فتح البيان في مقاصد القرآن
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
مكان النشر
صَيدَا - بَيروت
مناطق
الهند
صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (١٣٨)
(صبغة الله) الخطاب للمسلمين أي قولوا للنصارى المقالة، والمعنى صبغنا الله بالإيمان، قال الأخفش وغيره: أي دين الله وهي فعلة من صبغ كالجلسة من جلس وهي الحالة التي يقع عليها الصبغ، والمعنى تطهير الله، لأن الإيمان يطهر النفوس، انتهى وقال ابن عباس: دين الله، وقال مجاهد: فطرة الله التي فطر الناس عليها، وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال " إن بني إسرائيل قالوا يا موسى هل يصبغ ربك فقال اتقوا الله فناداه ربه يا موسى سألوك هل يصبغ ربك فقل نعم أنا أصبغ الألوان الأحمر والأبيض والأسود والألوان كلها في صبغتي " وأنزل الله على نبيه (صبغة الله) الآية، وعنه صبغة الله البياض.
وقد ذكر المفسرون أن أصل ذلك أن النصارى كانوا يصبغون أولادهم في الماء، وهو الذي يسمونه المعمودية، ويجعلون ذلك تطهيرًا لهم، فإذا فعلوا ذلك قالوا الآن صار نصرانيًا، حقًا، فرد الله عليهم بقوله (صبغة الله) أي الإسلام ولا صبغة أحسن من صبغة الإسلام ولا أطهر وهو دين الله الذي بعث به نوحًا ومن كان بعده من الأنبياء، وسماه صبغة استعارة، قال البغوي: إطلاق مادة لفظ الصبغ على التطهير مجاز تشبيهي، وتقرير المشاكلة هنا مبسوط في التلخيص وشرحه للسعد، وقيل الصبغة الاغتسال لمن أراد الدخول في الإسلام بدلًا من معمودية النصارى (١)، ذكره الماوردي، وقيل الصبغة الختان لأنه يصبغ المختتن بالدم، وقيل الصبغة سنة الله.
(ومن أحسن من الله صبغة) أي دينًا وقيل تطهيرًا لأنه يطهر من أوساخ الكفر (ونحن له عابدون) أي مطيعون.
(١) روى أبو حاتم البستي في صحيح مسنده عن أبي هريرة ﵁: أن ثمامة الحنفي أسر فمر به النبي ﷺ، فبعث به إلى حائط أبي طلحة فأمره أن يغتسل فاغتسل وصلى ركعتين فقال رسول الله ﷺ: حسن إسلام صاحبكم.
1 / 294