288

فتح البيان في مقاصد القرآن

الناشر

المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر

مكان النشر

صَيدَا - بَيروت

مناطق
الهند
فسمي دين إبراهيم حنيفًا لإستقامته، ويسمى معوج الرجلين أحنف تفاؤلًا بالإستقامة كما قيل للديغ سليم، وللمهلكة مفازة، وقال مجاهد: حنيفًا متبعًا، وقال ابن عباس: حاجًا، وعن خصيف قال: الحنيف المخلص، وقال أبو قلابة: الحنيف الذي يؤمن بالرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم.
وأخرج أحمد (١) عن أبي أمامة قال: قال رسول الله ﵌، " بعثت بالحنيفية السمحة " وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد وابن المنذر عن ابن عباس قال: قيل يا رسول الله أي الأديان أحب إلى الله قال " الحنيفية السمحة " ونصب ملة على الإغراء، قاله أبو عبيدة أي ألزموها (وما كان) أي إبراهيم (من المشركين) وفي نفي كونه من المشركين تعريض باليهود لقولهم عزير ابن الله وبالنصارى لقولهم المسيح ابن الله أي أن إبراهيم ما كان على هذه الحالة التي أنتم عليها من الشرك بالله، فكيف تدعون عليه إنه كان على اليهودية أو النصرانية وتدعون أنكم على ملته.

(١) أحمد بن حنبل ٥/ ٢٦٦ ٦/ ١١٦،، ٢٢٢.
البخاري كتاب الإيمان الباب ٢٩ - أحمد بن حنبل ١/ ٢٢٦.
عن أبي أمامة قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ في سرية من سراياه قال فمر رجل بغار فيه شيء من ماء قال فحدث نفسه بأن يقيم في ذلك الغار فيقوته ما كان فيه من ماء ويصيب ما حوله من البقل ويتخلى من الدنيا ثم قال لو أني أتيت نبي الله ﷺ فذكرت ذلك له فإن أذن لي فعلت وإلا لم أفعل فأتاه فقال يا نبي الله إني مررت بغار فيه ما يقوتني من الماء والبقل فحدثتني نفسي بأن أقيم فيه وأتخلى من الدنيا قال فقال النبي ﷺ إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية ولكني بعثت بالحنيفية السمحة والذي نفس محمد بيده لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها ولمقام أحدكم في الصف خير من صلاته ستين سنة.

1 / 290