فتاوى ابن الصلاح
محقق
موفق عبد الله عبد القادر
الناشر
مكتبة العلوم والحكم وعالم الكتب
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٧ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
الفتاوى
@ الْأَرْبَعين الَّتِي تَركهَا ورد الْوَصِيَّة فِيهَا فَالَّذِي جرى نَافِذ صَحِيح وَلَيْسَ للْوَصِيّ الاسترجاع وَلَا للْمُوصي لَهُ الْمُطَالبَة بِتمَام التسعين وَإِن كَانَ قد قبل الْوَصِيَّة بكمالها فِي جملَة التسعين ثمَّ صَالحه على الْخمسين فَهَذَا صلح حطيطه وابراء عَن دين لِأَن هَذِه الدَّرَاهِم قد صَارَت دينا فِي التَّرِكَة ثَابتا لِأَنَّهَا دَرَاهِم مُطلقَة غير مُعينَة وَهَذَا حَقِيقَة الدّين وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَينْظر فَإِن قَالَ أدفَع إِلَيْك الْخمسين بِشَرْط أَن تسْقط الْأَرْبَعين أَو أَتَى بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ من الْأَلْفَاظ الَّتِي تَقْتَضِي جعل الأسقاط مُعَلّقا على الدّفع بِأَن يَقُول اسقطت بِشَرْط أَن تدفع الْآن خمسين درهما فَلَا تسْقط الْأَرْبَعُونَ عِنْد هَذَا وَله الْمُطَالبَة بهَا وَوَقعت الْخَمْسُونَ موقعها لِأَنَّهُ يَسْتَحِقهَا وَإِن لم يَجْعَل أَحدهمَا شرطا فِي الآخر بِأَن يَقُول إدفع إِلَى الْخمسين وَأَنا أسقط الْبَاقِي أَو مَا أشبهه نَقْدا فَهَذَا صَحِيح وَلَيْسَ للْمُوصي لَهُ الْمُطَالبَة بالأربعين وَهُوَ منزل منزلَة إِسْقَاط الدّين بعد ثُبُوته وَلَا يخرج على الْخلاف فِيمَا لَو رد الْوَصِيَّة بعد الْقبُول فَإِن هَذَا لَيْسَ برد لَهَا بل إِسْقَاط يتَضَمَّن الثُّبُوت يُنَافِيهِ الرَّد هَكَذَا لَو جرى ذَلِك بِلَفْظ الْمُصَالحَة فَينزل على الْمحمل الثَّانِي تَرْجِيحا لمحمل الصِّحَّة هَذَا هُوَ الْأَظْهر
وَأما استرجاع الْوَصِيّ مَا سلم فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ إِن كَانَ مَا صَالح بِهِ من التَّرِكَة فقد سبق بَيَان أَن الْخمسين وَاقعَة موقعها على التقارير كلهَا وَإِن كَانَ من كَسبه فَهُوَ صلح من الْوَصِيّ عَن دين ثَابت فِي التَّرِكَة وَصلح الْأَجْنَبِيّ عَن دين غَيره نَافِذ فِي الظَّاهِر وَأما فِي الْبَاطِن فَإِن كَانَ بطرِيق الْوكَالَة أَو على سَبِيل قَضَاء دين الْغَيْر فَهُوَ صَحِيح فِي الْبَاطِن أَيْضا وَإِن قصد الْمُعَاوضَة فَهُوَ بيع الدّين من غير من عَلَيْهِ وَلَو صَحَّ على أحد الْوَجْهَيْنِ لم يَصح هَا هُنَا لانْتِفَاء البقبض فَإِنَّهُ لَا يَصح قَبضه من نَفسه لنَفسِهِ فَيكون الصُّلْح على هَذَا التَّقْدِير فَاسِدا لَكِن لَا تسمع مِنْهُ دَعْوَى فَسَاد التَّصَرُّف فِي مثل هَذَا بعد مُبَاشَرَته لَهُ لَا سِيمَا وَهُوَ هَا هُنَا دَعْوَى عقد مُعَاوضَة وَالْأَصْل عَدمه وَالله أعلم
2 / 409