هذا الباب في كتاب الله كثير من تدبر القرآن طالبا للهدي تبين له طريق الحق منه ومما وصف الرسول به ربه من الأحاديث الصحاح التي تلقاها أهل المعرفة ووجب الإيمان به كما يجب الإيمان بما ورد في القرآن مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا في كل ليلة" 1 إلخ وقوله: "لله أشد فرحا بتوبة عبده من واجد راحلته بعدما فقدها" 2. وقوله: "يضحك الله إلى رجلين أحدهما يقتل الآخر كلاهما يدخل الجنة" 3. متفق عليه وقوله: "عجب ربنا من قنوط عباده" 4. الحديث وقوله: "لا تزال جهنم يلقى فيها فنقول هل من مزيد حتى يضع فيها رب العزة قدمه فينزوي بعضها إلى بعض فتقول قط قط" 5. وقوله: "ما منكم # من أحد إلا سيكلمه ربه عز وجل ليس بينه وبينه حاجب ولا ترجمان" 1. وقوله في رقية المريض: "ربنا الذي في السماء" 2. إلخ قوله: "والعرش فوق ذلك والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه " 3. وقوله للجارية: "أين الله؟ قالت: في السماء" 4. وقوله: "أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيث ما كنت"5. وقوله: "إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه فلا يبصقن قبل وجهه، ولا عن يمينه، ولكن عن يساره أو تحت قدمه" 6. متفق عليه. وقوله لما رفع أصحابه أصواتهم بالذكر قال: "يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنما تدعون سميعا بصيرا، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق # راحلته " 1.متفق عليه، وقوله: "إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون" 2. الحديث.
فإن الفرقة الناجية، -أهل السنة والجماعة- يؤمنون بذلك، كما أخبر الله به في كتابه من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، بل هم الوسط في فرق الأمة، كما أن الأمة هي الوسط في الأمم. وهم وسط في باب صفات الله تعالى، بين أهل التعطيل الجهمية، وأهل التمثيل المشبهة. وهم وسط في باب أفعال الله تعالى، بين القدرية والجبرية. وفي باب وعيد الله، بين المرجئة وبين الوعيدية من القدرية وغيرهم. وفي باب الإيمان والدين، بين الحرورية وبين المعتزلة وبين المرجئة والجهمية. وفي أصحاب رسول الله، بين الروافض وبين الخوارج.
ومن الإيمان بالله وكتبه: أن القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، ولا يجوز إطلاق القول بأنه حكاية من كلام، أو عبارة، بل إن قرأه الناس أو كتبوه في المصاحف لم يخرج بذلك من أن يكون كلام الله سبحانه حقيقة؛ فإن الكلام إنما يضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئا لا إلى من قاله مبلغا مؤديا، وهو كلام الله حروفه ومعانيه، ودخل في الإيمان به وبكتبه وبرسله الإيمان بأن المؤمنين يرونه يوم القيامة عيانا بأبصارهم. ومن الإيمان باليوم الآخر: الإيمان بكل ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت، فيؤمنون بفتنة القبر، وبعذاب القبر، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت، والمرتاب يقول:
صفحة ٩٠