ومن مِنّة الله عليّ أن وفقني لخدمة كتب التراث، والتمرس عليها: تحقيقًا، وضبطًا، وتعليقًا .. ومن جملة ما وقع اختياري عليه هذا المؤلَّف النفيس، المسمى "الكتاب الفريد في إعراب القرآن المجيد" للحافظ المنتجب الهمذاني، والذي وصفه الإمام الزركشي - كما قرأتَ على صفحة الغلاف - بأنه من أحسن الكتب في إعراب القرآن الكريم. ولهذا شرعت - بعد أن تحصّلتُ على بعض مخطوطاته - بتحقيقه تمهيدًا لطبعه ونشره، وسار العمل في البداية حثيثًا، إلا أنني وبعد أن قطعت شوطًا في ذلك، ألفيت الكتاب مطبوعًا محققًا كأطروحة لنيل شهادة (الدكتوراة) مقدَّمة من قبل طالبَين، فأزمعت التوقف، وقررت الإمساك عن إتمام ما بدأت به، داعيًا الله بأن يخلفني خيرًا منه.
إلا أنه وبعد حين من الزمان عنّ لي أن أرجع إلى الكتاب، وأستخرج ما في كنوزه من الإعراب، فوجدت العجب العجاب، وجدت كتابًا ممسوخًا، فيه سقط كثير، وتحريف كبير، وتصحيف ونقص لم تسلم منه آيات الكتاب العزيز نفسُها، مما أساء إلى الكتاب ومؤلفه إساءة كبيرة.
وإني إذ أذكر ما سوف أذكر، لا أقصد نيلًا من أحد، ولا ثلبًا لشخص، ولكنها الأمانة العلمية، والعهد المأخوذ علينا بتبيانه للناس.
ثُمَّ إن هذه الأخطاء لا تليق بطالب العلم، فضلًا عن أهل التخصص، وأصحاب الصناعة، وليتق الله طلبة هذا الزمان، والمشرفون عليهم، وأصحاب دور النشر، في صون هذا التراث، وإخراجه كما أراده أصحابه: سليمًا، صحيحًا، دون تحريف أو تزييف، وإلى الله المشتكى.
وحتى لا يكون كلامي جزافًا، أو ضربًا من الخيال والمبالغة، أو قولًا بلا دليل، أسوق إليك أيها القارئ الكريم بعض أخطاء تلك الطبعة التي لا يمكن السكوت عنها بحال، ألخصها بما يلي:
1 / 6