب بمسيرة أولا من نقطة ا بعده أبدا من قطب ك ربع دائرة وكانت نقطة ك تنقل فى دائرة ك ل إلى ناحية س وتنتقل نقطة ط فى دائرة ح ط إلى تلك الناحية بعينها بجمع النقلتان جميعا فى ناحية واحدة فتسرع لذلك نقلة الكوكب بائتلاف النقلتين اللتين هما موجبتان نقلة الكوكب وهما مقهقرتان إلى خلاف حركة الكل إذ الكوكب تابع لقطب ك ولقطب ط جميعا وإذا كانت نقلتاهما إلى جهة واحدة انتقل الكوكب بانتقالهما جميعا ولأن البعد الذى بين قطب ح الذى هو قطب الكل وبين قطب ط الذى هو قطب دائرة ممر فلك الكوكب على نسبة ما و عظم دائرة الممر لقطب فلك الكوكب أيضا على نسبة وهى النسبة التى الفاها بطلميوس بين الخط الخارج من مركز فلك التدوير المار بالبعد الأقرب ومركز فلك البروج أعنى أن يكون نسبه نصف قطر فلك التدوير إلى الخط الخارج من نقطة القرب الأقرب إلى مركز فلك التدوير أعظم أبدا من نسبة حركة الكوكب الوسطى فى الطول إلى حركته على فلك التدوير التى هى حركة الاختلاف فإن بطلميوس قال فى النوع الأول من المقالة الثالثة عشر فيما يحتاج إلى تقديمه لتقدم الكواكب الخمسة مثل هذا نصه قال بطلميوس وقد تقدم فبين فى هذا الفن من العلم جماعة من أصحاب التعاليم وأبلونيوس الذى من أهل فرغانس على أن الاختلاف فى واحد وهو الذى يكون من قبل الشمس أنه إن كان ذلك يكون بالأصل الذى يعمل فيه على فلك التدوير فإن قلت التدوير يكون مسيره فى الطول على توالى البروج على دائرة مواقف مركزها لمركز فلك البروج يكون مسيرة فى الاختلاف إذا كان فى قوس البعد الأبعد على توالى البروج وإذا كان فى قوس البعد الأقرب فإلى خلاف توالى البروج على فلك يدور على مركزه فإن أجيز خط ما مستقيم من أبصارنا يقطع فلك التدوير ويكون نسبة نصف القسم الذى يتجاز فيه أعنى فلك التدوير من الخظ الذى من أبصارنا ومن الخط من فلك التدوير الذى على القطعه التى فيها البعد الأقرب كنسبة سرعة فلك التدوير إلى سرعة الكوكب كانت النقطة التى تحدث من الخط الذى بهذه الصفة فى قوس البعد الأقرب من فلك التدوير يحد بين ما يكون للكوكب من التأخر وبين ما يكون له من التقدم حتى أن الكوكب إذا صار على تلك النقطة رأيناه واقفا فهذا ما أتى به فى هذا الموضع وأما ما أتى بعد هذا مما يلزم من ذلك الأصل الذى عمل فيه على فلك خارج المركز فلا يصح ذلك لأنه لم يمكنه ذلك بغير فلك تدوير فى الكواكب الخمسة التى يوجد لها ذلك المعنى فقوله يكون نسبة نصف القسم الذى يتجاز فى فلك التدوير إلى الخط الذى بين أبصارنا وبين الخط من فلك التدوير الذى على القطعه التى فيها البعد الأقرب كنسبة سرعة فلك التدوير إلى سرعة الكوكب وهذه النسبة تختلف بها أقدار فلك التدوير اختلافا كبيرا فى العظم والصغر فيكون فلك التدوير فى فلك المريخ وفلك الزهرة عظيمين جدا وفى الباقية على خلاف ذلك ونحن نأخذ تلك النسبة بعينها فى القسى وهو أن يكون نسبة القوس التى بين قطب دائرة الممر وبين محيطها إلى القوس التى من هذه الدائرة إلى قطب الكل أعظم من نسبة نقلة قطب دائرة الممر لفلك الكوكب إلى نقلة قطب الفلك على دائرة الممر وبهذا يتهىأ الرجوع للكوكب على أنه فى الأفلاك الثلاثة أعنى زحل والمشترى وعطارد بين ظاهر لسرعة نقلة أقطابها على دائرة الممر ولبطؤ نقلة أقطاب دوائر ممر أقطابها وأما فى المريخ والزهرة فهو خفى لأخذ زيادة نقلة أقطاب دوائر الممر على نقلة أقطاب أفلاكها على تلك الدوائر ولذلك كان رجوع هذين الكوكبين يسير وسيتضح هذا المعنى فى نقلة كوكب المريخ إن شاء الله تعالى وينبغى أن نعود إلى حيث كنا ما يظهر من سرعة نقلة هذه الكواكب وتوسطها وبطؤها ونقول إن نقلة الكواكب إذا كان على نقطة ا وكان القطب من دائرة الممر على ك وكانت نقليا قطب ك وقطب ط إلى جهة واحدة خلاف نقلة الكل كانت نقلة الكوكب من حال توسط إلى حال عظم حتى ينتهى قطب ك إلى س وتبلغ النقلة منتهاها فى العظم ثم من هناك يكون نقلة الكوكب من حال عظم إلى حال وسط إلى أن تنتهى قطب ك إلى التقاطع عند ل والكوكب حينئذ متوسط النقلة ثم من ل يكون الكوكب من حال توسط فى الحركة إلى حال صغر لأن قطب ك يخالف بنقلته حينئذ نقلة قطب ط فيكون نقلة قطب ك إلى جهة حركة الكل ونقلة قطب ط على حالها إلى خلافها فما دام قطب ك من نقطة تقاطع الدائرتين يظهر للكواكب بطؤ حتى تضمحل نقلة الكواكب ويظهر له وقوف ثم تزيد نقلة قطب ك على نقله قطب ط كتفاوت ما بين النقلتين فيعود نقلة الكوكب إلى خلاف نقلته أولا ولا يزال راجعا ومقهقرا إلى أن يقارب قطب ك بمسيره موضعا قريبا من التقاطع كما كان أولا بعده منه كبعده من التقاطع الثانى حيث كان للكوكب بطؤ فى دائرة ا ب ج د فيظهر للكوكب فى هذه الدائرة بطؤ فى الرجوع إلى ان يضمحل الرجوع ويقف الكوكب ثم من بعد ذلك يستقيم ويكون من صغر مسير إلى توسط فإذا حصل على نقطة ك على التقاطع من دائرتى ح ط و ك ل يكون نقلة الكوكب متوسطة ويكون قدر ما قطعه الكوكب من ا في دائرة ا ب ج د تقدر ما قطعه قطب ط فى دائرة ح ط فيستتم قطب ك دوره ويقطع الكوكب من دائرة ا ب ج د الجزء من من ثمانية و عشرين جزؤا ونصف جزء كما ذكرنا ويعود الكوكب إلى دائرة ا ب ج د بعد أن كان خارجا عنها وقد فارقها فى هذه المدة مرة إلى الجنوب ومرة إلى الشمال وكان فيها سريع السير ومتوسطة وبطيه وواقفا ومقهقراحسبما أوضحناه وهذا هو الاختلاف للكوكب على فلك التدوير مع حركة مركز فلك التدوير على الخارج المركز وذلك ما قصدنا بيانه فأما ما ذكره بطلميوس من اختلاف أزمان الرجوع للكوكب إذا كان فى بعده الأبعد وإذا كان فى بعده الأقرب فإنما يتم ذلك بأن يكون قطب دائرة ح ط أعنى قطب دائرة ممر قطب دائرة الكوكب خارجا عن قطب ع الذى هو قطب الكل فتركنا الكلام عليه على هذا النحو لطول الشعب وعرضنا انما هو التقريب والتنبيه على كيفية هذه النقلة فقط وزقد دللنا على هذا المعنى فى نقله فلك الشمس ثم الموضع الذى يأتى ذكرها فيه عند ما اضطررنا إلى ذكره وكذلك الحال فى سائر الكواكب على أن بطلميوس وقع له وهم فى هذا الاختلاف أعنى اختلاف الأزمان الذى للرجوع وقد نبه عليه أبو محمد جابر بن أفلح فى كتابه عندما استخرج موضع الوقوف للكوكب من فلك التدوير ويظهر مما قلناه ظهورا بينا أن تقصير هذا الفلك عن حركة الأعلى وهو مجموع ما تحركه على قطبيه من حركته المختصة به التى هى ست وخمسون دقيقة وإثنتان وثلثون ثانية بالتقريب فى اليوم مضافا إلى تقصيره أخيرا الذى هو دقيقتان وست وثلثون ثانية بالتقريب فى اليوم فذلك تسع وخمسون دقيقة وثمانى ثوانى هو مساو لتقصير الشمس الأخير فى اليوم وهو المسمى بحركة الشمس الوسطى فتقصير هذا الفلك الأول عن الفلك الأعلى هو دورة واحدة فى السنة الشمسية وقد أعلمنا قبيل هذا أن هذا الفلك وسائر ما تحته من الأفلاك تتبع الفلك المكوكب فى حركته لكن لنزارة تلك الحركة وقلتها وامتزاجها بحركات هذه الأفلاك خفى أمرها ولم يقدر على تمييزها من حركاتها ولأنها أيضا بما قيل لا تكمل الدورة وانما هى إقبال وإدبار أن أمكن ذلك خفى معناها ولم يعمل عليها فى القديم وقد يظهر نسبها لدائرة البروج اختلاف وضع قليل عهلى دائرة معدل النهار حينما ظهر ذلك للراصدين ويبين أن كوكب زحل تقصر فى الفلك عن نقلة الأعلى دورة واحدة فى تسع وعشرين سنة شمسية وستة أشهر و قريب من يوم واحد بالتقريب وهى النقلة الظاهرة وليست فى الحقيقة له بحركة على ما بينا وذلك ما قصدنا بيانه
القول فى نقلة الكوكب التالى له من الثلثة العلوية وهو المشترى
وإذ قد فرغنا من القول فى كيفيه كوكب زحل بحركة فلكه فلنقل الآن فى نقلة كوكب المكشترى واختلافها على النسق الذى شرطناه فنقول إن أنتقال هذه الأفلاك الأربعة أعنى أفلاك زحل والمشتري والمريخ والزهرة على سرد واحد ونوع متشابه وانما يختلف بالكمية لا بالكيفية وذلك ان ما دونه القدماء الأولون من نقلة هذا الكوكب بحسب ما وجدوه بأرصادهم هو نقلتان إحداهما يسمونها حركة الطول وهى النقلة نحو توالى البروج والنقلة الأخرى فى العرض وهى كون الكوكب تارة فى الشمال عن معدل النهار وتارة فى الجنوب عن معدل النهار وليست هاتان النقلتان بملازمتين لنطاق البروج أعنى الدائرة التى ترسمها الشمس بنقلها بل قد يكون عليها ويخرج عنها إلى الجهتين كلتيهما فى الجزء الواحد من دائرة الميل لها فبذلك استدللنا على أن قطبى هذا الفلك موضوعان خلاف موضع قطبى فلك الشمس فقد يقدمنا فأعلمنا بهذا قبل الا أن لهذا الفلك أيضا حركة على قطبيه تخصه وتميز بها عن سواه وهى نحو حركة الكل يتبع بها حركة الأعلى طلبا للكمال وهى أبطأ من حركة فلك زحل لانكسار القوة الوارة عليه بسبب بعده عن المحرك وتقصر الكوكب به فيه قد يكون بحسب بطؤه ويأخره عن اللحاق وهو أكثر من تقصير كوكب زحل ولذلك رتب دونه ولكن وجدنا مجموع حركته على قطبيه مهما قصر به الكوكب أعنى النقلة المرتبة التى هى الحركة الوسطى له مثل مجموع حركة فلك زحل مع تقصيره سوا ولذلك يكون تقصير أقطابها عن قطب الأعلى تقصيرا واحدا فإن الذى ألفى بالرصد ودون من حركة الاختلاف لهذا الكو كب وهى التى نبهنا عليها بأنها حركة هذا الفلك على قطبيه مشابعا لحركة الكل وتابعا للأعلى خمسة وستون دورة فى إحدى وسبعين سنة شمسية والذى أثبت له من حركة الطول وهى التى وجدناه تقصر بها عن الأعلى اخيرا وهى النقلة المرتبة التى هىي إلى خلاف حركة الكل ست دورات فى هذه السنين الشمسية بعينها فإذا نحن جمعنا أدوار هذا الفلك على قطبيه وهى الخاصة به مع أدوار تقصير الكوكب المسماة عندهم حركة الطول كان من ذلك عدد أدوار تقصير هذا الفلك وذلك إحدى وشسبعون دورة وهى أصل التقصير الأول الذى كان قصر به هذا الفلك عن حركة الأعلى وبحركة هذا الفلك على هذين القطبين تقارب اللحاق بالأعلى بخمس وستين دورة وقصر بعد ذلك عن اللحاق ست دورات حسبما أوردنا وتبين من هذا أن تقصير هذا الفلك الأول وتقصير الذى فوقه تقصير واحد وإنما يختلفان بسرعة حركة الأعلى منهما الخاصة به وبطؤ حركة هذا التالى له وبأن تقصير هذا الفلك أعنى التقصير الأخير أكثر من تقصير الذى فوقه ولما قسموا هذه الأدوار التى تحركها هذا الفلك على قطبيه وهى المسماة عديم حركة الاختلاف والأدوار التى قصر بها الكوكب وهى المسماة حركة الطول خرج من القسمة من حركة هذا الفلك على قطبيه للسنة الواحدة من أجزاء الدورة ثلاث مائة وتسعة وعشرون جزءا وخمس وعشرون دقيقة وثانية واحدة وإثنان وخمسون ثالثة وثمان وعشرون رابعة وعشر خوامس وخرج من القسمة لتقصير هذا الكوكب للسنة الواحدة أيضا ثلاثون حزءا وعشرون دقيقة وإثنان وعشرون ثانية وإثنتان وخمسون ثالثة وإثنتان وخمسون رابعة وثمان وخمسون خامسة وخمس وثلثون سادسة وإذا قسم أيضا كل واحد من هذين العددين من الأجزاء على أيام السنة يخرج لليوم الواحد من حركة هذا الكوكب على قطبيه أربع وخمسون دقيقة وتسع ثوانى وثالثتان وستة وأربعون رابعة وستة وعشرون خامسة ومثلها هى الأجزاء التى تحركها إلى توالى البروج قطب هذا الفلك بتقصيره فى دائرة ممره ويخرج من القسمة لليوم الواحد من تقصير هذا الكوكب إلى توالى البروج أربع دقائق وتسع وخمسون ثانية وأربعة عشر ثالثة وستة وعشرون رابعة وستة وأربعون خامسة وإحدى وثلاثون سادسة وهى ما قصر به أيضا قطب دائرة ممر قطب هذا الفلك فى دائرة ممر قطب الفلك المكوكب فإذا أضفنا عدة أجزاء التقصير الأخير فى اليوم إلى عدد الحركة الخاصة لهذا الفلك فى اليوم كان ذلك ما يقصره قطبا هذا الفلك بتقصيرهما فى دائرتى ممرهما وبتقصير قطبيهما إذ قطبا هذا الفلك مقصران أيضا تقصير قطبى دائرتى ممرهما وذلك تسع وخمسون دقيقة وثمان ثوانى وسبع عشرة ثالثة وثلاث عشرة رابعة بالتقريب وهذا العدد مساو لنقلة الشمس الوسطى فى اليوم والمثال لحركة هذا الكوكب فى الاختلاف والتقصير والسرعة والإبطاء واستقامة السير والوقوف والقهقرة شبيهة بما مثلنا لحركة زحل لا فرق بينهما إلا فى اختلاف الاجزاء ولا بأس بأن نقيد المثال لنتصح ما ذكرناه فى نقلة هذا الكوكب أيضا لننزل الصورة على هىئتها المتقدمة ولنجعل الكوكب من الصورة على نقطة ا موضع تقاطع دائرتى معدل النهار ودائرة البروج ولأن خروج كوكب المشترى فى العرض عن دائرة البروج إنما منتهاه جزآن يكون لذلك قدر ما يفصله دائرة ك ل من دائرة ح ط أربعه أجزاء ولما كان الموجود بالرصد من نقلة كوكب المشترى فى الاختلاف وهى حركة فلكه على قطب ك أربعا وخمسين دقيقة وتسع ثوانى بالتقريب فى اليوم فمثل هذه الدقائق تقصر قطب ك فى دائرة ك ل إذ الحركة كانت عليها وهو ثابت فيها وكذلك لما كان ما ألفى من نقلة هذا الكوكب فى الطول على توالى البروج وهو تقصيره الأخير فى اليوم الواحد خمس دقائق تنقص نحوا من ثلثة أرباع ثالثة بالتقريب فبقدر هذه الدقائق تقصر قطب دائرة ك ل إذ هذا الفلك قد قصر بجملته عن اللحاق بالأعلى بعد ما تحركه بنفسه من الحركة المختصة به بعد هذه الدقائق فإذا جمعنا ما تحركه هذا الفلك على قطبيه وذلك دقائق ن د ط إلى ما قصر به عن الأعلى أخيرا وهى نقلة الكوكب فى الطول وذلك دقائق د ن ط ي د كان ذلك التقصير الأول فى اليوم لهذا الفلك وذلك دقائق ن ط ح ي ز بالتقريب وهو مساو لحركة الشمس الوسطى فى الطول فى اليوم وإذا تحرك الأعلى عدة دورات تحرك بحركته هذا الفلك قصر فلك الكوكب عنه بمثل ما يجب بتلك الدورات كأنك قلت أنه قصر مثلا إثنى عشر جزءا وتحرك هذا الفلك على قطبيه حركته المختصة به فى تلك الدورات تابعا لحركة الأعلى من جملة الإثنتى عشر جزءا أحد عشر جزءا ولكون قطب ك ثابتا فيها لم يتحرك فيها شيئا سيقصر فى دائرة ك ل مثل هذه الأجزاء وقصر الكوكب نفسه بذلك بقيه الإثنى عشر جزءا وذلك جزء واحد ومثله يكون تقصير قطب ط فى دائرة ح ط لأنه تحرك بحركة الفلك لنفسه سائر الإحدى عشر جزءا ويكون إنما قصر بالجزء الواحد كمثل تقصير الكوكب فليكن تقصير الفلك الأول قوس ا ب وقد تحرك هذا الفلك لنفسه على قطب ك قوس د ن فالكوكب إذا على نقطة ن من فلك البروج وقصر قطب ك فى دائرة ك ل قوسا شبهه بقوس ر ى لأن قطب ك كما قلنا ثابت بحركة الفلك عليه وقصر الكوكب بعد الأجزاء التى تحرك بها فلكه قوس إن وهى النقلة المشاهدة بالحس إلى توالى البروج وقطب ط أيضا مقصر فى دائرة ح ط إلى توالى البروج بقوس شبيه بقوس ا ن الذى هو تقصير الفلك الأخير فليكن قطب ك قد انتقل إلى جهة توالى البروج من دائرة ممرة أحد عشر جزءا فبالضرورة أن قطب ك إذا خرج عن دائرة قطب فلك البرو ج أعنى فى دائرة ح ط فى ناحية س أن الكوكب يخرج عن دائرة البرو ج إلى الجنوب خروجا دائما إلى أن يكون من قطبه على ربع دائرة إذ لا يصح أن يثبت الكوكب على نطاق البروج وقد خرج قطب فلكه عن دائرة ممر قطبها ولا يزال كوكب المشترى متباعدا عن دائرة البروج حتى ينتهى قطب ك إلى الربع من دائرة ك ل ويكون على نقطة س وحينئذ ينتهى غاية بعده فى الجنوب عن دائرة البروج وتقصير الكوكب ما دام قطبيه فى هذا الربع متزيد لأن نقلة قطب ك وهذا الربع والذى يليه إلى جهة توالى البروج وعند س تنتهى غاية تزيده ثم يكون الكوكب إذا كان قطب فلكه فى ربع س ل تزيد إلى تنقص إلى أن ينتهى القطب إلى ل ويعود الكوكب إلى فلك البروج لأن القطب كما قلنا فى هذا النصف من دائرة الممر معنى لتقصير الكوكب لأنها إلى توالى البروج جميعا فإذا انتقل فى الربع الثالث ومن ل فهو من حال توسط فى النقلة إلى غاية التنقص وإلى الاضمحلال فيقف الكوكب لأن الاجزاء التى ينتتقل فيها القطب هى إلى خلاف توالى ولكثرتها وقلة تقصير قطب ط تضمحل فيها دقائق تقصير الكوكب ثم تزيد ظهورا أجزاء النقلة الراجعة وهى نقلة قطب الفلك لكثرتها على أجزاء نقلة الكوكب يتأخره فيرى لذلك الكوكب راجعا إلى جهة ا أعنى إلى خلاف توالى البروج لاتباعه لقطبه المستقل إلى تلك الجهة فإذا توسط هذا النصف فعدد ذلك تنتهى سرعته فى الرجوع ويبدأ النقص للكوكب فى الرجوع حتى يقرب القطب من ك فيظهر للكوكب وقوف ثان ثم يعود إلى نقلته الأولى قليلا قليلا ويستقيم بقصره وتتوسط حركته إذا حل القطب بنقطة ك ولا تزال نقلته ونقلة قطب فلكه فى دائرة الممر على هذه الوثيرة حتى يستوفى القطب خمسا وستين دورة فى دائرة ك ل ويكون للكوكب فى كل دورة منها نقلتان متقابلتان إحداهما إلى توالى البروج والأخرى إلى خلاف تواليها ومع ذلك يقومان ويكمل للكوكب فى دائرة البروج ست دورات وكذلك لقطب ط فى دائرة ح ط ست دورات أيضا وهذه النقل والدورات للقطبين والكوكب فى إحدى وسبعين سنة حسبما ذكرناه أولا وذلك ما قصدنا فيكمل هذا الكوكب بالتقصير عن الأعلى بعد حركته على قطبى فلكه بما يظهر من نقلة الكوكب دورة واحدة فى نحو من إحدى عشرة سنة وعشرة أشهر وخمسة عشرة يوما فيكمل دورة واحدة على قطبيه بالحركة الخاصة به في نحو من سنة واحدة وشهر واحد وأربعة أيام وذلك ما قصدنا التنبيه عليه من حركات الفلك والكوكب
القول فى نقلة الكوكب الثالث من العلوية وهو المريخ
ولنقل بعد بحسب الترتيب الذى توجبه سرعة الحركة وبطؤها فى حركة الفلك المسمى بفلك المريخ فنقول إن الذى ألفى بالارصاد ودونه القدماء من نقله هذا الفلك نقلتان إحداهما التى يسمونها حركة الطول وهى التى إلى خلاف حركة الكل ونحو توالى البروج والأخرى حركة الاختلاف وهى التى يرى للكوكب بها انتقال إلى جهة الشمال إلى جهة الجنوب عن معدل النهار سوى أن ميل هذا الكوكب المرئى يظهر أنه ليس ميلا واحدا إلى جهتين عن دائرة البروح كلتيهما لكن يرى ميله إلى الشمال عنه دون ميله عنه إلى جهة الجنوب بنحو من ثلثة أجزاء والدائرة التى يرسمكها بهذا الكوكب بنقلته هى مائلة أيضا على فلك البروج لأن قطبى هذا الفلك كما أنبأنا مخالفا الوضع لقطبى الأفلاك الآخر ويمكن أن يكون وضع هذا الكوكب من فلكه ليس على الوسط بل إلى الجنوب عن الوسط قليلا ونقلة هذا الفلك على نحو نقلة الفلكين اللذين فوقه أعنى فى الحركة على قطبيه نحو حركة الكل والاتباع للأعلى لكنها دون حركة ذينك الفلكين فى السرعة وهو أبعد عهن اللحاق بالأعلى منهما وتقصير فلكه وكوكبه عن اللحاق لذلك أكثر وأما التقصير الأول لهذا الفلك فإنه مساو لتقصير اللذين فوقه لكن قوته على الحركة إلى اللحاق دون قوة اللذين فوقه لانكسار القوة تبعدها عن المحرك فلذلك يكون التقصير الأخير لهذا الفلك والكوكب أعنى نقلته إلى خلاف حركة الكل أكثر من تقصير اللذين فوقه وذلك أن حركة التى يسمونها حركة الاختلاف وهى حركة هذا الفلك على قطبيه نحو حركة الكل تستكمل سبعا وثلاثين دورة فى تسع وسبعين سنة شمسية و ثلاثة أيام وسدس يوم وجزء من خمسة عشر جزءا من يوم ويستكمل الكوكب بتقصيره عن الحركة الكلية وهى التى تسمى حركة الطول له إثنتين وأربعين دورة وثلثة أجزاء وسدس فى السنين المذكورة وإذا جمع ما يتحرك الفلك على قطبيه للتشبه بالأعلى مع ما قصر به الكوكب وهو التقصير الأخير كان ذلك جملة الدورات للنقلتين المختلفتين كلتيهما وذلك تسع وسبعون دورة وثلثة أجزاء وسدس جزء وهو نحو من دورة واحدة لكل سنة شمسية وهذا هو التقصير الأول لهذ الفلك عن الأعلى المحرك له الحركة اليومية إلى تقصر بها قطباها فى دائرتى يمرها وهذا الفلك يتحرك من جملة هذه الدورة التى قصر بها فى السنة تابعا للأعلى على حركة تخصه على قطبيه وهما كالثابتين فى مدة السنة الواحدة من أجزاء دائرة ميله نحو حركة الكل مائة وثمانية وستين جزءا وثمانى وعشرين دقيقة وثلاثين ثانية وسبع عشرة ثالثة وإثنتين وأربعين رابعة وإثنين وثلاثين خامسة وخمسين سادسة ويقصر بعد ذلك عن اللحاق بالأعلى بقية أجزاء الدائرة وذلك مائة وتسعون جزءا وست عشرة دقيقة وأربع وخمسون ثانية وسبع وعشرون ثالثة وثمان وثلثون رابعة وخمس وثلاثون خامسة وخمس عشرة سادسة وهذا هو الذى يظهر للرؤية أنه نقلة لهذا الكوكب إلى خلاف حركة الكل ونحو توالى البروج ولذلك سموها حركة الطول وفى الحقيقة أنها ليست بحركة وإنما هى تقصير عن الحركة التى هى أسرع منها وهى الحركة الكلية فحركة هذا الفلك إذا على قطبيه الخاصة به أبطأ من حركة الذى فوقه وتقصيره أكثر من تقصيره وجميع ما يعرض لهذا الكوكب من الاختلاف فى الحركة التى فى الطول وفى حركة العرض من السرعة والابطاء والتقهقر والوقوف والاستقامة شبيه بالذى يعرض للذى فوقه لا فرق بينهما فى الكيفية الا أن تصور الرجوع فى هذا الكوكب وكوكب الزهرة يصعب إذا كان ما يقصر به قطبا هذين الفلكين فى دائرتى ممرهما وهو الموجب للرجوع أقل مما يقصر به قطبا دائرتى ممر قطب الكوكب فى دائرتيهما ولولا أنه مشاهد بالحس لرفعناه يتأدى النظر لكن لما كان بطلميوس حسبما قلنا فيما تقدم إنما أخذ هذه النسبة لهذا الرجوع فى الكواكب الخمسةمن عظم فلك التدوير ونسبة قرب محيطه من مركز فلك البروج وبعده منه فإنا نحذو أحذؤه إذ كان قطب الكل عندنا مقام مركز فلك البروج عنده ودائرة ممر قطب الفلك عندنا مقام مركز فلك التدوير عنده تلك النسبة التى أخذها فى الخطوط نأخذها نحن فى القسى وذلك ممكن أعنى أن يكون نسبة القوس من الدائرة العظمى التى بين قطب دائرة ممر قطب فلك البروج وبين محيط الدائرة إلى القوس التى بين محيط هذه الدائرة وقطب الكل أعظم من نسبة سرعة قطب دائرة الممر إلى سرعة قطب الفلك على دائرة ممره ونحن نبين كيف يتفق أن يكون لهذا الكوكب رجوع وإن كان تقصير قطبى فلكه دون تقصير قطبى الدائرتين اللتين ممر قطبى الفلك حولهما بأن نجعل دائرة ممر قطب فلك البروج دائرة ك ل حول قطب ط ودائرة ممر قطب فلك الكوكب ه ر ح حول قطب ك وليكن قوس ك ز ط من دائرة عظيمة تمر بقطبى دائرتى ك ل و ه ر ح وقد قلنا إنا نضع فى هذا الكوكب الخمسة نسبة القوس التى من قطب دائرة الممر أعنى نقطة ك و س محيط الدائرة أعنى نقطة ز إلى القوسى التى بين محيط هذه الدائرة وقطب ط أعنى قوس ز ط أعظم من نسبة نقله قطب دائرة ممر قطب فلك الكوكب أعنى نقله قطب ك إلى نقله هذا الفلك على دائرة ه ز ح ولما كانت نسبة ك ز إلى ز ط أعظم من نسبة نقله قطب ك إلى نقله قطب هذا الفلك فممكن أن يستخرج من قطب ط قوسا يقطع دائرة ه ز ح وينتهى منها إلى محيط دائرة ك ل ويكون نسبة ما يكون داخل دائرة ه ز ح أعنى الذى ينتهى إلى محيط دائرة ك ل إلى ما يقع خارجا منها وينتهى إلى نقطة ط كنسبة نقلة نقطة ك إلى نقطة قطب هذا الفلك فى دائرة ه ز ح ولتكن هذه القوس المستخرجة ط س ف وليقطع قوسا من قوس ف ك تكون مساوية لنقلة قطب ك وهى قوس ص ف ونمر عليها وعلى قطب ط قوسا من دائرة عظمة وهى قوس ط ت ص فلأن نسبة قوس ف س إلى س ط مثل نسبة نقلة قطب ك أعنى قوس ف ص إلى نقلة قطب هذا الفلك وكانت نسبة ت ص إلى ت ط أعظم من نسبة س ف إلى س ط لأن ف ص أعظم من س ف و س ط أعظم من ت ط فنسبة ف ص إلى ت ط أعظم من نسبة نقلة قطب ك التى هى قوس ص ف إلى نقلة قطب هذا الفلك على دائرة ه ر ح فإذا قلبنا النسبة صارت نسبة ت ط إلى ف ص أصغر من نسبة نقله قطب الفلك إلى نقله قطب ك التى هى قوس ف ص فنسبة نقله قطب فلك الكوكب إلى نقله قطب الفلك أعظم من نسبة قوس ت ط إلى ت ص فلتكن نسبة ت ط إلى ت ص كنسبة نقلة قطب الفلك إلى قوس ف ح وقوس ف ح إذا قوس رجوع بمقدار قوس ص ع وإنما كان كذلك لعظم دائرة ه ز ح وقرب محيطها من قطب ط وذلك ما قصدنا بيانه وأما اختلاف أزمان الرجوع لهذا الكوكب الذى ذكره بطلميوس ونسبه إلى كون الكوكب فى بعده الأبعد وكونه فى قربه الأقرب أو فى أحد المجازين الأوسطين فإنما يكون ذلك لخروج قطب دائرة ممر قطب هذا فلك هذا الكوكب عن قطب فلك البروج حسبما نبهنا عليه على أنه وقع لبطلميوس فى اختلاف أزمان الوقوف لهذا الكوكب وهم وقد تنبه له أبو محمد جابر بن أفلح وأصلحه حسبما توقف عليه من كتابة وأما كون ميل هذا الكوكب فى النهاية الجنوبية عن فلك البروج أكثر من ميله فى النهاية الشمالية فإنما يكون ذلك بأن يكون ميل هذا الكوكب من فلكه عن نطاقه إلى جهة الجنوب أكثر ميلا منه إلى الشمال الذى ذكرناه أولا وإنما الخلاف بين هذا وبين الذى فوقه من كمية الحركة والتقصير حسبما قلنا قبل و بنحو المثال الذى مثلنا به نقلة ذلك الكوكب والكوكب الذى فوقه يكون المثال لهذا الفلك فوقع الاستغناء عن إعادة المثال فإذا قسمت أجزاء تقصير الكوكب فى السنة على عدد أيامها خرج ما يقصر فى اليوم وذلك دقائق لا كو لو نح نا لح وإذا قسم عدد أجزاء حركة هذا الفلك الخاصة به التى لسنة واحدة على عدد أيامها خرج ما يتحركه الفلك فى اليوم الواحد وذلك دقائق كز ما نى يط ك نح فإذا اجتمع هذان العددان أعنى ما تحرك الفلك وما قصر به بعد حركته فى اليوم كان ذلك جملة التقصير الأول وذلك دقائق نط ح يز يج يب لا وهو تقصير هذا الفلك أول مرة ومثله أيضا نقلة الشمس الوسطى فى اليوم الواحد على مثل ما كان فى الفلكين قبله فيكمل هذا الفلك الدورة بحركته الخاصة به فى سنتين إثنتين وشهر واحدة وعشرين يوما بالتقريب ويكمل الكوكب بتقصيره دورة واحدة فى سنة واحدة وعشرة أشهر وأحد وعشرين يوما بالتقريب وهذا هو جملة ما نقوله من نقله هذا الفلك ونقلة الكوكب الذى فيه والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب القول على الأفلاك الاربعة الباقية أما الأفلاك الأربعة الباقية فقد وقع الاختلاف بين من تقادم عهده فى ترتيبها فأما العلماء الأقدمون كهرمس والبابليين وأهل الهند وغيرهم فإنهم وضعوا فلك الشمس وسطى بين الأفلاك السبعة ووضعوا فلكى الزهرة وعطارد بين فلك الشمس وفلك القمر وجعلوا فلك الزهرة تحت فلك الشمس وعطارد فوق القمر ولم يأت أحد منهم لهذا الترتيب بعلة توجبه وكأنه كان أمرا مشهورا فى زمانهم ثم أن بعض من أتى بعد هاؤلاء لم تقنعوا بقبول ذلك من غير علة ووجدوا كوكبى الزهرة وعطارد لا يستران الشمس فى حال من الأحوال كما يفعله القمر فجعلوا ذلك علة لكونهما فوق الشمس ورتبوا فلك الشمس تحتهما وفوق القمر ثم أن بطلميوس أتى بعد هاولاء وأنكر مخالفة الأولين من اهل هذا العلم ورد قولهم الذى اعتلوا به بأن قال إنهما قد يكونان تحت الشمس ولا يستر أنها بان يكونا لا يمران بالسطوح المارة بأبصارنا وبالشمس وهذا الرد غير مقبول لأن هذين الكوكبين يمران ضرورة بالخطوط المارة بأبصارنا وبالشمس على ما تعطيه أصوله التى وضعها وقد أتى ابو محمد جابر بن أفلح بالبرهان على ذلك عند رده ترتيب بطلميوس وقال بطلميوس فى هذا الموضع إن الرجوع إلى رأى الأولين لكون الشمس وسطى أسبق بالأمر الطبيعى ولم يأت بالعلة فى أنه أشبه بالأمر الطبيعى ويدل ذلك على أنه لم يكن طبيعيا وإنما كان تعاليميا فأما العلة الحقيقية فى ترتيب سائرها الترتيب الطبيعى فهو ما أتينا به من أنه حيث تكون الحركة أسرع وأقرب من حركة الأعلى فهناك القوة أشد والمحرك أقرب وما قرب من اتلمحرك فقوته أيضا أشد وحركته أسرع وما بعد عن المحرك كانه أضعف قوة وأبطأ حركة وقد بينا أن حركة الفلك الأعلى المحرك الحركة اليومية هى أسرع الحركات وقوته أشد من قوة ما تحته والذى يليه دونه فى سرعة الحركة وله قوة على اللحاق به فحركته تابعة له والذى يلى هذا يقارب اللحاق بما فوقه بحركته الخاصة به وكذلك ترتيب المتحركات وبعد هذا على هذا المنهاج وقد ألفينا تقصير فلك الشمس يفوق تقصير فلك المريخ وهو دون تقصير فلك عطارد وفلك القمر اللذين تحته وأما الزهرة فقد يظهر من أمره أنه فوق فلك الشمس وفيما بينه وبين فلك المريخ وإن كان القدماء وضعوه فوق فلك الشمس وذلك أنا ألفينا تقصيره الأول دون تقصير فلك الشمس وفوق تقصير فلك المريخ فيجب على ما أصلناه أن يكون بيمهما وأيضا فإن انتقال الأفلاك الأربعة أعنى زحل والمشترى والمريخ والزهرة على ترتيب واحد ونظام متفق فأما الثلثة فعلى نظام غيره حسبما تبين من كلام بطلميوس نفسه فلذلك رأينا أن يتبع النظام الطبيعى وأن خالفنا العلماء الأقدمين ومن أتى بعدهم في ذلك و لنقدم لهذه العلة فلك الزهرة على الثلثة البواقى وننزله حيث أنزله قرب لحاقه بحركته لحركة الأعلى إذ لم نجد لترتيبهم ذلك الترتيب علة فيعتمد عليها فأما ما اعتل به اللذين ردوا رأى الأوليين من أنهم لم يروا كوكبى الزهرة وعطارد يستران الشمس فى حال من الأحوال كما يسترها القمر فى الكسوفات الشمسية فهى لعمرى علة صحيحة لو كان ذانك الكوكبان يستنيران من غيرهما كما يستنير القمر من الشمس فأما إذا كانا ينيران بأنفسهما فإن ما ستراه من الشمس لا يكون غير بين نير لأن نورهما يخلفان ما تستره والدليل على أنهما لا يستنيران من الشمس ولا يقبلان الاستضاءة من غيرهما ما نشاهده من استضاءتهما دائما فى قربهما من الشمس وبعدهما على حال واحدة وإن كانت استضاءتهما من الشمس كالقمر لقد كان كوكب عطارد لا يرى ابدا إلا هلاليا لأنه لا يبعد عن الشمس كبير بعد وكذلك الزهرة فى أكثر أحوالها وإن قال قائل إن البعد الذى بينهما فى العلو يجعل صفحة الكوكب التى تلينا مضيه أبدا فأنه يبقى ولا بد من صفحته البعض غير نير فيرى مستطيلا غير مستدير وأيضا فلو كانت الشمس تحتهما وهما يقبلان الاستضاءة منها لكان يكون الأعلى يقبل الاستضاءة من الأدنى وينفعل الأعلى عن الأدنى انفعالا يكون به الجهل وهذا شنيع بعيد عن المعنى الذى عليه وجود الأمر فإذا لا يستران ضوء الشمس وإن كانا تحتها وبيننا وبينها بل إما أن ينفد شعاعها فيهما لشفوفهما وإما أن يحلف ضوءهما ما ستراه منها وإذا كان الأمر على هذا فليس ما اعتلوا به صحيحا ولا يجب الرجوع عن وضع وضعه المتقدمين دون علة صحيحة وكذلك أبو محمد جابر بن أفلح سببا لكون الشمس والقمر فى جهة والكواكب الأخرى فى جهة من انارتهما واستضاءتهما ليس بعلة فلا يجب الرجوع إليه لذلك فإنا نحن فإنا جعلنا الأصل لذلك والسبب سرعة الحركات والقرب من الحركة الأولى وهى علة صحيحة فبدأ لذلك بفلك الزهرة ونقدمه
القول فى حركات فلك الزهرة ونقلة الكوكب عليه
إن فلك الزهرة يظهر من أمره أن بينه وبين فلك الشمس وصلة ما وشركة أكثر مما نجده للثلاثة العلوية وإنما ذلك لأن الشمس تال له وتقصير هذا الكوكب الذى يسمى بالحركة الوسطى مساو لتقصير الشمس الأخير فأما حركةتا اختلافهما وهى التى وجدناها نحن حركة هذين الفلكين لأنفسهما المختصة بهما فإنا نجد أهل العلم قد اثبتوها لفلك الزهرة فأما لفلك الشمس فأغفلوها وخلطوها بحركته التى تسمى الوسطى وهى تقصير الأخير وذلك أنهم جعلوا حركة الاختلاف لفلك الشمس على الخارج المركز دون فلك التدوير وإن كان بطلميوس جعل الوضعين لحركة هذا الفلك لكن لكل واحد على إنفراده فلم يفرق بين حركته المختصة به وبين نقلة التقصير وموجب ذلك أنهم أنزلوا الدائرة التى ترسمها الشمس بنقلتها المستوية هى دائرة البروج وجعلوا الفلك الخارج المركز له فى سطحها وليست على ما وضعوه ولذلك ظنوا أن نقلة الشمس هى البسيطة وحدها حين لم يحتاجوا إلى فلكين أعنى خارج المركز وفلك التدوير بل اكتفوا بأحدهما فى نقلة الشمس خاصة ونحن فإنا ألفينا نقلة فلك الزهرة على قطبيه هى التى يسمونها الاختلاف وهى خمس دورات فى ثمان سنين شمسية ينقص يومين وربع يوم وجزءا من عشرين جزءا من يوم بالتقريب وينتقل كوكب الزهرة إلى خلاف حركة الكل بتقصيره بعد ذلك الذى يتحرك على قطبيه نحو حركة الكل فيقصر كتقصير الشمس ثمانية أدوار فى الثماني سنين المذكورة فاما فلك الشمس فإنا وجدنا حركته المختصة به على قطبيه مثل تقصيره الأخير فهو متحرك دورة على قطبيه ويقصر بأخرى فيكون تقصيره الأول دورتين في كل سنة وتقصير فلك الزهرة الأول دورة وخمسة اثمان دورة أخرى فلذلك وجب أن يكون أعلى من فلك الشمس إذ هو أقرب إلى حركة الأعلى فى النقلة التى هى محمول فيها ولما كان قطبا هذا الفلك على مثل ما عليه الأقطاب الثلثة التى فوقه يدوران على دائرتين قطباهما دائران أيضا على دائرتين قطباهما قطبا الأعلى وهما دائرتا ممر قطبى الفلك المكوكب الذى هو فلك البروج وليس بين حركة هذا الفلك على قطبيه أعنى حركته المختصة به وبين حركة فلك الشمس المختصة به سوى ثلثة اثمان دورة في السنة فأما نقلتاهما إلى توالى البروج بتقصيرهما الأخير فنقلة واحدة فيكون لذلك قطب هذا الفلك يدور مقصرا في دائرة ممره الخمسة اثمان الدورة فى السنة فأما قطب دائرة ممره فإنما يقصر دورة كاملة وهى مثل التقصير الأول الذى لفلك المريخ ونمثل لذلك مثالا يتضح به فنجعل دائرة ممر قطب فلك البروج دائرة ا ب ج د قطبها ط وهو قطب الفلك الأعلى الشمالى وقطب دائرة ممر قطب فلك الزهرة نقطة ا وهذه النقطة هى على تقصير فلك المريخ الأول قبل أن يتحرك لنفسه الحركة المختصة به ونجعل الدائرة التى تسمى فلك البروج دائرة ك ل م ن والقسى التى تمر بالاعتدالين والانقلابين وقطب ط قسى ك ط م و ل ط ب ونجعل دائرة ممر قطب فلك الزهرة ه ز ح وهى التى تدور حول قطب ا ولتكن نقطة ك ففي نقطة الاعتدال الربيعى فإذا جعلنا قطب فلك الزهرة على نقطة من دائرتى ا ب ج د و ه ز ح جميعا حينئذ يكون كوكب الزهرة على فلك البروج نفسه ولأن قطب فلكها هو الذى لها من الكوكب إنما يكون على ربع الدائرة فإن الكوكب يكون متقدما النقطة ك التى هى الاعتدال الربيعى بقدر أجزاء قوس ا ه من دائرة ا ب ج د فكأنه على نقطة ف فإذا قصر قطب ا فى دائرة ا ب ج د قوس ا ذ فموضع الزهرة فى الطول هو نقطة ك إلا أن قطب فلكه لما كان مقصرا إلى جهة ح لأن عليها يكون حركة فلك الزهرة المختصة به وهو ساكن لها فهو باقى على تقصيره مكانه انتقل قوس ه ز وحصل ه موضع ق ويصير لذلك موضع كوكب الزهرة عن نقطة ك فإذا انتقل قطب ه بتقصيره خمسة اثمان قوس ه ح انتقل أيضا قطب ا فى دائرة الممر له إلى نقطة ب وكان موضع الزهرة فى الطول نقطة ل من فلك البروج إلا أنه لا يكون على نقطة ل نفسها بل إلى الجنوب عنها بنحو قوس ا ح ولأجل أن نقطة قطب ه وقطب ا جميعا إلى جهة توالى البروج ما يرى الكوكب لذلك متزائد الحركة فيكون لذلك فى غاية السرعة لاجتماع نقلتى القطبين إلى توالى البروج وكذلك تكون نقلته سريعة إلى التوسط حتى ينتهى القطب من ه إلى نقطة ز فتكون حركة الكوكب متوسطة إذ لا ينتقل قطب ه هناك نحو توالى البروج بل قطب ا وحده التى هى الحركة الوسطى وكذلك تكون النقلة متوسطة ما دام قطب ه حول نقطة ز ولا ينبغى لنا أن نحدد مقادير التى للرجوع للزيد التى للتنقص إذ لم نشترط ذلك ولأن ذلك يحتاج إلى نظر أشد استقصاء فغايتنا أن نرشد إلى كيفية النقل إرشادا فأما كميتها فبالأعمال والرصد تستخرج وتتحرر الأمر فيها فإذا تباعد قطب ه عن ز قليلا ظهر لهذه النقلة التى هى الوسطى تنقص لأجل نقلة قطب ه إلى خلاف نقلة ا أعنى نحو حركة الكلوليست كما كانت أولا معينة لها وزائدة فيها فبقدر ما كانت تزيد تعود تنقص منها وذلك ما دامت نقلة قطب ه من نحو ن إلى نحو موضع ه فهكذا هى نقلة هذا الكوكب وذلك ما قصدنا بيانه وليست النقلة فى هذا الكوكب كمثل ما كانت فى الكوكبين العلويين ولا فى كوكب المريخ لأنه يظهر ظهورا بينا فى كل واحد منها سرعة حركة الكوكب وبطؤها ووقوف الكوكب وتقهقره ووقوفه ثانية ثم استقامته لأجل كثرة فصل نقلة القطبين فى دائرتى الممر لها على نقطة أقطاب الدوائر التى تساوى نقلتها النقلة الكوكب الوسطى وأما فى هذا الكوكب فلا يفصل نقلة قطبى فلكه فى دائرتى ممرهما على نقلة قطبيهما بل ينقص عنها فهذا الذى صح لدينا من نقلة هذا الكوكب لأنا لا نشاهد من نقلة هذا الكوكب ولاكوكب عطارد وقوفا ولا قهقرة كما نشاهده للثلاثة العلوية لأن هذين الكوكبين بما عملوا عليه إنما يستديران فى فلكى تدويرهما حول وسط الشمس فإذا كانا فى بعدهما الأبعد والأقرب من فلك التدوير كانا فى وسط الشمس مستترين بها فلا يرى لها قهقرة ولا سرعة حركة فى الغاية وإنما يريان عنده يكونان فى مجازيهما الأوسطين وهما فى غاية بعدهما من الشمس وحركتها عند ذلك متوسطة لكن يكون القول ىي رجوع هذا الكوكب على نحو ما أتينا به فى فلك المريخ فلك النسبة بعينها والعمل فيهما واحد وأما قوله إن هذا الكوكب وكوكب عطارد يجمع مركز تدويرهما مع وسط الشمس في كل سنة مرتين فإنما ذلك لأن قطبى فلك الشمس يدوران بتقصيرهما دورتين وقطبا دائرتى ممر هذين الكوكبين إنما يقطعان بتقصيرهما دائرتى ممرهما مرة واحدة فى كل سنة فلذلك يجتمعان مرتين فى السنة الواحدة وأما كيف لا يرى هذا الكوكب إلا شماليا عن فلك البروج فإنما يكون ذلك بأن يكون موضعه من فلكه إلى جهة الشمال قليلا عن نطاق فلكه وكذلك كوكب عطارد يكون إلى الجنوب قليلا عن نطاق فلكه وهذا ممكن فيهما فلذلك لا يريان فى غاية بعدهما المذكورين أعنى كون الزهرة فى نهاية الجنوب ولا كوكب عطارد فى نهاية الشمال ولأن هذين الكوكبين متى بعد قطباهما فى دائرتى ممرهما عن دائرتى ممر قطب فلك البروج بعدا كثيرا كانا فى قبضة الشمس فلا يريان فى حالتى بعدهما فى الشمال والجنوب ومثال ذلك من الصورة المتقدمة فى دائرتى ا ب ح د و ه ز ح أنه إن كانت الأجزاء التى يسير فيها قطب ه من دائرة ه ز ح التى قطبها ا عند ظهور الكوكب إنما فىما عند نقطتى ه و ز وفيما حولهما من الجانبين كأنهما قوسا ف ص و ت ر ى وكان خروج كوكب الزهرة عن نطاق فلكه إلى الشمال بقدر أجزاء ه ق من دائرة ممر قطب الكوكب فإن كان الزهرة لا يرى إلا شماليا وبهذه الصورة وأما بطلميوس فإنه يكلف فى هذا الموضع أن جعل الفلك المائل الحامل لمركز فلك التدوير فى هذا الفلك وفى فلك عطارد ينتقلان بفلكى تدويرهما إلى جهة واحدة إما فى الزهرة فإلى الشمال أبدا وإما فى عطارد فإلى الجنوب أبدا عن فلك البروج وذلك بأن يكون هذا الفلك المائل على فلك البروج مهما انتهى مركز فلك التدوير في مسيره عليه وهو فى الجهة الشمالية منه إلى عقدة التقاطع بينه وبين فلك البروج يلقاه النصف الثانى الذى كان جنوبيا وقد عاد له شماليا عن فلك البروج وهكذا حاله متى وصل إلى العقدة الآخر ينتقل له النصف الثانى شماليا عن فلك البروج وكذلك فى كلتي العقدتين دائما حتى لا يرى الكوكب إلا شماليا عن فلك البروج وأما فى عطارد فعكس ذلك وتصور مثل هذه الحال عسر وامكانه بعيد والقول بمثل هذه النقلة للأجرام السماوية وهى النقلة التى تشبه الموازاة شنيع ولذلك اعتذر عن ذلك بطلميوس بما أتى به فى النوع الثانى من المقالة الثالثة عشر من كتابه حسبما يقف عليه من تأمله وهذا الوجه التى [sic] أتينا به يسهل التصور لهذه النقلة ويزيل العسر والتكلف الذى تكلفه وبالله التوفيق وليجعل هذا آخر ما نقوله فى نقلة فلك هذا الكوكب وهذا حين نذكر نقلة الشمس بنقلة فلكها على النسق والترتيب الذى أعطانا الطبع فنقول القول فى نقلة الشمس بحركة فلكها وأما كيف نقله هذا الكوكب فإنها على ما ذكرنا فى نقلة الكواكب التى فوقها إلا أن تقصير هذا الفلك عن الذى فوقه يسير وذلك بقدر ثلثة اثمان دورة وتقصيره ضعف تقصير الثلثة العلوية أعنى الأول وضعف تقصير فلك الزهرة الأخير فإنه إنما يتحرك على قطب للتشبه بالأعلى دورة واحدة فى الحول ويبقى تقصيره مثل التقصير الأول الذى يقصر به الثلثة العلوية ومثل التقصير الأخير الذى يقصر به فلك الزهرة الذى فوقه وذلك هو نقلة الشمس الوسطى ولما لم نجد للأقدمين فى نقلة الشمس كثير اختلاف أعنى مثل ما وجدوه للكواكب العلوية من القهقرة والوقوف والاستقامة فلم يشاهدوا لها نقلتين متقابلتين ظاهرتين للحس إحداهما من المغرب إلى المشرق والثانية من المشرق إلى المغرب كما وجدوها للعلوية وللذين تحت الشمس ظنوا أن نقلتها أبسط الحركات السماوية بعد الأعلى وجعلوا أزمان نقلتها لتقدر أزمان نقلة تلك كالمقدار الأول حسبما هو موجود عندنا وإنما نقلتها شبهة بالتى فوقها وربما هى أكثر تركيبا حسبما يظهر بعد وذلك أن قطبى هذا الفلك يدوران أيضا على دائرتين هما ممراهما ولهاتين الدائرتين قطبان يدوران حول قطبى معدل النهار اللذين هما قطبا الكل فى الحركة اليومية المستوية حسبما يتضح ذلك من بعد هذا وقد كان يمكن أن يكون العمل فى وضع هذين القطبين لهذا الفلك على النحو الذى وضع للأفلاك الأربع فوقه حتى يكون يدوران على دائرتين قطباهما على دائرتى ممر قطبى الأعلى إلا أنهما يكونان فى هذا الفلك فى غاية الصغر وهاتان الدائرتان هما مقاما فلك التدوير الذى وضعه بطلميوس لكن إنما سلكنا فى وضع أقطاب هذا الفلك مسلكا آخر وذلك بأن تكون دائرتا ممر قطبيه تماسان دائرتى ممر قطبى فلك البروج لأن هاتين الدائرتين إذا كانتا تماسان تلك الدائرتين يقومان مقام الخارج المركز الذى وضعو عمل عليه فجربنا فى ذلك على ماجرى عليه ولنمثل لذلك مثالا فنجعل الدائرة الممثلة بمعدل النهار ا ب ح د والدائرة التى ترسمها الشمس بتقصيرها وهى نقلتها إلى خلاف حركة الكل ا ه ج ر وقطب معدل النهار نقطتى ح وهو الشمال الظاهر إلينا وليكن قطب دائرة ا ه ج ز دائرة ك ل م ن وليكن الدائرة المارة بالاستوائيين وقطب معدل النهار ا ك ج م ح والتى تمر بالانقلابين وقطب ح دائرة ه ك ح ن د ز ولأن الشمس إنما نضعها على نطاق فلكها أعنى الدائرة المتوسطة بين قطبى الفلك فتكون إذا من قطبها على ربع دائرته فإذا نحن جعلناها على نقطة ا ولتكن نقطة الاستواء الربيعى فإن قطب فلكها يكون إما على ل أو على ن من دائرة ك ل م ن فإذا انتقلت الشمس إلى نقطة ه التى هى المنقلب الصيفى فإن القطب منها إنما يكون على ربع الدائرة فهو إذا على نقطة ن ولا يمكن أن يكون على غيرها فإن نقطة م ليست على ربع الدائرة من ه لأن نقطة ه ليست قطبا لدائرة م ح ك وإنما قطبها نقطة ب وإذا كان القطب على ن فقد قطع من دائرة ممره نحو نصفها ولذلك إذا انتهت الشمس إلى نقطة ج ه فإن قطب فلكها يكون على نقطة ل فيقطع القطب دائرة تامة والشمس إنما قطع نصف دائرة ميلها وكذلك الحال فى النصف الثانى فيقطع القطب دورتين فى دائرتى ك ل م ن وتقطع الشمس دورة واحدة فى دائرة ميلها وإنما كان ذلك كذلك لأن الشمس إذا قصر قطب فلكها من نقطة ل فتقصره عن الذى فوقه قوس ل س والفلك مع ذلك دائر نحو حركة الكل على قطب ل فإن الكوكب المركوز فيه لا يقصر مثل تقصير القطب بل دون ذلك بقدر ما تحرك الفلك على قطبيه وهو يتحرك على قطبيه نصف تقصيره فيبقى تقصير الشمس الاخير مثله فلذلك تم القطب فى دائرة ممره دورتين وحينئذ تتم الشمس دورة فى فلكها المائل بتقصيرها وتبين من هذا الذى أتينا به أن فلك الشمس أبطأ حركة من الذى فوقه وأكثر تقصيرا إذ كان تقصيره الأول أكثر من تقصير الذى فوقه لأنه ضعف حركة الشمس الوسطى الذى هو درج ا نخ تو لد كو كر ب وتقصير الفلك الذى فوقه أعنى الأول إنما هو مثل حركة الشمس الوسطى بزيادة خمسة أثمانها وذلك ماقصدنا بيانه وأما كيف يختلف نقله الشمس فى الدائرة المائلة وأنهم لما كانوا قد وجدوا بالرصد قطع الشمس لفلكها يختلف أزمانه بالسرعة والابطاء فى أجزائه فلك البروج فيقطع الربع الذى من نقطة الاستواء الربيعى إلى نقطة المنقلب الصيفى في أربعة وتسعين يوما ونصف يوم ويقطع الربع التالى لهذا الربع وهو الذى من المنقلب الصيفى إلى الاعتدال الخريفى فى إثنين وتسعين يوما ونصف يوم ويقطع الربعين الباقيين فى الباقى من أيام السنة وهو مائة ثمانية وسبعون يوما وربع يوم على استواء فيهما وتنقص أيام هذين أربعين عن الأولين بثمانية أيام وثلثة أرباع يوم حكموا لذلك بأن الشمس إنما تكون وهذه النقلة لها بالاستواء على فلك خارج المركز عن مركز فلك البروج بحيث يكون مركزه فى النصف الذى زمانه اطول ومنه فى الربع الذى زمانه أيضا أطول وهو الربع الذى من الاستواء الربيعى إلى المنقلب الصيفى ولذلك يكون الأوج وهو نقطة تماس الخارج المركز مع الممثل بفلك البروج فى هذا الربع بحيث زعموا واستخرج بطلميوس بعد ما ببين مركز الخارج المركز ومركز فلك البروج من أجزاء التفاضل الذى فيما بين هذه القسى حسبما هو موضوع في المجسطى فكان بعد ما بين المركز وجزئين وتسعا وعشرين دقيقة وقد تبين استحالة كون فلك خارج المركز فى السماء بما تقدمنا فقلناه وإنما الموجب لاختلاف نقلة الشمس التى على توالى البروج بالسرعة والابطاء ما نصفه وذلك أن جميع الأفلاك الثمانية أقطابها خارجة عن قطبى الأعلى وهى كلها محمولة فى الحركة اليومية على غير أقطابها والأفلاك السبعة التى دون المكوكب على أقطاب خارجة عن قطبى المكوكب خروجا مختافا و زائلة عنه بزيادة ونقصان وهذه الأقطاب التى للسبعة الأفلاك تدور على دوائر وأقطاب هذه الدوائر تدور أيضا على الدائرة التى يدور فيها القطب قطب الفلك المكوكب الذى سميناه فلك البروج ولذلك ترى الكواكب التى فى الأفلاك السبعة أعنى السيارة خارجة عن فلك البروج فى الجهتين كلتيهما وعائدة إليه وذلك بحسب خروج أقطاب أفلاكها عن دائرتى ممر قطبى فلك البروج وعودها إليه حسبما تقدر ذكره فى المثالان التى مثلت للكواكب العلوية واختلاف الشمس بالسرعة والابطاء يكون لأجل خروج قطب دائرة ممر فلكها عن قطب معدل النهار الذى هو قطب الكل على ما نبين بعد فلتكن الصورة على ما هى عليه ولنقل إنا لما وجدنا انتقال الشمس من نقطة ا إلى نقطة ه فى أربعة وتسعين يوما ونصف يوم ونقلتها أيضا من نقطة ا إلى ج ه وهو الربع التالى للأول فى إثنتين وتسعين يوما ونصف يوم فلو كانت نقلتها على السواء لكانت تقطع كل واحد من أرباع دائرتها المائلة فى أيام ربع السنة التى هى أحد وتسعون يوما وتسع عشرة دقيقة عن ربع من يوم لكن نقلتها فى هذا النصف الذى هو الاعتدال الربيعى إلى الاعتدال الخريفى من أبطأ ونقلتها فى النصف الباقى الذى هو مقابل لهذا أسرع لأنها نقطة فى مائة يوم وثمانية وسبعين يوما وربع يوم والربع الأول يزيد أيامه على ايام ربع السنه ثلاثة ايام واحد عشرة دقيقة وربعا والربع التالى له تزيد أيامه على أيام ربع السنة يوما واحدا وإحدى عشرة دقيقة وربعا والثالث ينقص أيامه عن أيام ربع السنة يمثل زيادة الأول وذلك ثلثة أيام وإحدى عشرة دقيقة وربع وأما الأخير وهو الذى من الانقلاب الشتوى إلى الاعتدال الربيعى فتنقص أيامه عن أيام الربيع يمثل زيادة الثانى وذلك يوم واحد وإحدى عشرة دقيقة وربع فإذا تقرر هذا وأرنا أن نعلم حيث هو قطب دائرة ممر قطب فلك الشمس التى هى دائرة ك ل م ن وقد علمنا أن تقصير فلك الشمس لاختلاف فيه وإنما هو تقصير واحد متساو أبدا وإن قطبيه يقصران التقصير الأول والفلك يتحرك عليه لنفسه حركة غير حركة الكل التى هو محمول فيها وإنما يخالف حركة نفسه الحركة التى هو محمول فيها لاختلاف الأقطاب التى عليها مدار الحركتين وعلمنا أيضا أنه لو كان مدار قطب هذا الفلك حول قطب الأعلى على الاستواء لم تختلف الحركة التى للقطب مع حركة الأعلى فى الأجزاء كما نجدها للشمس إذ الشمس لا حركة لها إلى لحركة فلكها إذ هى مركوزة فيه ولما علمنا أن القطب تقصر فى دائرة ك ل م ن تقصيرا مستويا وكان وكات يقطع إذا انتقلت الشمس ربع ا ه من دائرة ميلها أكثر من نصف دائرة ك ل م ن وكذلك يقطع القطب بتقصيره أكثر من نصف دائرة إذا قطعت الشمس ربع ح ه من دائرة ميلها والقطب إذا يقطع دائرة ك ل م ن ويزيد عليه بقدر ما يقطعه من الآخر فى أربعة أيام وإثنين وعشرين دقيقة من يوم وذلك ثلثة اجزاء وستة وخمسون دقيقة وإثنان وخمسون ثانية وخمس عشرة ثالثة وإثنان وخمسون رأبعة وثمان وأربعون خامسة وأربع سوادس والشمس إنما قصرت نصف دائرة ميلها فقط فليس يكون قطب فلك الشمس على الحقيقة على الأجزاء التى انقسمت بها دائرة ك ل م ن فى أوقات كون الشمس على أرباع دائرة ا ه ح ز فقطب دائرة ك ل م ن إذا خارج عن قطب ح الذى هو قطب معدل النهار وإذا وجدنا قوس ل م ن أعظم من قوس ت ك ل فقطب دائرة ك ل م ن إذا فى قطعة ل م ن العظمى فلتكن نقطة ق ولتمر بنقطة ب من دائرة معدل النهار وقطب ق قوسا من دائرة عظيمة تنتهى إلى محيط دائرة ك ل م ن وهو قوس ب ف س ويقطع الدائرة على نقطة ب ومن التبين أنها تقسم دائرة ك ل م ن بنصفين فتكون قوسا ل ت و ل س هما فصل قوس ل ص ز على ن ك ل ومجموعهما ثلثة أجزاء وقربت من سبع وخمسين دقيقة ولتفصل من قوس ت م قوس ت ط مساوية لقوس ل س وتمر على ر و ط قوسا من دائرة عظيمة وقوس ن م ط نصف دائرة فقوس ن ط تمر أيضا بقطب دائرة ك ل م د وكذلك قوس س ت فتقاطعهما يكون على نقطة ق وليخرج من ق عمودا على ج ل وهو ق ص ولما كان قوسا ه ز و ل ط معلومين بالأجزاء التى بها دائرة ك ل م ن ثلثمائة وستون جزءا فوتراهما معلومان بالأجزاء التى بها قطر ط ن مائة وعشرون جزءا ويكون لذلك وتر ل ز معلوما بتلك الأجزاء ولذلك يكون وتر عمود ق ص معلوما بتلك الأجزاء لأن مثلت ل ف ص الذى من الأوتار زاوية ص منه قائمة وضلعا ق ن و ق ص معلومان وزاوية ق ن أيضا معلومة فهو معلوم الزاويتان والاضلاع بالأجزاء التى بها قطر الدائرة معلوم ولما كانت قوس ح ز معلومة للأنها مثل قوس ه ب إذا كان كل واحد من قوس ى ح و ه ن ربع دائرة والمشترك لها ه ح فقوس ج ن معلومة بالأجزاء التى بها الدائرة العظمى ثلاثمائة وسبعون جزءا وكذلك قوس ل ح لأنها أيضا مثل ز د فجميع ن ل معلوم بالأجزاء التى بها الدائرة العظمى ثلاثمائة وستون جزءا ف ي س أيضا معلوم بتلك الأجزاء لأن كل واحد من قوسى ل ن و ن س معلوم الوتر أجزاء واحدة بعينها وكذلك قوس ق ص يكون بها معلوما وكل واحدة من قوسى ص ر و ح ل معلومة فقوس ح ص معلومة فمثلث ف ص ح معلوم زاوية ص منه قائمة وضلعا ق ص ص ح منه معلومان وكل واحد منهما أصغر من ربع دائرة فقوس ق ح معلومة بتلك الأجزاء وهى جزءان وإثنتان وعشرون دقيقة وثمان ثوان بالتقريب بتقريب وهى القوس التى بين ق و ح وإذا كانت هذه القوس معلومة وعلم بعد قطب ح من دائرة ك ل م ن فى الجهات الأربع وفى اى جهة يكون قطب ق من قطب ح فى الأزمنة الأربعة وذلك ما قصدنا تبينه وإذ قد علم بعد ما بين قطب معدل النهار الذى هو قطب ممر قطب الفلك المكوكب وبين قطب دائرة ممر فلك الشمس فإنا نخرج فى الصورة المتقدمة قوس ق ح إلى محيط دائرة ك ل م ن إلى نقطة ط ونزيد على قطب ح وببعد ط دائرة ص ع وليلق القوسين المارين بالاستوائين والانقلابين على نقطة ع ف ي ص ومن البين أنها تنقسم على أرباع متساوية إذ كان قطب هذه الدائرة هو قطب معدل النهار كما قلنا ولنجعل دائرة ا ه ج ز هى دائرة البروج أعنى التى يدور قطباها على دائرة ط ع ولأن أجزاء دائرة ك ل م ن متفاضلة أعنى ك ل و ل م و م ن و ل ك لأن هذه القسى القاسمة لها لم تجر على قطبها وأعظمها الجزء الذى من ل م وأصغرها المقابل له وهو ل ك ه فإذا قطعت الشمس ربع ا ه من دائرة البروج وقطع القطب بحركته المستوية من ل إلى ن وهو اكثر ن نصف الدائرة فإنها تقطعه فى أكثر من أيام وربع السنة وإنما يقطع ما يقابله من دائرة ممر قطب فلك البروج وهو نصف ع ف ص وكذلك إذا قطعت الشمس ربع ه ج د وقطع قطب فلكها قوس ن ك ل وهو المقابل للنصف الثانى من دائرة ع ط فتقطعه فى أيام أقل من أيام النصف الأول لأن حركته مستوية إلا أنها لما كان قطب ق لا تقطع إلا ربع دائرة لأنه متحرك بحركة فلكه الحركة الخاصة به فلا يقصر كتقصير قطب ل بل كتقصير الشمس فإذا كان قطب ق على خط ل م كانت نقطة ط على ف فإن كانت الشمس على ا وقطب ممر فلكها على ل وقصر القطب نصف دائرة ل م ن فإنها تقصر الشمس فى دائرة البروج قوس ا ه ولكون قطب ق خارجا عن ح إلى جهة ف فقوس ل م ن أعظم من نصف دائرة فالقطب يقطعه فى أكثر من زمن ربع السنة وأما قطب ق فإنما يقصر الربع من الدائرة لأغير ومعلوم أن نقطة ط تكون على نقطة ى وقطب ق على قوس ى ح وقطب فلك الشمس على ى حتى يكون يينه وبين الشمس ربع دائرة وكذلك إذا قصر قطب فلك الشمس نصف دائرة ن ك ل وموضع ن قد كان على ى لأن القطب كان على قوس ى ح فإنما تقصر الشمس ربع ه ح د وتقصر قطب ق الربع من دائرته التى بين ن و ك ويحصل على قوس ح ص والقطب على نقطة ص من دائرة ط ع ولأجل أن قطب ق فى هذا النصف فهو لذلك أعظم من نصف دائرة فهو يقطعه أيضا فى أكثر من ربع زمان السنة ولذلك إذا قصر قطب فلك الشمس من ل إلى ن فى الدورة الثابتة و قطب ق على قوس ح ص يكون قوس ل م ن أقل من نصف دائرة لأن قطب ق فى النصف الثانى فلذلك يقطع القطب هذا النصف فى أقل من ربع السنة وتقطع الشمس ربع جزء الذى من الابتدأ الخريفى إلى المنقلب الشتوى وكذلك إذا قصر قطب فلك الشمس من لى إلى ق فإن قطب ق أيضا يكون خارجا عن هذا النصف فيكون أقل من نصف الدائرة فتقطعه فى زمان أقل من زمان ربع السنة وتقطع كذلك الشمس ربع ز ا من دائرة البروج وبتمام السنة يعود القطبان أعنى قطب ل وقطب ق إلى موضعيهما حيث كانا أول السنة فقد بان بهذا كيف اختلاف نقلة الشمس وسببها وذلك ماقصدنا بهذه الصورة وإذ قد بينا بالعلم فى اختلاف تنقل الشمس بالسرعة والابطاء دون أن ينقل على فلك خارج المركز حتى يقرب منا تاره وتبعد عنا تارة ولا على فلك تدوير على مثال ما عليه الحال التى عمل عليها الأولون من علماء التعاليم وأخبرنا قبل بقدر انتقال الشمس بالتقصير الوسط فى اليوم وأنه تسع وخمسون دقيقة وثمان ثوان بالتقريب وإن قطب فلكها ينتقل على دائرة ممره فى اليوم على الاستواء من غير سرعة ولا إبطاء فقد كمل غرضنا وتم ما قصدنا وينبغى أن يصير إلى القول فى انتقال كوكب عطارد وعلى ما يعطيه الترتيب بحول الله تعالى
القول فى انتقال كوكب عطارد بحركة فلكه
أما نقلة هذا الكوكب فهى نحو نقلة الكواكب التى فوقه أعنى التى فوق الشمس وهو فى لزوم الشمس مثل كوكب الزهرة الذى يقدم القول فيه إلا أن موضع هذا الكوكب من فلكه ليس على النطاق منه بل إلى جهة الجنوب قليلا ودائرة ممر قطب فلكه أصغر من ممر دائرة قطب فلك الزهرة ولذلك لا ببعد عن الشمس كبعد كوكب الزهرة منها وأما اختلاف نقلته التى بالاضافة إلى الشمس فهى كاختلاف كوكب الزهرة فى الكيفية لا فى الكمية وإن كانت نقلة عطارد المشاهدة بالرصد وهى التى يسمونها الحركة الوسطى مساوية لنقلتي ذينك الفلكين أعنى للزهرة والشمس الوسطى فإن نقلة هذا الكوكب التى يخصه وهى التى تتبع بها حركة الأعلى طلبا للكمال أعظم بكثير من نقلتى ذينك الفلكين اللتين تخصهما ولذلك وجب أن يكون دونهما فى المرتبة ولأجل كثرة تقصيره عنهما فإن الذى ألفى من حركة هذا الفلك لنفسه علا قطبيه التى نحو حركة الكل وهى التى يسمونها حركة الكوكب على فلك التدوير من أجزاء الفلمك في اليوم درج د ه لب كد يب يح كا وبمثل هذه الأجزاء يقصر قطباه عن الذى فوقه فى دائرة الممر إذ كانت هذه الحركة لهذا الفلك عليهما وهما كالساكتين لها فلذلك يبقى القطبان على تقصيرهما وأما قطب دائرة ممر هذا الفلك فيقصر كتقصير فلك الشمس الأخير وذلك دقائق نط ح ير يح يب لا وهو أيضا تقصير هذا الفلك الأخير وهو تقصير الكوكب المركوز فيه ونقلته المرتبة نحو توالى البروج ولما طلبوا المدة من الزمان التى تمر فيها لهذا الفلك بحركته وللكوكب بتقصيره أدوار تامة لها بين النقلتين أعنى نقلته فى الاختلاف ونقلته المرتبة التى يرى للكوكب فيها انتقال إلى توالى البروج المسماة بحركة الطول ونسميها نحن تقصير الفلك الأخير وجدوها تستكمل فى ست وأربعين سنة شمسية ويوم واحد وجزء واحد من ثلاثين جزءا من يوم إما من أدوار الاختلاف التى هى عندنا حركة الفلك المختصة به فمائة دورة وخمسا وأربعين دورة وإما من أدوار الحركة فى الطول وهى عندنا تقصير هذا الفلك الأخير المساوي لنقلة الكوكب المرتية إلى خلاف حركة الكل فستا وأربعين دورة وجزءا واحدا فلأجل أن نقلتى قطبى هذا الفلك بتقصيرهما على دائرتى ممرهما يتكرران فى السنة الواحدة على عدد ما تتكرر حركته الخاصة فى فلكه ما يتكرر اختلافه فى دائرتى البروج بالزيادة والناقصان فى النقلة والخروج عن فلك البروج والوقوف والقهقرة والاستقامة وسائر الاختلافات المترتبة لهذا الفلك فيكثر لذلك خروجه عن دائرة البروج وعوده إليه مرارا كثيرة فى السنة الواحدة و بالجملة فإن التركيب ظاهر فيه أنه أكثر من الذى فوقه لبعده عن المحرك الأول البسيط وأما المثال فى نقلة هذا الكوكب فهو كالمثال فى نقلة فلك الزهرة وإنما يختلفان بأن تقصير هذا أعنى التقصير الأول أعظم وهو مجموع نقلته أعنى على قطبيه الخاصة به وهى التى يلحق بها فلك الشمس والتى يقصر بها بعد ذلك أعنى المساوية لنقلة الشمس الوسطى وهما اللتان عددهما جميعا مائة دورة وإحدى وخمسون دورة وجزء واحد فى ست وأربعين سنة شمسية ويوم واحد وجزء من ثلثين جزءا من يوم فيكون التقصير الأول لفلك هذا الكوكب من السنة الواحدة أربع أدوار وأربعة وخمسين جزءا وإثنين وثلاثين دقيقة وأما التقصير لهذا الفلك الأخير والكوكب الذى عليه فى السنة الواحدة فدورة واحدة ودقيقة واحدة وثمان عشرة ثالثة بالتقريب وأما ما ذكره بطلميوس من اجتماع فلك تدوير هذا الكوكب مع وسط الشمس في البعد الأبعد وفى البعد الأقرب مرتين في كل سنة فإنه المعنى الذى خرج لنا من اجتماع قطب فلك الشمس مع قطب دائرة ممر هذا الكوكب مرتين فى السنة لأن قطب فلك الشمس كما قدمنا يدور فى دائرة ممره دورتين ويدور قطب ممر قطب فلك هذا الكوكب دورة واحدة فيجتمعان مرة واحدة فى السنة الواحدة وكذلك ما ذكر من اختلاف زمان رجوع هذا الكوكب على أن قهقرته غير مشاهدة بالحس فإنه ذكر أن زمان رجوع هذا الكوكب إذا كان مركز فلك تدويره فى البعد الأبعد خلافه إذا كان فى القرب الأقرب من الخارج المركز وخلافه وإذا كان فى المجارين الأوسطين إنما يكون هذا بحسب قطب الدائرة التى يدور عليها قطب دائرة ممر قطب الفلك وقربه أو بعده من قطب الكل وقد نبهنا على ذلك أولا فى كوكب زحل وكذلك ما ذكر من أن هذا الكوكب لا يرى أبدا إلا جنوبيا عن فلك البروج فقد نبهنا عليه أيضا من كونه خارجا عن نطاق فلكه إلى جهة الجنوب قليلا واستغنينا عن الاثنان بالمثال لهذا الكوكب إذا كان المثال فيه وفى فلك الزهرة واحد ولذلك يجب أن نتكلم فى فلك القمر ونقلة الكوكب الذى عليه وبينه على ما أوجب ترتيبه أسفل الأفلاك فيقول
القول فى نقلة القمر بنقلة فلكه
صفحة غير معروفة
أما نقلة هذا الكوكب فهو كنقلة الكوكب الذى فوقه فى استتباعه لنقلة الشمس وكثرة الاختلاف إلا أن فلك القمر كثير التقصير عن فلك الشمس بحسب انكسار القوة وضعفها لبعده عن المحرك وهذا الكوكب يبعد عن الدائرة التى ترسمها الشمس نحو الشمال والجنوب بأجزاء متساوية فهو على نطاق فلكه ولذلك كان ميل دائرته التى يقطعها بحركته الخاصة به عن دائرة ميل الشمس اكثر من تلك لانه أعنى القمر يخرج عن دائرة ميل الشمس إلى الشمال وإلى الجنوب نحوا من خمسة أجزاء وبقدرها يكون البعد ما بين قطب فلك القمر وبين دائرة ممر قطب فلك الشمس وبقدرها أيضا ميل الدائرة التى للقمر التى تفعلها الشمس وقال بطلميوس إن القدماء إنما استخرجوا مواضيع القمر وعدد أدواره بآلة القياس والرصد وبقياسه أيضا إلى الكواكب الثابتة إذ كانو لم يشعروا بنقلتها موقع لهم فى ذلك غلط من هذه الجهة ومن جهة أن قياس القمر من مركز الكلي يخالف قياسه من موضع الأبصار إذا كان البعد بين موضع البصر ومركز الأرض الذى هو نصف قطر كرة الأرض له قدر يعتد به عند نصف قطر فلك القمر وذلك أنه إنما حقق موضع هذا الكوكب من كسوفاته لا من كسوفات الشمس لأنه فى كسوفاته يكون على مناظرة الشمس أعنى على الخط المار بمركز الشمس وبمركز الأرض وبمركز القمر فيكون لذلك موضعه فى وقت الكسوف هو موضعه بالصحة من فلك البروج ومن فلكه المائل لأنهما يكونان أعنى الشمس والقمر على نقطة تقاطع هاتين الدائرتين فتكون لذلك الأدوار التى توجد ما بين الكسوف متساوية الحال فى الاظلام والجهة أدوارا صحيحة تامة وذكر أن من تقادم عهده من القدماء جعلوا يطلبون زمانا بين كسوف قمرتين فيهما يتحرك القمر فى الطول حركة سواء لأن هذا الزمان وحده هو الذى به يمكن الوقوف على عوده اختلاف القمر فقصدوا قصد كسوفات القمر للأسباب التى ذكرها وجعلوا يطلبون منها مدة ما لعدة من الشهور فإنها أبدا مساو للمدد التى لمثل هذه العدة من الشهور يحط بأدوار تامة من أدوار الاختلاف ويحيط تداوير فى الطول عدتها متساوية إما كاملة وإما مع قسى متساوية فكانوا يظنون على ظاهر النظر أن هذا الزمان هو ست ألاف وخمس مائة وخمسة وثمانون يوما وثلث يوم وكانوا يرون أن فى قريب من هذه العدة من الأيام يستكمل من الشهور مائتى شهر وثلاثة وعشرين شهر ويستكمل من عودان الاختلاف مائتى عوده وتسعا وثلاثين عودة من عودات العرض مائتين وأربعين عودة ويستكمل من عودات المسير فى الطول مائتين وإحدى وأربعين دورة ومع ذلك عشرة أجزاء وثلاثين جزءا وهى التى تزيد الشمس فتقطعها فى هذا الزمان على الأدوار الثمان عشرة التى لها في هذه المدة وسموا هذا الزمان الدورى ووجدنا نحن هذه الانتقالات موضوعة على معانيها عندها وهى الأشكال والحركات التى تنبهنا إليها وذلك أن عودات الاختلاف كما قلنا إنما هى أدوار حركة الفلك على قطبيه لنفسه الحركة المختصة به وهى على ما بينا تلقاء حركة الكل طلبا للكمال فى الشبه بالأعلى وعلى عدد عودات حركاته لنفسه يكون عودات القطبين اللذين لهذا الفلك بالتقصير إلى خلاف حركة الكل على دائرتى ممرهما إذ كانت الحركة التى لهذا الفلك عليهما فهذان القطبان على تقصيرهما فى دائرتى ممرهما وأما عودات العرض فإن العرض إنما يكون بنقلة قطبى دائرتى ممر قطبى هذا الفلك بتقصيرهما أيضا عن الأعلى فعلى عدد دورات قطبى هاتين الدائرتين تكون عودات العرض وبمثلها من الأدوار يكون تقصير القمر فى الطول أعنى حركته المسماء بالوسطى إلا ان منتهى القمر فى العرض يختلف فيزتد تارة على منتهى فلك البروج فى الشمال والجنوب وتارة لايزيد وإنما تكون الزيادة فى الخروج إلى جهتى الشمال والجنوب بقدر القمرتين من الدائرة العظمى التى يكون بين قطب دائرة ممر قطب هذا الفلك وبين محيطها وقدر ذلك يكون نحو الخمسة الأجزاء ولأن هذφη القطبين إنما يمران على الدائرتين اللتين يمر عليهما قطبا فلك الشمس وهما اللتان قطباهما خارجان عن قطبى الأعلى لذلك لا تنتهى القمر منتهى ميله فى الجانبين كليهما فى كل دورة من أدوار تقصيره بل إنما يبلغ منتهى عرضه إذا كان قطب فلكه من دائرة الممر على أقرب ما يكون من قطب الكل أو أبعد ما يكون منه وذلك عندما يكون قطب دائرة الممر على نقطة ممابين دائرة ممر قطب فلك الشمس لدائرة ممر قطب فلك الكوكب الثابتة حسبما يظهر من المثال الذى يمثله لنقلة هذا الفلك ولأجل هذا جعلوا عودته فى العرض مخالفة لعودته فى الطول وبينهما شيء يسير وهما فى الحقيقة شيء واحد فعودات الطول فى الحقيقة وعودات العرض يكون عودهما أحد إلا أنه قد لا يبلغ القمر منتهاه فى الجانبين كليهما فى كل عودة من عوداته ولهذا احتاجوا إلى الزمن الذى فيه ينتهى القمر غاية بعده فى الجانبين عن فلك البروج ولما حقق بطلميوس مواضع القمر حتى الكسوف وعلم أن موضعه من الشمس عند إتمامه دورة يكون عند استقباله الشمس ثابتة بأن له إن يقطع فلكه المائل من اجتماعه بالشمس إلى الاجتماع التالى له دورة واحدة وزيادة ما سارته الشمس فى أيام الشهر الواحد فإن نقص منه ما بحركته الشمس بقى ما تحركه القمر وحده فلذلك ضاعف ما تنتقله الشمس فى اليوم الواحد بأيام الشهر الوسط وبقى تسعة وعشرون يوما وإحدى وثلثون دقيقة وخمسون ثانية وثمان ثوانى وتسع روابع وأربع وعشرون خامسة فيخرج له ما انتقلت الشمس فى هذه المدة وأضاف إلى ذلك أجزاء دورة واحدة وهى ثلاث مائة وستون جزءا فكان ذلك ما يظهر من نقلة القمر فى الشهر الواحد الوسط وهو ثلثمائة وتسعة وثمانون جزءا وست دقائق وست وعشرون ثانية وثالثة واحدة وأربع وعشرون رابعة وخامستان وثلاثون سادسة وسبع وخمسون سابعة فقسم هذا العدد من الأجزاء على أيام الشهر فخرجت له نقلة القمر الوسطى فى اليوم وذلك ثلثة عشر جزءا وعشر دقائق وأربع ثلثون ثانية وخمسون ثالثة وثلاث وأربعون رابعة وثلاثون خامسة وبثلثون سادسة ويكون البعد الوسط الذى بين القمر والشمس ما يبقى من هذه الأجزاء بعد أن تحط منها هذه الدقائق التى تنتقلها الشمس فى اليوم وذلك درج يب يا لو نا ك نز وكذلك أيضا ضاعفوا عودات الاختلاف التى يحسبون عليها الزمان الدورى بأجزاء دائرة واحدة وقسموا المجمع على عدد أيام ذلك الزمان الدورى خرج لهم ما يقطعه القمر من فلك التدوير فى اليوم الواحد وذلك درج يج ج لج نو كط لح ل وهذا الذى ألفينا حركة الفلك المختصة به وميلها هو تقصير قطب هذا الفلك فى دائرة ممره وأما الحركة بالعرض فهى بعينها تقصير القمر وإن كانوا قد جعلوها مخالفة لها لأجل أن سبب العرض توجيه حركتا الطول والاختلاف جميعا أعني إتباع الكوكب لقطبه المتحرك على دائرة الممر وإتباع القطب أيضا لقطب دائرة الممر الدائرة على ممر قطب فلك الشمس بحركة فحركة دائرة الممر عن فلك البروج بقدر مابين قطب هذا الفلك وبين دائرة ممره وهذا هو الذى موجب الاختلافات الجزئية له أيضا أعنى أن يرى خارجا عن فلك البروج للجانبين كليهما وعائدا اليه فى جميع الأجزاء خروجا متخالفا بالقلة والكثرة ولأن بطلميوس جعل العرض حركة أخرى على دائرة مائلة ولما كان التقصير الأول لهذا الفلك هو مجموع نقلتى الطول والاختلاف اللتين هما عندنا مسميتان تقصير الفلك الأخير وبحركته على قطبيه جميعا وذلك ستة وعشرون جزءا وأربع عشرة دقيقة وثمان وعشرون ثانية وخمس وخمسون ثالثة وثلاث عشرة رابعة وتسع خوامس وكان لهذا الفلك نقلة نحو حركة الكل واليوم وهى الأجزاء التى للاختلاف ويقصر بعد ذلك أخيرا الأجزا التى للطول وهى إلى توالى البروج فيظهر لأجل ذلك للكوكب الذى على هذا الفلك اضطراب فى نقلته التى هى التقصير الأخير أانه إذا انتقل بنقلة فلكه الخاصة به تلقاء حركة الكل يكون على دائرة وهى المائلة على دائرة الشمس ويأخره التقصير عن حركة الكل على دائرة الشمس وهاتان الدائرتان تتقاطعان وميلهما واحد دائما لا تتغير وإذا دار الفلك لنفسه بحركته والكوكب لازم لموضع واحد من الدائرة المائلة إذ كان مركوزا فى فلكه والدائرة مستقلة بكليتها به تنتقل لذلك نقطتا تقاطع ما بين الدائرتين نحو حركة الكل ويرى للكوكب لأجل تقصير فلكه النقص الآخر عن الأعلى ينتقل إلى خلاف نقطة التقاطع وهذا هو الذى ظهر للقدماء فجعلوا الفلك المائل لهذا يتحرك نحو حركة الكل فتنتقل نقطة المقاطعة مع دائرة البروج نحو حركة الكل وتحرك بحركته مركز الفلك الخارج المركز فيدير الخارج المركز الحامل لفلك التدوير إلى خلاف حركة مركز فلك التدوير إذ كان مركز فلك التدوير يتحرك إلى توالى البروج وحاملة إلى خلاف توالى البقروج فيتضاعف لأجل هاتين الحركتين المتقابلتين البعد الذى بين نقطتى البعد الأبعد والأقرب من الخارج المركز وبين مركز فلك التدوير ويجب عن ذلك أن يجتمع مركز فلك التدوير بكل واحدة من هاتين النقطتين مرتين فى الدورة الواحدة من أدوار هذا الكوكب فى فلك البروج وهذا المعنى يقف عليه من قرأ كتاب بطلميوس وتبين لمن أراد تصور ذلك بعد إمكانه إذ كان غير ممكن أن يكون كرة واحدة بعينها متحركة بكليتها على الاستدارة عدة أكثر يتحرك على الاستدارة ومراكزها متباينة وبعضها مع ذلك تقاطع البعض فأما كيف تصور نقلة هذا الكوكب على حسب ما وجد بالرصد من غير أن يوضع شيء بعيد عن التصور أو عن الامكان بهذا المثال الذى نمثله لتكن الدائرة التى تنتقل عليها الشمس دائرة ا ب ج د ولتكن الدائرة المائلة التى ترى نقلة هذا الكوكب عليها ا ب ج ه ولتكن دائرة ممر قطب فلك الشمس ك ل م ن قطبها س وهى التى نضعها ممرا لقطب الدائرة التى يمر عليها قطب فلك القمر وكان قطب دائرة ممر قطب فلك القمر منها نقطة ك ودائرة الممر لقطب هذات الفلك ح ط ولتكن القوسان اللتان تمران بنقطتي تقاطع دائرة ا ب ج د و ا ه ج ر ولقطب الكل قوسى ا ص ح و ب ص ل فتكون نقطة ص على قطب الفلك الأعلى الشمالى ولتكن نقطة ا مثلا نقطة الاعتدال الربيعى ولتكن قطب فلك هذا الكوكب من دائرة ح ط على نقطة ط ولأنه من قطبه على ربع دائرة فسيكون بعده عن نقطة ا بقدر البعد الذى بين ط و ك كان بعد ك من نقطة ا مساويا لقوس ص ا التى هى ربع الدائرة وإذا كان ذلك كذلك فيكون القمر على خمسة أجزاء من ا وإلى جهة ز من أجل أن منتهى خروجه عن دائرة البروج إنما يكون بمثل هذه الأجزاء وهو غاية ميل هاتين الدائرتين إحداهما على الأخرى فكأنه على نقطة ب من دائرة ميله فإذا دار الفلك الأعلى دورة على قطب ص وهى اليومية وتحرك بحركته فلك القمر فإن نقطة الاعتدال تعود إلى موضعها وكأنها كانت على نقطة الاستواء وهو ا ل ص ولأن فلك القمر تقصر عن الأعلى كما قلنا التقصير الأول وهو ستة وعشرون درجة واربع وعشرون دقيقة وقريب من نصف دقيقة فإن القمر كان يجب أن يكون تقصيره بعدد هذه الأجزاء من دائرة الميل وذلك نحو نقطة ع ميلا إلا أن فلك القمر يتحرك فى هذا اليوم بنفسه تلقاء حركة الكل متتابعا لحركة الأعلى وعلى قطب ط ثلاثة عشر جزءا وثلاث دقائق فينتقل القمر بحركة فلكه فى هذا اليوم قوس ع ف فيكون القمر على نقطة ف التى هى من نقطة ا الأولى على ثمانية أجزاء وعشرة دقائق وأكثر قليلا من نصف دقيقة ولأن قطب ط منتقل أيضا إلى توالى البروج وخلاف حركة الكل فتقصيره فى دائرة ك ل م ن الثلاثة عشر جزءا والعشر الدقائق ونصف وهذه النقلة للكوكب إنما هى على توالى البروج وأما الأولى التى نحو حركة الكل فعلى الدائرة المائلة فلذلك يرى للقمر نقلة بهذه الأجزاء فى اليوم وهى قوس ن ق ويرى لذلك أن نقطة التقاطع قد انتقلت نحو حركة الكل بعد أن كانت من الكوكب نحو توالى البروج عاد إلى خلاف ذلك منه فقدمته إلى الطلوع من أفق ا ل ص لأجل أن حركة الفلك على قطبيه لنفسه لم يشعروا بها وشعروا ببعد الكوكب عن التقاطع ولأجل أن هذا الفلك تقصر أولا ستة وعشرين جزءا وأربع عشرة دقيقة وقريبا من نصف دقيقة فقطب ط أيضا تقصر مثل هذه الأجزاء إلا أنه تقصر فى دائرة ممره ثلثة عشر جزءا وثلاث دقائق ونصفا وتقصر بتقصير قطب ك ثلاثة عشر جزءا وعشر دقائق ونحوا من نصف دقيقة وأيضا لأن قطب ط تقصر فى دائرة ممره بمقدار نقلة فلكه عليه وذلك ثلاثة عشر جزءا وثلاث دقائق ونصف ويبعد لذلك عن دائرة ك ل م ن ولا يكون عن نقطة ز ويكون بعد نقطة ف من دائرة ا ب ج د يقدر بعد نقطة ن من دائرة ك ل م ن لأن بعد قطب ط من القمر واحد أبدا وهذه نقلة الكوكب فى العرض عن فلك البروج فأما نقلته فى العرض عن معدل النهار فهى بنقلة قطب ك على دائرة ك ل م ن لأن فلك القمر لو كان إنما ينتقل على قطبه على دائرة ك ل م ن لما خرج القمر عن دائرة ا ب ج د ولكانت نقلة القمر والشمس على دائرة واحدة لكنا نرى القمر تارة على دائرة ا ب ج د وتارة خارجا عنها إلى كلتا الجهتين وهذا هو الاختلاف الذى ينسبونه إلى إنحراف فلك التدوير وله أيضا اختلاف آخر بحسب بعد قطب ك من قطب الكل أعنى نقطة ص إذ كان قطب ك إنما يدور حول قطب س فتارة يدنوا قطب ط إلى قطب الكل الذى هو ص وتارة ببعد عنه فإذا كان قطب ط فى أبعد بعده من قطب ص وكان قطب ط من قطب ك إلى جهة معدل النهار كان الكوكب فى غاية بعده فى العرض عن فلك البروج وإذا كان قطب ك فى أقرب القرب من قطب ص وبعد ط من قطب ك إلى ما يلى نقطة ص كان الكوكب فى النهاية الأخرى فى العرض عن فلك البروج وإذا كان قطب ه فى نقطتى ح ط من دائرة ك ل م ن فإن الكوكب يكون على دائرة ا ب ج د فقد استبان كيف تكون نقله هذا الكوكب فى الطول وفى العرض وذلك ما قصدنا وهذه الصورة وأما كيف تختلف نقلة هذا الكوكب بالزيادة والنقصان فذلك يكون على نحو ما بيناه في الكواكب العلوية وذلك أن القمر يشاهد من نقلته في الطول اختلاف بالزيادة والنقصان وإنما ذلك بحسب نقلة قطب فلكه على دائرة ممره في حالتى انتقاله فيها إلى توالى أو إلى خلاف تواليها وإذا كانت هذه الدائرة بعيدة عن قطب الأعلى فتارة يسفل القطب عليها فتقصيره إلى جهة حركة الكل وتارة إلى خلافها بالكوكب والكوكب بلزومه له تظهر منه تلك النقلة فينقص من نقلها حينا وتزتد فيها حينا وإنما تكون نقلة الكوكب متوسطة إذا كان قطبا فلكه عند النقطتين اللتين تقاطع عليهما دائرتا ممر القطبين اللذين بنقلتهما ينتقل الكوكب فى الطول والعرض ولنعد الصورة ليتضح هذه النقلة فيجعل دائرة ك ل م ن على حالها ودائرة الممر لقطب الكوكب ط ح وقطباها بين الدائرتين على ما هما عليه ص ط وقد بينا فيما تقدم أن القطب يتحرك إلى توالى البروج بالتقصير فى النصف الذى من ط إلى ح وينتقل إلى خلاف توالى البروج ونحو حركة الكل من ح إلى ط ومن البىن أن الكوكب للزومه القطب يتغير انتقاله لأجل صعود القطب أو هبوطه فى دائرة ممره فإذا كان القطب متنقلا من جهة ط حيث تكون نقلة الكوكب متوسطة وهو على دائرة البروج فإذا بعد عن ط قليلا صارت نقلة القطب إلى توالى البروج فاجتمعت نقلتا قطبى الفلك وقطب دائرة ممره أعنى ك فكانتا جميعا إلى جهة توالى البروج فتكون نقلة الكوكب من حال إلى حال تزيد إلى أن ينتهى القطب إلى ى ونقلة الكوكب إلى غاية تزيده ثم إذا انتقل القطب عن ى كانت نقلة الكوكب من غاية الزيد إلى حال توسط حتى تنتهى إلى نقطة ح حيث توسط نقلة الكوكب أيضا ثم يكون حاله نقله الكوكب عند انتقال قطبيه من ح إلى ق من حال توسط إلى تنقص إذا كان القطب فى هذا الربع من دائرة ممره إنما ينتقل نحو حركة الكل فينتقص من نقلة الكوكب بقدر ما تقطعه من دائرة ممره التى هى مخالفة لتقصير الكوكب ونقلته وكأنه يرد البعض من نقلته نحو حركة الكل فإذا انتهى القطب إلى ق كانت عند ذلك نقلة الكوكب أصغر ما يكون ثم انتقل القطب من ق إلى نحو ط كان الكوكب منتقلا من غاية صغر النقلة إلى أوسطها فهكذا يختلف نقلة هذا الكوكب بالزيادة والنقصان وذلك ما قصدنا وهذه الصورة وإنما لم يكن هذا الكوكب لا وقوف ولا قهقرة كمثل ما كان للكواكب الأخر المتحيرة فذلك لأجل صغر دائرتى ممر قطبيه ولأن نسبة القوس التى بين قطب دائرة ممره وبين محيطها إلى القوس الخارجة عن محيطها التى ينتهى إلى قطب الكل قد فرضت أصغر من نسبة نقله قطب ك التى هى مساوية لحركة الكوكب الوسطى إلى نقلة قطب هذا الفلك على دائرتى ممره التى هى مساوية أيضا لحركة الفلك الخاص به المسماة حركة الاختلاف ولنمثل لذلك ونترك دائرتى ممري قطبى ط و ك على حالهما فى دائرتى ح ط ك ل وليكن قطب الكل نقطة ص ونمر على ك و ص قوسا من دائرة عظيمة وهى ص ن ك فإذا كانت نسبة قوس ق ك إلى قوس ق ص أصغر من نسبة نقله قطب ك إلى نقله قطب فلك الكوكب أعنى نقطة ط من دائرة ح ط فإنه لايمكن أن يخرج من ص إلى دائرة ح ط قوس يقطع هذه الدائرة إلا وتكون نسبة ما يقع منها فى داخل دائرة ح ط وتنتهى إلى محيط دائرة ك ل إلى ما يقع خارجا عن دائرة ح ط أصغر أبدا من نسبة قوس ق ك إلى قوس ق ص لأن القوس الخارجة عن دائرة ح ط تكون أبدا أعظم من قوس ص ق وكل قوس يقع فى داخل دائرة ح ط يكون أصغر من قوس ق ك لأن ضعف قوس ق ك أعظم القسى الواقعة فى الدائرة إذ كان وترها قطر الدائرة ط ح فتزداد تلك النسبة القسى صغرا مهما خرج من قطب ص قوس أخرى فى دائرة ح ط تنتهى إلى محيط ح ك ط ولا يمكن أن تخرج منها ما يساوى نسبة نقلة قطب ك إلى نقطة قطب ط وأصل ذلك أنا قد قلنا إن قوس ق ك هى نحو من خمسة أجزاء وأما قوس ق ص فإنها تكون نحوا من تسعة عشر جزءا إذا كانت هذه القوس هى فضل الميل على قوس ق ك لأن قوس ك ص مساوية لميل دائرة البروج على دائرة معدل النهار وذلك قريب من أربعة وعشرين جزءا وقوس ك ق نحو من خمسة أجزاء فنسبة اختلاف العظم بين دائرتى ك ل و ح ط بقدر ما بين هاتين القوسين ويكون نسبة الأجزاء من هذه الدائرة إلى الأجزاء من الدائرة الأخرى وإذا قسمت كل واحدة منهما بثلثمائة وستين جزءا بحسب نسبة التفاوت بين محيطها فإذا فرضنا قطب فلك القمر على ق بحيث يكون قوس ق و ثلاثة عشر جزءا وثلاث دقائق وهى ما يقطعه القطب بتقصيره فى دائرة ح ط ونقلته من جهة و إلى جهة ق واخذنا من لدن نقطة ك قوس ك س بقدر ما ينقله قطب ك وذلك ثلاثة عشر جزءا وعشر دقائق وهو المساوي لنقلة الكوكب الوسطى فيفصل أجزاء قوس ك س على أجزاء قوس و ق على نسبة فضل الجزء الواحد من هذه الدائرة العظمة على الجزء من تلك الصغرى وزيادة سبع دقائق من جزء من دائرة ك ل فإذا انتقل القطب من و إلى ق نقص من نقلة الكوكب فى دائرة البروج بقدر نسبة ما رجع به إلى القطب وهو قوس و ق من قوس ك س ويبقى الباقى وهو نقلة الكوكب فى حال بطؤه فغاية قوس و ق أن تنقص من نقلة الكوكب البعض وأما أن تستغرقها حتى يظهر للكوطكب وقوف أو يزيد عليها حتى يظهر للكوكب رجوع فلا يمكن ذلك ولهذا السبب لا يكون لهذا الكوكب وقوف ولا قهقرة بلا اختلاف الزيادة والنقصان حسب وذلك ما قصدنا وهذه الصورة وأما استقصى القول في جزئيات هذه النقلة وسواها من نقلة الكوكب السيارة وتتبع جميع معانى ما لهذه الكواكب من الطلوع والغروب وأوقات ظهوراتها واختفاءاتها ومعرفة حال اجتماعاتها وكسوفاتها وسائر حالاتها مما احتوى عليه كتاب المجسطى فليس يعطيه الوقت ولا تسعدنا فيه جودة البحث إذ نحتاج إلى طول من الزمان واستعانه بذوى بصر بهذا الشأن ولا نعطيه بقية العمر مع عدم الامكان وإنما كان الغرض التنبيه على كيفية الحركة المتيقنة الموجبة للانتقالات المختلفة المتفننة والتعريض بهيئة السماء ممكنة وأصول ثابتة متمكنة من تلك الاوضاع والأصول العسيرة التحصيل البعيدة عن الامكان والقبول ومع ذلك فقد تبين أن حركة جميع الأفلاك لحركة الأعلى تابعة ونقلتها للنقلة الكلية تالية شافعة وإنه ليس يخالف جزء من أجزاء السماء جزءا آخر بنقلته ولا تجرى حركة شيء منه بعكس حركة كليته فقد وفينا من ذلك بما وعدنا وأتينا فيه بما أردنا ولله المن والطول وبه الاعتصام من الخطاء والزلل فى القول والعمل وهذا ما أردت أن أبثه إليك من سرى وأعرضه عليك مما انتهى إليه فكرى وأنت الملى بتأمله بفضلك والناظر إليه بعين عدلك فإن كان فيه تقصير يحتاج أن يكمل أو أن معنى من معانية أخل فسديد نظرك يصلح الخلل فيه ويكمل ما نقص من معناه ويستوفيه وليكن لك البقاء الأسنى الأدوم والعيش الأرضى الأكرم والسلام عليك ورحمة الله وبركاته انتهى بمعونة الله وتوفيقه ونسأله الهداية إلى ما يقرب من رضاه بمنته وكرمته ورحمته وقع الفراغ من نقله آخر يوم الأحد ثامن وعشرين المحرم سنة ثمانين وستمائة وافقه ثالث عشرين بشنس سنة سبع وتسعين وتسع مائة للشهداء وثامن عشر إيار سنة ألف وخمسمائة وإثنين وتسعين للاسكندر ورابع عشر مرداذماه سنة ستمائة وخمسين ليزدجرد علقه لنفسه ثم لمن شاء الله تعالى أبو شاكر بن أبى الفرج إبن أبى المفضل بن أبى إسحاق بن أبى السهل بن أبى اليسر النصارى الكاتب المصرى المعروف بابن العسال نفعه الله به وغفر له ولوالديه للقارئ والسامع ولمن يدعوا له ولكافة الخلائق آمين والحمد لله رب العالم وحسبنا الله تعالى ونعم الوكيل
صفحة غير معروفة