ثم نهض من ساعته إلى فاطمة بنت أسد رض فلما استودعها النور ارتجت الأرض وتزلزلت بهم سبعة أيام حتى أصاب قريشا من ذلك شدة ففزعوا فقالوا مروا بآلهتكم إلى ذروة جبل أبي قبيس حتى نسألهم يسكنون لنا ما نزل بنا وحل بساحتنا قال فلما اجتمعوا على جبل أبي قبيس وهو يرتج ارتجاجا ويضطرب اضطرابا فتساقطت الآلهة على وجهها فلما نظروا ذلك قالوا لا طاقة لنا ثم صعد أبو طالب الجبل وقال لهم أيها الناس اعلموا أن الله تعالى عز وجل قد أحدث في هذه الليلة حادثا وخلق فيها خلقا فإن لم تطيعوه وتقروا له بالطاعة وتشهدوا له بالإمامة المستحقة وإلا لم يسكن ما بكم حتى لا يكون بتهامة سكن قالوا يا أبا طالب إنا نقول بمقالتك فبكى ورفع يديه وقال إلهي وسيدي أسألك بالمحمدية المحمودة والعلوية العالية والفاطمية البيضاء إلا تفضلت على تهامة بالرأفة والرحمة قال جابر قال رسول الله ص فو الله الذي خلق الحبة وبرأ النسمة قد كانت العرب تكتب هذه الكلمات فيدعون بها عند شدائدهم في الجاهلية وهي لا تعلمها ولا تعرف حقيقتها حتى ولد علي بن أبي طالب ع فلما كان في الليلة التي ولد فيها ع أشرقت الأرض وتضاعفت النجوم فأبصرت من ذلك عجبا فصاح بعضهم في بعض وقالوا إنه قد حدث في السماء حادث ألا ترون إشراق السماء وضياءها وتضاعف النجوم بها قال فخرج أبو طالب وهو يتخلل سكك مكة ومواقعها وأسواقها وهو يقول لهم أيها الناس ولد الليلة في الكعبة حجة الله تعالى وولي الله فبقي الناس يسألونه عن علة ما يرون من إشراق السماء فقال لهم أبشروا فقد ولد في هذه الليلة ولي من أولياء الله عز وجل يختم به جميع الشر ويتجنب الشرك والشبهات ولم يزل يذكر هذه الألفاظ حتى أصبح فدخل الكعبة وهو يقول هذه الأبيات
يا رب رب الغسق الدجي
والقمر المنبلج المضي
بين لنا من حكمك المقضي
ما ذا ترى لي في اسم ذا الصبي
صفحة ٥٦