الفرج بعد الشدة
محقق
عبود الشالجى
الناشر
دار صادر، بيروت
سنة النشر
1398 هـ - 1978 م
قصة آدم عليه السلام
وقد ذكر الله تعالى، فيما اقتصه من أخبار الأنبياء، وشدائد ومحنا، استمرت على جماعة من الأنبياء عليهم السلام، وضروبا جرت عليهم من البلاء، وأعقبها بفرج وتحفيف، وتداركهم فيها بصنع جليل لطيف.
فأول ممتحن رضي، فأعقب بصنع خفي، وأغيث بفرج قوي، أول العالم وجودا، آدم أبو البشر، صلى الله عليه، كما ذكر، فإن الله خلقه في الجنة، وعلمه الأسماء كلها، وأسجد له ملائكته، ونهاه عن أكل الشجرة، فوسوس له الشيطان، وكان منه ما قاله الرحمن في محكم كتابه: {وعصى آدم ربه فغوى {121} ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى {122} } [طه: 121-122] .
هذا بعد أن أهبطه الله إلى الأرض، وأفقده لذيذ ذلك الخفض، فانتقضت عادته، وغلظت محنته، وقتل أحد ابنيه الآخر، وكانا أول أولاده.
فلما طال حزنه وبكاؤه، واتصل استغفاره ودعاؤه، رحم الله عز وجل تذلله وخضوعه، واستكانته ودموعه، فتاب عليه وهداه، وكشف ما به ونجاه.
فكان آدم عليه السلام، أول من دعا فأجيب، وامتحن فأثيب، وخرج من ضيق وكرب، إلى سعة ورحب، وسلى همومه، ونسي غمومه، وأيقن بتجديد الله عليه النعم، وإزلته عنه النقم، وأنه تعالى إذا استرحم رحم.
فأبدله تعالى بتلك الشدائد، وعوضه من الابن المفقود، والابن العاق الموجود، نبي الله شيث صلى الله عليه، وهو أول الأولاد البررة بالوالدين ووالد النبيين
صفحة ٦٥