فتح البيان في مقاصد القرآن
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
مكان النشر
صَيدَا - بَيروت
تصانيف
التفسير
العزيز، وكان رسول الله ﵌ يكثر من ذلك في مخاطباته ومواعظه.
قال ابن جرير: وصح ضرب مثل الجماعة بالواحد كما قال (رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت) وقال تعالى: (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا).
(صم): أي عن استماع الحق لأنهم لا يقبلونه، وإذا لم يقبلوه فكأنهم لم يسمعوه والصمم الانسداد (بكم) أي خرس عن النطق بالخير فهم لا يقولونه، والأبكم الذي لا ينطق ولا يفهم، فإذا فهم فهو الأخرس، وقيل الأبكم والأخرس واحد (عمي) أي لا بصائر لهم يميزون بها بين الحق والباطل، ومن لا بصيرة له كمن لا بصر له فهو أعمى، والعمى ذهاب البصر، كانت حواسهم سليمة ولكن لما سدوا عن سماع الحق آذانهم وأبوا أن تنطق به ألسنتهم، وأن ينظروا إليه بعيونهم، جعلوا كمن تعطلت حواسه، وذهب إدراكه كما قال الشاعر: (١)
صم إذا سمعوا خيرًا ذكرت به ... وإن ذكرت بسوء كلهم أذن
(فهم لا يرجعون) أي عن ضلالتهم ونفاقهم.
(١) ومن ذلك قوله مسكين الداري ما ضرَّ جارًا لي أجاوره ... ألا يكون لبابه ستر أعمى إِذا ما جارتي خرجت ... حتى يواري جارتي الخدر وتصمُّ عما بينهم أذني ... حتى يكون كأنه وقر
1 / 99