كتاب فلاح السائل من تأليفات السيد الإمام العالم العامل الفقيه العلامة الورع رضى الدين ركن الاسلام أبو القاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس قدس الله نفسه المتوفى سنة 664
صفحة ١
بسم الله الرحمن الرحيم يقول السيد الإمام العالم الحبر العامل الفقيه الكامل الصدر صدر العلماء جمال العارفين رضى الدين ركن الاسلام قدوة العباد والزهاد شرف المجتهدين أفضل الشرفا أكمل السادة ذو الحسبين أبو القاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس العلوي الحسيني أكمل الله لديه فضله وكرم فرعه وأصله.
احمد الله بلسان وجنان وجودهما من وجود المولى المعبود و موادهما من كرم ذلك المالك المحمود واعترف له بالمنة جل جلاله على اطلاق لساني بحمده وعلى تأهيلي للثناء على مقدس مجده.
واجد قلبي وعقلي في ذل الخجالة على ما ضيعنا من حقوق تلك الجلالة وكيف تركا لي لسانا وجنانا يشتغلان بغير وظايف تحميده ومترادف تمجيده.
وأراهما بلسان الحال يبكيان ويندبان على زمان أو مكان ضاع في الاشتغال بغيره جل جلاله عنه ويتوسلان بمراحمه ومكارمه في طلب العفو منه ويسمعان من لسان حال عموم ذلك الكرم والاحسان بيان ملاطفة الموافقة والمعاتبة على ما جرى منهما من المفارقة والمجانبة وكانا جاحدين ان يقال لهما ان الحمد وظيفة من كان في حال حمده
صفحة ٢
سليما من قيود سوء الآداب ومشغولا بالمراقبة لمولاه مالك يوم الحساب فاما من لا يخلو من اهمال حق حرمة اطلاعنا عليه ومن الاشتغال بغيرنا عن ملاحظة دوام احساننا إليه إذا انطق بحمدنا فليس على وجه حمده برهان المعرفة بهيبة جلالنا ولا ذل العبودية لاقبالنا ولا خضوع التعظيم لعظمة سلطاننا ولا اثر الخوف من معرفته بالتقصير في حقوق احساننا فوظيفة مثل ذلك المملوك السقيم الاشتغال بطلب العفو من المالك الرحيم الحليم الكريم والا فقد ضيع أوقات طهارة قلبه وجنانه ولسانه واشتغل عن احساننا وشأننا بشأنه ويضيع الان الوقت الثاني بالتواني والأماني وترك الاستدراك فما يؤمنه ان بقى على ذلك من خطر الهلاك.
واشهد ان لا اله إلا هو شهادة صدرت إلى مملوكه عن جوده وشرفه بها على من لم يعرفها من ساير مماليكه وعبيده واشهد ان جدي محمدا عبده ورسوله أشرف الخواص واعرف من خلع عليه جل جلاله خلعة الاختصاص صلى الله عليه وعلى آله أفضل صلوات تبلغ به وبهم أكمل نهايات الغايات.
واشهد ان الله جل جلاله قطع بحججه العقلية والنقلية حجج الخلايق ولطف بالعباد برؤساء وشهداء يحتج بهم على من يحتج عليه من أهل المغارب والمشارق وأودعهم ما يحتاج المكلفون منهم إليه وكشف برحمته وجوده عن آيات باهرات وبينات نيرات تهدى إلى من اعتمد في الرياسة عليه لا يشتبه معدنها ومكانها ولا يخفى نورها وبرهانها على كل من صدقه جل جلاله في قوله الذي وعاه ورعاه العارفون وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون.
فإنه إذا كان مراده جل جلاله من خلقكم سعادتهم بمعرفته وعبادته
صفحة ٣
وتشريفهم بخدمته ومراقبته وكان آرائهم وأهوائهم مفسدة لتدبيره كما نطق به كتابه المصون في قوله جل جلاله ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السماء والأرض ومن فيهن بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون وجب ان يكون لهم ما يمنع أهوائهم من الفساد ويقمع آرائهم عن هلاك أنفسهم والعباد على كمال صفات الحق الذي لو اتبع أهوائهم لفسدوا وهذه صفة المعصوم الذي يلزمهم ان يهتدوا به ويقتدوا وكيف تكون آرائهم وأهوائهم كافية في تدبير أمور الدنيا والدين وهو جل جلاله يقول ولا يزالون مختلفين.
ولقد أوضح جل جلاله بما استدرك على بعض اختيارات جماعة من الأنبياء والمرسلين ان من يكون دون المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين لا يقوم الحجة باختيارهم على الكشف واليقين كما جرى لآدم عليه السلام في اختياره الاكل من الشجرة بما تضمنه صريح الآيات وجرى لداود عليه السلام فيما نطق به القرآن في بعض المحاكمات وما جرى لموسى عليه السلام في اختياره سبعين رجلا من قومه للميقات فإذا كان هذا اختيار أنبياء قد بلغوا من المكاشفات والعنايات غايات ونهايات وقد احتاجوا إلى استدراك الله جل جلاله عليهم بل لهم في بعض المقامات.
فكيف يكفي تدبير من هو دونهم في كمال التدبيرات والإرادات وإذا اعتبرت اختلاف أهل الأمانة والورع والاجتهاد من ساير فرق المسلمين العلماء منهم والزهاد وجدتهم مختلفين في تفسير أكثر مراد الله جل جلاله من آيات الكتاب والسنن والآداب وعلمت ان كثيرا من المختلفين في هذه الأسباب ما عاندوا ولا كابروا في ترك الصواب وانما كثر الآيات والروايات محتملات لبعض ما وقع من اختلاف التأويلات.
صفحة ٤
وظهر لك بذلك ان كنت قابلا للالطاف أو مريدا للانصاف ان اختيارات العباد غير المعصومين لا تقوم بها الحجة البالغة عليهم لسلطان العالمين وانها لا تكفيهم في أمور الدنيا وحفظ الدين وانه لابد من رئيس يتولى الله جل جلاله بلطفه وعطفه تهذيب اختياره وتأديب أسراره وتكميل صفاته ويكون هو جل جلاله من وراء حركات ذلك المعصوم وسكناته يمدها بالعنايات الباطنة والظاهرة ويرعاها بالهدايا المتناصرة كما كان من وراء تدبير الأنبياء والمرسلين ومن وراء تدبير من جعله رسولا من الملائكة والمقربين وهذا واضح لا يخفى على ذوي الألباب.
ويكون ذلك المعصوم هو الحجة لسلطان يوم الحساب وقوله وفعله عليهم السلام هو القدوة التي لا تحتمل اختلاف التأويلات وهو الكاشف عن مراد الله جل جلاله بالآيات والروايات.
وبعد فإنني لما رأيت بما وهبني الله جل جلاله من عين العناية الإلهية في مرأت جود تلك المراحم والمكارم الربانية كيف أنشأني ورباني وحملني في سفن النجاة على ظهور الاباء وأودعني في البطون وسلمني مما جرى على من هلك من القرون وهداني إلى معرفته وهو ربى الذي يقول للشئ كن فيكون ونظرت به جل جلاله في معنى تاريخ ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون وعرفني مراده جل جلاله منى وكاشفني عقلا ونقلا عما يرضيه عنى وجدت المنة له جل جلاله في هدايتي بسعادتي في اخلاص العبادة لذاته من غير تعلق خاطر بطلب هباته أو خوف نقماته.
وتيقنت انه جل جلاله ملك حياتي ولم يزل أحق بها منى وكان جل جلاله اهلا لان يشغلني عظم جلاله واقباله عنى وهل كان للألباب
صفحة ٥
عدول عن هذا الباب لان معرفة ذاته وصفاته ولزوم أدب حضرة وجوده ومراداته ومناجاته كانت قبل المعرفة بالثواب والعقاب.
فكل عاقل عارف بهذه الأسباب يعبده لأنه جل جلاله أهل للعبادة وهل كان ذلك الكمال والجلال يحتاج إلى بذل رشوة من ثواب أو تخويف من عقاب عند المعترفين له بحق الملكة والسيادة.
حوشي ذلك المالك الأعظم والمقام المعظم من أن لا يرغب مملوكه في حبه وقربه وخدمته إلا بالرشوات بل يجب على مماليكه ان يبذلوا المجهود في قبولهم وتأهيلهم للخدمات والعبادات.
فالعقول السليمة مشغولة بما لزمها بمعفرته من حق انشائه وتربيته وهدايته ومغرمة بحفظ حرمة وجوده وهيبته ومتشرفة بما خلقها له من طلب كمال معرفته وعبادته.
ولقد وجدت من السعادة والاقبال بهدايته جل جلاله وما عرفني من ملاطفته ومكاشفته ولذة مشافهته المنزهة عن كل ما لا يليق بكمال ربوبيته ما لا أقدر على وصفه بمقال.
ألا ترى ان كل ملك وسلطان إذا بالغ مع مملوكه في الاحسان أدخله حضرة وجوده وشرفه تارة في الاذن له في الخطاب وتارة بالجواب.
ولقد كان بعض العارفين يكثر الخلوات فقيل له اما تستوحش لمفارقة الأهل والجماعات فقال انا جليس ربى ان أحببت ان يحدثني تلوت كتابه وإذا أحببت ان أحدثه دعوته وكررت خطابه.
قلت انا وكم من مطلب عزيز وحصن حريز في الخلوة بمالك القلوب وكم هناك من قرب محبوب وسر غير محجوب.
فلما رأيت فوائد الخلوة والمناجاة وما فيها من مراده لعبده من
صفحة ٦
العز والجاه والظفر بالنجاة والسعادات في الحياة وبعد الوفاة وجدت في المصباح الكبير الذي صنفه جدي لبعض أمهاتي أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله شيئا عظيما من الخير الكثير.
ثم وقفت بعد ذلك على تتمات ومهمات فيها مراد من يحب لنفسه بلوغ غايات ولا يقنع بالدون ولا يرضى بصفقة المغبون.
وعرفت ان لسان المالك المعبود يقول لكل مملوك مسعود أي عبدي قد قيدت السابقين من الموقنين والمراقبين والمتقين وأصحاب اليمين يأملون فلا يقدرون على زيادة الدرجات الان وأنت مطلق في الميدان فما يمنعك من سبقهم بغارة الامكان أو لحاقهم في مقامات الرضوان فعزمت ان اجعل ما اختاره بالله جل جلاله مما رويته أو وقفت عليه وما يأذن جل جلاله في اظهاره من أسراره (كما يهديني إليه وما أجده من كيفية الاخلاص وما يريه الله جل جلاله لعقلي وقلبي من مقامات الاختصاص وما ينكشف لي بلطف مالك الكشف من عيوب الأعمال واحضار الغفلة والاهمال وما لم يخطر الان على بالي معناه ولا يحضرني سره وفحواه واجعل ذلك كتابا مؤلفا اسميه كتاب مهمات في صلاح المتعبد وتتمات لمصباح المتهجد أقول نسخه بدل) وما هداني إليه كتابا مؤلفا اسميه كتاب تتمات مصباح المتهجد ومهمات في صلاح المتعبد وها انا مرتب ذلك بالله جل جلاله في (عدة مجلدات يحتسب ما أرجوه من المهمات والتتمات.
المجلد الأول اسميه كتاب فلاح السائل في عمل يوم وليله وهو مجلدان.
والمجلد الثالث اسميه زهرة الربيع في أدعية الأسابيع.
صفحة ٧
والمجلد الرابع اسميه كتاب جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع.
والمجلد الخامس اسميه كتاب الدروع الواقية من الاخطار فيما يعمل مثله كل شهر على التكرار.
والمجلد السادس اسميه كتاب المضمار للسباق واللحاق بصوم شهر اطلاق الأرزاق وعتاق الأعناق.
والمجلد السابع اسميه كتاب السالك المحتاج إلى معرفة مناسك الحجاج.
والمجلد الثامن والتاسع أسميهما كتاب الاقبال بالاعمال الحسنة فيما نذكره مما يعمل ميقاتا واحد كل سنة.
والمجلد العاشر اسميه كتاب السعادات بالعبادات التي ليس لها وقت محتوم معلوم في الروايات بل وقتها بحسب الحادثات المقتضية والأدوات المتعلقة بها وإذا أتم الله جل جلاله هذه الكتب على ما أرجوه من فضله رجوت بان كل كتاب منها لم يسبقني فيما اعلم أحدا إلى مثله ويكون من ضرورات من يريد قبول العبادات والاستعداد للمعاد قبل الممات نسخه بدل) اجزاء.
الجزء الأول اسميه كتاب فلاح السائل ونجاح المسائل في عمل يوم وليله.
والجزء الثاني اسميه كتاب زهرة الربيع في أدعية الأسابيع.
والجزء الثالث اسميه كتاب الشروع في زيارات وزيادات صلوات ودعوات الأسبوع في الليل والنهار ودروع واقية من الاخطار فيما يستمر عمله في كل على التكرار.
صفحة ٨
والجزء الرابع اسميه كتاب الاقبال بالاعمال الحسنة فيما يعمل مرة واحدة في كل سنة.
والجزء الخامس اسميه كتاب أسرار الصلوات وأنوار الدعوات أو كتاب مختار الدعوات واسرار الصلاة وهذا الجزء الخامس ان اذن الله جل جلاله في تأليفه فإنني أصونه مدة حياتي إلا ان يأذن من له الاذن في بذله لاحد قبل وفاتي.
يقول السيد الإمام العالم العامل الفقيه الفاضل العلامة الكامل المحقق التقى رضى الدين ركن الاسلام جمال العارفين أفضل السادة قدوة المجتهدين أبو القاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس الحسيني بلغه الله أمانيه وكب أعاديه.
اعلم انني أروي فيما أذكر من هذا الكتاب روايات وطريقي إليها من خواص أصحابنا الثقات وربما يكون في بعضها بين بعض الثقات المشار إليهم وبين النبي صلى الله عليه وآله أو أحد الأئمة صلوات عليهم رجب رجل مطعون عليه بطعن من طريق الآحاد أو يكون الطعن عليه برواية مطعون عليه من العباد وبسبب محتمل لعذر للمطعون عليه يعرف ذلك السبب أو يمكن تجويزه عند أهل الانتقاد وربما يكون عذري أيضا فيما أرويه عن بعض من يطعن عليه انني أجد من اعتمد عليه من ثقات أصحابنا الذين أسندت إليهم عنه أو إليه عنهم قد رووا ذلك عنه ولم يستثنوا تلك الرواية ولا طعنوا عليها ولا تركوا روايتها فاقبلها منهم وأجوز ان يكون قد عرفوا صحة الرواية المذكورة بطريقة أخرى محققة مشكورة أو رأوا عمل الطائفة عليها فاعتمدوا عليها أو يكون الراوي المطعون على عقيدته ثقة في حديثه وأمانته.
صفحة ٩
فقد يكون في الكفار من هو ثقة في نقل ما يحكيه من الاخبار كما اعتمد علماء أهل الاسلام على اخبار أطباء أهل الذمة في اخبارهم بما يصلح لشفاء الأسقام.
ولولا المانع الذي منع من الاعتماد على رواية من خرج عن عموم لفظ الاتباع لأهل البيت أو لبعضهم بالكلية عليهم أفضل السلام لقد كان يمكن العمل برواية كل من عرف منه الصدق والأمانة في حديثه من ساير فرق الاسلام.
أقول ومن أعذاري في بعض ما أرويه من رواية وان كان في بعض رجالها مطعون عليه ان أصحاب الأئمة عليهم السلام كانوا في زمن تقية شديدة فيمكن ان يظهر أحدهم خلاف ما تنطوي غريزته عليه اما في أكثر زمان أو في بعض وقته لضرورة اباحته لتعذر امكانه وربما ساغ اظهار عقيدة قالها على سبيل التقية فيظهر ذلك عنه ولعله يعتذر عنها فلا يقبل بعض من يسمع العذر.
أقول ومن العذر في نقل حديث في رواية من ينقل الطعن عليه انني وجدت ذلك الطعن عن غير معصوم وعن معصوم لم يثبت اسناد الطعن إليه فان الطعن يحتاج إلى شهادة ثابتة مرضية في الشريعة المحمدية صلى الله عليه وآله أو طريق يكون عذرا واضحا عند الجلالة الإلهية.
أقول ومن الاعذار انني وجدت ان الانسان قد يغضب على واحد في الأزمان فيقول عنه في حال غضبه غير ما كان اما على عمد أو نسيان ثم يشيع ذلك حتى يعتقد أو يظن كثير من السامعين ان ذلك حق وانه على اليقين ثم ينكشف بعد هذا لبعض من يستكشف عنه انه ما كان شئ من ذلك قد وقع منه وربما اعترف الذي قال في حال غضبه بأنه أخطاء
صفحة ١٠
في الطعن والمقال فيعرف ذلك منه من سمع اعترافه ويبقى ما سمع من الاعتراف على اعتقاد ذلك الطعن الأول وهذا رأينا في كثير من الأحوال.
أقول ومن الاعذار انني رأيت الله جل جلاله وخواص عباده وكل من اعتبرت حال أعدائه وحساده فما وجدت أحدا منهم يسلم ان يقال عنه ما لم يكن وقع عنه فوجب ترك الطعن إلا بيقين أو ما يقوم مقامه واضحا كالشمس مقطوعا على سلامة الطعن من الغلط واللبس.
أقول وهذا يكفي في الجواب عن الطعن في الأمور للظواهر و اما العقائد فان الطعن على فسادها يحتاج ان يعلم ذلك يقينا من جانب صادق من الله جل جلاله العالم بالسرائر.
أقول ومن الاعذار انني ان ذكرت شيئا من الروايات مطعونا على بعض رواته فإنه قد يكون لي طريق اخر إلى ذلك الحديث غير الطريق الذي قلته عن المطعون عليه في منقولاته اما طريق إلى الامام المعصوم غير ذلك الطريق أو طريق إلى غيره من الحجج في مثل الحديث المشار إليه أو طريق إلى الرجل الثقة الذي روى المطعون عليه عنه فإنني ما أذكر إلا مالي مخرج عنه.
أقول ولو لم يكن من العذر الواضح والمخرج الصالح في كل ما يكون في هذا الكتاب من رواية عن من روى عنه مطعن بسبب من الأسباب أو حديث لم يذكر اسناده لبعض الاعذار إلا ما رويت عن جماعة من ذوي الاعتبار وأهل الصدق في نقل الآثار باسنادهم إلى الشيخ المجمع على عدالته أبى جعفر محمد بن بابويه تغمده الله برحمته فيما رواه من كتاب ثواب الأعمال عن صفوان بن يحيى المتفق على ورعه وأمانته عن
صفحة ١١
أبي عبد الله صلوات الله عليه انه قال من بلغه شئ من الخير فعمله كان له اجر ذلك وان كان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يقله.
ومن ذلك ما رويته بعدة طرق إلى الشيخ الممدوح المجمع عليه محمد بن يعقوب الكليني رضوان الله جل جلاله عليه في كتاب الكافي في باب من بلغه ثواب من الله تعالى على عمل فصنعه فقال ما هذا لفظه.
على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال من سمع شيئا من الثواب على شئ فصنعه كان له وان لم يكن على ما بلغه.
ومن ذلك باسنادنا أيضا إلى محمد بن يعقوب الكليني عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن عمران الزعفراني عن محمد بن مروان قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول من بلغه ثواب من الله عز وجل على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أوتيه وان كان لم يكن الحديث كما بلغه.
أقول وسمعت من يذكر طعنا على محمد بن سنان لعله لم يقف على تزكيته والثناء عليه وكذلك يحتمل أكثر الطعون.
فقال شيخنا المعظم المأمون المفيد محمد بن محمد بن النعمان في كتاب كمال شهر رمضان ما هذا لفظه على أن المشهور عن السادة عليهم السلام من الوصف لهذا الرجل خلاف ما به شيخنا اتاه ووصفه والظاهر من القول ضد ما له به ذكر كقول أبي جعفر عليه السلام كما رواه القمي قال دخلت على أبي جعفر عليه السلام في اخر عمره فسمعته يقول جزى الله محمد بن سنان عنى خيرا فقد وفى لي وكقوله عليه السلام فيما رواه على بن الحسين بن داود قال سمعنا أبا جعفر عليه السلام يذكر محمد بن سنان بخير ويقول
صفحة ١٢
رضي الله عنه برضائي عنه فما خالفني ولا خالف أبى قط.
هذا مع جلالته في الشيعة وعلو شأنه ورياسته وعظم قدره ولقائه من الأئمة عليهم السلام ثلاثة وروايته عنهم وكونه بالمحل الرفيع منهم أبو إبراهيم موسى بن جعفر وأبو الحسن على بن موسى وأبو جعفر محمد بن علي عليهم أفضل السلام ومع معجزة أبى جعفر عليه السلام الذي أظهرها الله تعالى وآتيه التي أكرمه بها فيما رواه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ان محمد بن سنان كان ضرير البصر فتمسح بابي جعفر الثاني عليه السلام فعاد إليه بصره بعد ما كان افتقد.
أقول فمن جملة اخطار الطعون على الأخيار ان يقف الانسان على طعن ولم يستوف النظر في اخبار المطعون عليه كما ذكرناه عن محمد بن سنان رحمة الله عليه فلا يجعل طاعن في شئ مما أشرنا إليه أو يقف من كتبنا عليه فلعل لنا عذرا ما اطلع الطاعن عليه.
أقول ورويت باسنادي إلى هارون بن موسى التلعكبري (ره) باسناده الذي ذكره في أواخر الجزء السادس من كتاب عبد الله بن حماد الأنصاري ما هذا لفظه أبو محمد هارون بن موسى قال حدثنا محمد بن همام قال حدثنا الحسين بن أحمد المالكي قال قلت لأحمد بن هليل الكرخي اخبرني عما يقال في محمد بن سنان من امر الغلو فقال معاذ الله هو والله علمني الطهور وحبس العيال وكان متقشفا متعبدا.
وقال أبو على بن همام ولد أحمد بن هليل سنة ثمانين ومأة ومات سنة سبع وستين ومأتين.
أقول وربما لا أذكر أول طريقي في كل حديث من هذا الكتاب لئلا يطول ويكفي انني أذكر طريقي إلى رواية كلما رواه جدي السعيد
صفحة ١٣
أبو جعفر الطوسي تلقاه الله جل جلاله ببلوغ المأمول فإنه روى في جملة ما رواه عن الشيخ الصدوق هارون بن موسى التلعكبري قدس الله روحه ونور ضريحه كلما رواه وكان ذلك الشيخ الصدوق قد اشتملت روايته على جميع الأصول والمصنفات إلى زمانه تلقاه الله جل جلاله برضوانه.
فقال جدي أبو جعفر الطوسي تلقاه الله جل جلاله ببلوغ الآمال في أواخر كتابه الذي صنفه في أسماء الرجال ما هذا لفظه هارون بن موسى التلعكبري يكنى أبا محمد جليل القدر عظيم المنزلة واسع الرواية عديم النظير ثقة روى جميع الأصول والمصنفات مات سنة خمس وثمانين وثلاثمائة أخبرنا عنه جماعة من أصحابه.
ثم رويت بعدة طرق عن جدي أبي جعفر الطوسي كل ما رواه محمد بن يعقوب الكليني وكلما رواه أبو جعفر محمد بن بابويه وكلما رواه السعيد المفيد محمد بن محمد النعمان وكلما رواه السيد المعظم المرتضى وغيرهم ممن تضمن الفهرست وكتاب أسماء الرجال وغيرهما رواية جدي أبي جعفر الطوسي عنهم رضوان الله جل جلاله عليهم وضاعف احسانه إليهم.
أقول فمن طرقي في الرواية إلى كلما رواه جدي أبو جعفر الطوسي في كتاب الفهرست وكتاب أسماء الرجال وغيرهما من الروايات ما اخبرني به جماعة من الثقات منهم الشيخ حسين بن أحمد السوراوي إجازة في (جمادى الأخرى) سنة تسع وستمأة قال اخبرني محمد بن أبي القاسم الطبري عن الشيخ المفيد أبى على وعن والده جدي السعيد أبي جعفر الطوسي.
أقول ومن طرقي ما اخبرني به الشيخ على بن يحيى الخياط
صفحة ١٤
الحلي إجازة تاريخها شهر ربيع الأول سنة تسع وستمأة قال أخبرنا الشيخ عربي بن مسافر العبادي عن محمد بن أبي القاسم الطبري عن أبي على عن والده جدي أبى جعفر الطوسي.
أقول ومن طرقي في الرواية ما اخبرني به الشيخ الفاضل أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني في مسكني بالجانب الشرقي من بغداد الذي أسكنني بها الخليفة المستنصر جزاه الله جل جلاله عنا جزاء المحسنين في صفر سنة خمس وثلثين وستمأة عن أبي الفرج على بن السعيد أبى الحسين الراوندي عن الشيخ أبى جعفر محمد بن علي بن المحسن الحلبي عن جدي السعيد أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي.
أقول وهذه روايتي عن أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني اشتملت على روايتي عنه للكتب والأصول والمصنفات وبعيد ان يكون قد خرج عنها شئ من الذي أذكره من الروايات.
أقول واعلم أن كتابي هذا لم يكن له عندي مسودة مهياة قبل الاهتمام بتأليفه بل أحضرت الناسخ عندي وشرعت قائمة ثم أسلمها إليه ويكتبها ثم اكتبها كذلك قائمة بعد قائمة وأسلمها إليه وهو يكتب أولا أولا وكان لي اشتغال غير هذا الكتاب تقطعني عن تصنيفه.
ولو لم يكن إلا انني شرعت في تأليفه في شهر رجب وشعبان وشهر رمضان ولهذه الشهور وظايف كثيرة تستوعب أكثر أوقات الانسان وما كنت أقدر على التفرغ لكتابة كراس بعد كراس لأنه كان يبطل من النسخ لو عملت ذلك هذا مع ما كان أيضا يأمرني الله جل جلاله به من قضاء حوائج الناس ولكن الله جل جلاله فتح أبواب القدرة على ما (ينتهى حالنا إليه) ونعتمد عليه من تتمات مصباح المتهجد ومهمات في صلاح
صفحة ١٥
المتعبد فان وجد أحد فيه نقصانا يعذرنا ما ذكرناه من العجلة وضيق الأوقات وان وجد فيه تماما ورجحانا فليشكر الله جل جلاله وحده فإنه جل جلاله الذي وهبنا القدرة على ذلك وفتح عيون الإرادات للمرادات.
أقول وإذا وقفت على كتابنا هذا فلعلك تجد فيه من الهداية إلى جلاله والدلالة على وجوب العناية باقباله وكشف طريق التحقيق لأهل التوفيق ما يدلك على أن هذا ما هو من كسبنا واجتهادنا بل هو ابتداء من فضل المالك الرحيم الشفيق.
فإذا انتفعت بشئ من تلك الأقوال والأعمال فاقتصر على الشكر لله جل جلاله وتعظيم ذلك الجلال ولا تشتغل عنه بذكرى ولا شكري فيكون ذلك اشتغالا منك بالمملوك عن المالك ومخاطرة منك في المسالك وتعرضا للمهالك فإنه جل جلاله قال ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد ابدا وقال جل جلاله وما بكم من نعمة فمن الله وقد تحقق مملوكه مؤلف هذا الكتاب الذي خلقه سبحانه من العدم ونقله إلى القوة بعد الضعف والقلة انه لولا فضل مولاه عليه ورحمته له ما وصل إلى شئ مما وصل إليه مما دله عليه ابدا وان ما به من نعمة فمن فضل ذلك المالك المعبود ومن أبواب الرحمة والجود.
فإذا اتفق المالك والمملوك على صحة هذه الحال فكيف تخالفهما أنت في المقال وتقول انها من فضل المملوك الذي خلق من تراب وطين وحماء مسنون وماء مهين ونطفة وعلقة ومضغة وجنين وراضع ويافع وفى كل الطبقات كان هذا المملوك جاهلا لذاته لولا أن موليه تفضل عليه برحماته ثم تمم ما كان تفضل به وانعم وعلم الانسان ما لم يعلم.
صفحة ١٦
يقول السيد الإمام العالم العامل العلامة الورع رضى الدين ركن الاسلام أبو القاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس ضاعف الله جلاله واقباله.
واعلم انني لما أردت الشروع في هذا الكتاب كان عزمي اثبات ما زاد على المصباح دون نقل شئ من ساير الأسباب فرأيت أن ذلك يكون غير كامل في المراد فعزمت على أن أرتبه كتابا كافيا لمن أراد العمل به من العارفين العالمين بشرف خدمة سلطان العباد العاملين المجتهدين في الاستعداد ليوم المعاد وربما جاء في بعض الدعوات المذكورة مشابهة لفظ أو معنى لأجل ما عرفته من الاسرار المذكورة التي يذكرها خواصه عنه جل جلاله وبإذنه واذن رسوله صلى الله عليه وآله في زمان دون زمان ولانسان دون انسان فنحن نذكرها على ما وجدناها وان تكرر لفظها ومعناها.
وهذه فصول الجزء الأول والثاني من هذا الكتاب اذكرها في أوايله ليعرف المراد فيطلبه على ما هو أقرب إلى الصواب وإذا كان عمل يوم وليلة يشتمل أكثره على صلوات ودعوات فينبغي ان نبدء بطرف من الحث عليهما وعطف أعناق العقول والقلوب إليهما فنقول:
الفصل الأول في تعظيم حال الصلاة وان مهملها من أعظم الجناة.
الفصل الثاني في صفة الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر وشرطها الأكبر.
الفصل الثالث فيما نذكره من فضيلة الدعاء من صريح القرآن.
الفصل الرابع فيما نذكره من اخبار في فضل الدعاء صريحة البيان.
صفحة ١٧
الفصل الخامس فيما نذكره من أن الدعاء ومناجاة الرحمن أفضل من تلاوة كلامه جل جلاله العظيم الشأن.
الفصل السادس فيما نذكره بالعقل من صفات الداعي التي ينبغي ان يبلغ إليها.
الفصل السابع فيما نذكره بالنقل من الصفات التي ينبغي ان يكون الداعي عليها.
الفصل الثامن فيما نذكره من الفوايد بالمحافظة على الاكثار من المناجاة وفضيلة الدعاء للاخوان بظهر الغيب ولأئمة النجاة.
الفصل التاسع في مقدمات الطهارة وصفة الماء الذي يصلح لطهارة الصلاة.
الفصل العاشر في صفة الطهارة بالمعقول من مراد الرسول لكمال القبول.
الفصل الحادي عشر في صفة الطهارة بالماء بحسب المنقول.
الفصل الثاني عشر في صفة التراب والطهارة الصغرى به بعد تعذر الطهارة بالماء.
الفصل الثالث عشر في صفة الطهارة بالماء للغسل عقلا ونقلا.
الفصل الرابع عشر في صفة الطهارة بالتراب عوضا عن الغسل بعد تعذر الطهارة بالمياه واختيار الثياب والمكان للصلاة وما يقال عند دخول المساجد والوقوف في القبلة بما رويناه.
الفصل الخامس عشر فيما نذكره من تعيين أول صلاة فرضت على العباد.
الفصل السادس عشر فيما ينبغي عمله عند زوال الشمس.
صفحة ١٨
الفصل السابع عشر فيما نذكره من نوافل الزوال وبعض أسرار تلك الحال.
الفصل الثامن عشر فيما نذكره من صفة الأذان والإقامة وبعض أسرارهما.
الفصل التاسع عشر فيما نذكره من صفة صلاة فريضة الظهر و بعض اسرارها وجملة من تعقيبها وسجدتي الشكر.
الفصل العشرون فيما نذكره من نوافل العصر وبعض اسرارها.
الفصل الحادي والعشرون في صلاة العصر وما نذكره من الإشارة إلى شرحها وتعقيبها.
الفصل الثاني والعشرون فيما نذكره من دعاء الغروب وتحرير الصحيفة التي أثبتها الملكان وما يختم به لتعرض على علام الغيوب.
الفصل الثالث والعشرون في تلقى الملكين الحافظين عند ابتداء الليل وفى صفة صلاة المغرب وما نذكره من شرحها وتعقيبها.
الفصل الرابع والعشرون في نوافل المغرب وما نذكره من الدعاء بينها وعقيبها.
الفصل الخامس والعشرون فيما نذكره من صلوات بين نوافل المغرب وبين صلاة العشاء الآخرة.
الفصل السادس والعشرون فيما نذكره من صلاة عشاء الآخرة وتعقيبها.
الفصل السابع والعشرون فيما نذكره من صلاة للفرج بعد صلاة العشاء الآخرة.
الفصل الثامن والعشرون فيما نذكره من صلاة لطلب الرزق
صفحة ١٩
وغيرهما من صلاة بعد عشاء الآخرة أيضا.
الفصل التاسع والعشرون في صلاة الوتيرة وما نذكره من تعقيبها.
الفصل الثلاثون فيما نذكره مما ينبغي العمل به قبل النوم وإذا استيقظ في خلال نومه ولم يجلس وهو اخر الجزء الأول أقول الجزء الثاني.
الفصل الحادي والثلاثون فيما نذكره مما ينبغي العمل به إذا جلس من نومه سواء كان ممن يصلى نافلة الليل أم لا.
الفصل الثاني والثلاثون فيما نذكره مما ينبغي العمل به إذا استيقظ من النوم وعمل ما ذكرناه وكان يريد صلاة نافلة الليل وذكر بعض فضلها.
الفصل الثالث والثلاثون فيما نذكره من صلاة وحاجات في الليل ومهمات ودعوات وصلاة ركعتين لمولانا زين العابدين عليه السلام قبل شروعه في صلاة الليل.
الفصل الرابع والثلاثون فيما نذكره من صفة صلاة الليل ومن ادعيتها ودعاء ركعة الوتر وركعتي الفجر الأول.
الفصل الخامس والثلاثون فيما نذكره من توديع الملكين الحافظين وتحرير الصحيفة التي كتباها عليه في الليل.
الفصل السادس والثلاثون في صفة صلاة الصبح وما نذكره من تعقيبها.
الفصل السابع والثلاثون فيما نذكره من دعاء عند النظر إلى الشمس.
الفصل الثامن والثلاثون فيما نذكره من دعاء المهمات إذا بقى
صفحة ٢٠