فتح البيان في مقاصد القرآن

صديق بن حسن القنوجي ت. 1307 هجري
102

فتح البيان في مقاصد القرآن

الناشر

المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر

مكان النشر

صَيدَا - بَيروت

تصانيف

التفسير
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢) وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٣)
(الذي جعل لكم الأرض فراشًا) أي خلق لكم الأرض بساطًا ووطاء مذللة ولم يجعلها حزنة لا يمكن القرار عليها، والحزن ما غلظ من الأرض، " وجعل " هنا بمعنى صير وجاء بمعنى صار وطفق وأوجد، والتصيير يكون بالفعل تارة وبالقول والعقد أخرى، والفراش وطاء يستقرون عليها، واستدل به أكثر المفسرين على أن شكل الأرض بسيط ليس بكروي. (والسماء بناء) أي سقفًا مرفوعًا قيل إذا تأمل المتفكر في العالم وجده كالبيت المعمور فيه كل ما يحتاج إليه فالسماء مرفوعة كالسقف، والأرض مفروشة كالبساط والنجوم كالمصابيح، والإنسان كمالك البيت، وفيه ضروب النبات المهيأة لمنافعه، وأصناف الحيوان مصروفة في مصالحه، فيجب على الإنسان المسخر له هذه الأشياء شكر الله تعالى عليها، والسماء اسم جنس يقع على الواحد والمتعدد، وقيل جمع سماة، والبناء مصدر سمى به المبنى بيتًا كان أو قبة أو خباء، وأصل البناء وضع لبنة على أخرى فجعل السماء كالقبة المضروبة عليهم، والسقف للبيت الذي يسكنونه كما قال (وجعلنا السماء سقفًا محفوظًا). (وأنزل من السماء) يعني السحاب (ماء) يعني المطر (فأخرج به) أي بذلك الماء (من الثمرات) جمع ثمرة (رزقًا لكم) والمعنى أخرجنا لكم ألوانًا من الثمرات وأنواعًا من النبات، ليكون ذلك متاعًا لكم وعلفًا لدوابكم إلى حين، وهو قادر على أن يوجد الأشياء كلها بلا أسباب ومواد كما أبدع نفوس

1 / 104