فبين أن المعجزة تدل على الرسالة والوحدانية، فإذا أثبتت المعجزة أحدها فقد أثبتت الآخر.
إجماع الأمم
ومن الأدلة على وجود الخالق جلا وعلا إثبات الأمم كلها له، وإجماعهم على ذلك، بحيث لم يذهب إلى نقيضه طائفة معروفة من بني آدم اللهم إلا شذاذ وحثالات لا يعتد لمثلهم بخلاف، ولا يؤبه لمثلهم بقول.
وقد ذكر أرباب المقالات ما جمعوا من مقالات الأولين والآخرين في الملل والنحل والآراء والديانات فلم ينقل عن أحد إثبات شريك مشارك له في خلق المخلوقات، ولا مماثل له في جميع الصفات، فضلا عن إنكار الربوبية بالكلية، ولهذا فإن ظاهرة الإلحاد لم تكن فيما مضى إلا شذوذا تخلف به أصحابه عن مواكب العقلاء، وهووا به إلى دركات سحيقة من الضلالة والبهتان.
فقد كفروا بما استكن في الفطر، وتقرر في بداهة العقول، واستفاض في حقائق التاريخ الثابتة والتواتر المضطرد جيلا بعد جيل، فلم يبق عندهم ما نحاكمهم إليه أو نعول في حجاجهم عليه، فضلا عن أنهم لا يملكون على بهتانهم هذا دليلا ولا أثارة من دليل، فالأدلة على بطلان مزاعمهم عدد الرمل والحصى والنجوم، بل عدد ما خلق الله في السماوات والأرض.
فإن حاكمتهم إلى الفطر التي جبلت على الإقرار بخالقها، بحيث لا تملك لذلك دفعا تبين لك ما هم فيه من كفر وعمى.
صفحة ١٢