ويتشعب من الأمر الشرعي الذي أمر به الله تعالى أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وإن كان أمره صلى الله عليه وسلم مما أمره الله تعالى، كما قال تعالى: {وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة} . [النساء: 113] . قيل : الكتاب: القرآن، والحكمة: السنة. قال تعالى: {والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} . [النجم: 1-4] . فأنا أذكر بعضا من أحاديثه التي تدل على الأمر بالتوحيد، وحسنه، وفضله. وعن النهي عن الشرك، وقبحه، لاجتماع الوحيين ودلالتهما على المقصود صريحا، واندحاض الباطل، وارتداع الملحد، وانقماع البدع. فمن بيانه صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد: ما خرج البخاري في صحيحه، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عمرو بن شراحبيل، قال: قال عبد الله: قال رجل يا رسول الله، أي الذنب أكبر؟ وفي حديث آخر: أعظم؟ قال: "أن تجعل لله ندا وهو # خلقك" قال: ثم أي؟ قال: "أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك" قال: ثم أي؟ قال: " أن تزاني حليلة جارك" 1. وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف بغير الله فقد أشرك" 2. رواه الترمذي وحسنه. وروى أبو داود وغيره، عن ابن مسعود "إن الرقى والتمائم والتولة شرك" 3.وعن ابن مسعود مرفوعا: "الطيرة شرك وما منا إلا يذهبه الله بالتوكل" 4 رواه الإمام أحمد بأبسط من هذا فقال: ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن يحيى بن الخراز، عن ابن أخي زينب، عن زينب امرأة ابن مسعود قالت: كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح، وبزق، أن يهجم منا على شيء يكرهه. قالت: وإنه جاء ذات يوم وتنحنح، قالت: وعندي عجوز ترقيني من الحمرة، فأدخلتها تحت السرير، قالت: فدخل، فجلس إلى جانبي، فرأى في عنقي خيطا، فقال: ما هذا الخيط؟ قالت: خيط أرقى لي فيه، فأخذه فقطعه، ثم قال: إن آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الرقى والتمائم والتولة شرك". قلت: لم تقول هذا وقد كانت عيني تقذف، فكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيها، وكان إذا رقاها سكنت؟ قال: إنما ذاك من الشيطان، كان ينسخها بيده فإذا رقيتيها كف عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أذهب البأس رب الناس # اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما" 1. وفي حديث آخر رواه الإمام أحمد عن وكيع عن ابن أبي ليلى عن عيسى بن عبد الرحمن قال: "دخلت على عبد الله بن عكيم وهو مريض نعوده، فقيل له: لو تعلقت شيئا، قال: أتعلق شيا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من علق تميمة فقد أشرك" 2. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله: أنا أغني الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك معي غيري تركته وشركه" 3. رواه مسلم. وعن أبي سعيد بن أبي فضالة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه ينادي مناد: من كان أشرك في عمل عمله لله فليطلب ثوابه من عند غير الله فإن الله أغنى الشركاء" 4. رواه الإمام أحمد. وقال الإمام أحمد: ثنا يونس، ثنا ليث، عن يزيد -يعني ابن الهاد- عن عمرو، عن محمود بي لبيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر" قالوا: وما الشرك الأصغر؟ قال: "الرياء يقول الله تعالى يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤن في الدنيا فانظروا هل ترون عندهم # الجزاء" 1. وللإمام أحمد عن ابن مسعود مرفوعا "من ردته الطيرة حاجته فقد أشرك" قالوا: يا رسول الله ما كفارة ذلك؟ فقال: "أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك" 2. وللإمام أحمد عن أبي موسى أنه خطب فقال: أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل، فقام عبد الله بن حزن، وقيس بن المضارب فقالا: لتخرجن مما قلت، أو لنأتين عمر مأذون لنا أو غير مأذون. قال: بل أخرج مما قلت خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : "أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل " فقال له من شاء الله أن يقول: كيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال: "قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه" 3. وقد روي من وجه آخر أن السائل هو الصديق. وعن أبي هريرة قال: قال أبو بكر: يا رسول الله علمني شيئا أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعي. قال: "قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه" 4. رواه أبو داود والترمذي، والنسائي، وصححه.
صفحة ٧٦